اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > لمحات من المهزلة

لمحات من المهزلة

نشر في: 4 أكتوبر, 2023: 11:12 م

محمد حميد رشيد

عندما تم تأسيس نافذة بيع العملة(مزاد العملة)من قبل البنك المركزي العراقي في 4/10/2003 سوق له بانه لتحقيق الإستقرار الإقتصادي والسيطرة على الكتلة النقدية وخفض التضخم وتوفيرالسيولة النقدية المحلية.

فهل أستطاعت نافذة العملة خلال العشرين سنة ومن خلال التطبيق العملي تحقيق ذلك هل تحقق الإستقرار الإقتصادي وهل إستقر سعر الدولار أو على الأقل تمت السيطرة عليه أو ولد هاجساً لدى المتعاملين بالدولار؟ وهل تسعيرة الدولار إعلان لفشل النافذة أم هو مكمل لها؟ وما الفرق بينه وبين تعويم العملة وأيهما أفضل وهل نافذة العملة متوافقة مع السياسة المالية للدولة

الغريب أن الإجابة على أغلب هذه التساؤلات ليس لصالح النافذة من قبل أغلب المحللين الإقتصاديين والخبراء بل أصبحت النافذة في وقت من الأوقات نافذة كبرى لتهريب العملة سواء على صعيد البنوك المشاركة أو على صعيد دولي كبير قد يعرض مصالح العراق الإقتصادية للخطر بل يبدو واضحاً عدم وجود تنسيق مسبق بين السياسة المالية والسياسة النقدية يتمثل بإستقلال النافذة عن السياسة المالية للدولة وإرتباطها بالبنك المركزي هو من يقرر حجم الكتلة المالية المتداولة من خلال النافذة (ولا أحد يمكنه حل لغز كيفية تحديد هذه الكتلة؟ وهل تعتمد على طلب البنوك وهي في الحقيقة من تحدد حجم هذه الكتلة وليس السياسة النقدية) وهو الذي يقرر السعر (لذا فلا وجود مزاد فعلي داخل النافذة بل هي نافذة لبيع العملة الأجنبية وابدالها بالعملة المحلية) ويبقى هناك فارق شاسع بين السعر في النافذة والسعر الحقيقي المتداول والمركزي هو الذي يحدد (حصص) البنوك المشاركة بل الأدهى من ذلك قيام وزارة المالية بتسعير الدولار دون أي تنسيق مع نافذة العملة!؛ والحقيقة أن سعر الدولار خارج نطاق سيطرة الدولة لغاية الآن 1/10/2023 ودائماً في مصلحة البنوك الخاصة والتجار الكبار والمهربين!

وبعد كل هذه السنوات الطوال فهل قام البنك المركزي بمراجعة آليات عمل (نافذة العملة) رغم الإعتراضات الكثيرة والمواخذات عليها ليس من الخبراء فقط بل حتى من قبل الجهات الرقابية الرسمية! حتى كادت (القدسية) تنتقل إلى عمل النافذة

فهل تجربة (نافذة العملة) لها مثيلاتها في العالم لكي يتم القياس عليها ليس هناك مثل هذه التجربة العراقية وسبب ذلك هو عدم الحاجة الفعلية لمثل هذه النافذة طالما أن الغالبية العظمى من الدول تعتمد على تعويم العملة الأجنبية (الحرة أو المنضبطة باشراف الدولة) والذي يغني عن النافذة ويغني عن تسعير الدولار الذي فشل فشلاً ذريعاً هو الآخر(يحتاج لنقاش علمي مستقل).

ولعل حجة توفير السيولة المالية من العملة المحلية من خلال بيع الدولار المتأتي من بيع النفط و(لعل) لجاء إلى رفع سعر الدولار محاولة منه للألتفاف على تهريب العملة من خلال مزادها الذي لا يستطيع الوزير إغلاق نافذته الأولى والمفارقة أنهم يبيعون الدولار في النافذة بسعر 1322 دينار ويباع في البنوك وفي نوافذ البيع الاخرى باكثر من 1550 دينار! اي بفرق 228 دينار لكل دولار (واليوم 3/10/2023 أصبح 1557 دينار عراقي)!

فماذا تبقى لمزاد العملة غير توفير العملة المحلية!! فهي فشلت في تحقيق الإستقرار الإقتصادي المنشود (والحقيقة إن ذلك مهمة السياسة المالية) ولم تقف بوجه التضخم بل هو مرهون بسعر الدولار المتداول فعلياً في السوق ولعل النافذة ساهمت في توفير العملة المحلية للحكومة والدولة حتى أصبحت النافذة المورد الأساسي لها ونسينا الموارد الطبيعية الأخرى للنقد المحلي! والتي عجزت الدولة عن السيطرة عليها (بإستسلام غريب!) فضلاً عن أن النافذة أصبحت المورد الأساسي للتهريب وغسيل الأموال وإحتكار الدولار لدى بنوك محدودة (يكفي مراجعة قوائم البنوك الداخلة في نشاط النافذة؟! ستجد اغلبها تابعة لأحزاب سياسية) بل أسهمت النافذة في إضعاف نشاط البنوك والمصارف الرسمية.

يبقى هناك سؤالين كيف يمكن للدولة توفير النقد المحلي وتأمين ميزانيتها التشغيلية من العملة المحلية؟ وكيف يمكن ضبط أسعار الدولارفي السوق المحلية؟وتبعاً لذلك كيف ندعم المستوردين المحليين بالعملة الصعبة بشكل منضبط لا شك إن تامين وتعظيم موارد الدولة (من العملة المحلية) بعيداً عن سياسة تصدير النفط يأتي اولاً عن طريق تعديل آليات وأنظمة عمل الدولة القائم على (الريع النفطي) نحو إقتصاد حر متنوع الموارد وإعتماد نظام (التمويل الذاتي) الذي يهدف إلى تعظيم الموارد وتقليص النفقات وهذا في حد ذاته سيوفر مزيداً من الموارد المحلية وهذا يستدعي محاربة الفساد والتضيق عليه وبالتالي تقليص النفقات وكذلك عدم السماح بالفشل الإداري بالإستمرار تحت ذرائع المحاصصة أو الولاء أوالمجاملات على حساب نجاح الدولة في إدارة مواردها وتوفير الرواتب والأرباح للموظفيين

السعي لضبط الموارد التقليدية للدولة التي يبتلع أغلبها الفساد وعلى رأسها الرسوم والعوائد والضرائب والتحصيل الكمركي ويفترض أنها موارد كافية لإدارة الدولة ومراجعة نظام الضرائب والرسوم والجباية وتحصيل المخالفات؛ تشريع قانون عفو خاص تتم من خلاله (المصالحة عن المخالفات المالية) مقابل غرمات مالية محددة وبنسب معقولة (حسب حجم المخالفة) تستعيد الدولة حقوقها المالية الضائعة (أو نسبة معقولة منها) وخصوصاً الأموال المهربة وكذلك مخالفات نافذة العملة لغرض طي صفحة مظلمة مقابل استعادة الحكومة لبعض حقوقها ومواردها المشروعة ترسيم مخالفات البناء البسيطة بغرمات تحددها طبيعة المخالفة وهي تكاد لا تحصى وأغلبها لا تعلم به الحكومة وهي واقع حال لايمكن تعديلها ومستمرة ويمكن أن تكون بحد ذاتها مورد عظيم (يعالج الكثير منها حالياًعن طريق الفساد والرشاوي) هناك أحياء كبيرة أنشأت بعد وقبل عام 2003م يقطنها مئات الألوف من العراقيين (وتتمتع ببعض الخدمات البلدية) لكنها بنيت تجاوزاً من غير موافقات اصولية ويستحيل على الدولة إزالتها لذا يمكن فرض غرمات معقولة عن طريق إصدار (قانون خاص) يتم فيه المصالحة والعفو عن ملاك الأرض الأصليين الذين قاموا بتقطيع تلك الأراضي وبيعها بدون موافقات رسمية؛ وكذلك عن السكان (الملاك) الحاليين وبموجب (غرامات مالية ورسوم بناء وضرائب) تدفع إلى الدولة لقاء تلك المصالحة وهي مبالغ كبيرة جداً تخدم إيرادات الدولة بشكل مؤثر وتساهم في حل مشكلة عسيرة تشجيع الإنتاج المحلي وحمايته ورعايته خصوصاً في حقلي الزراعة والصناعة وتقليص الإستيرادات قدر الامكان تشجيع الإستثمارات الخاصة العراقية والأجنبية (المحدودة والسريعة) وهكذا هناك الكثير من الموارد معطلة وهي تتضخم بعيداً عن سيطرة الدولة وتضر بها يمكن للدولة الأستفادة منها تشجيع سياسة التمويل الذاتي في الكثير من دوائر الدولة إستثمار الكثير من عقارات الدولة المعطلة والميتة بعيدة عن الصيانة وقريبة من الإهمال والفساد العمل على تأسيس بتوك إستثمارية للأستثمار داخل وخارج العراق...وهكذا فإن موارد الدولة من العملة المحلية لا حدود لها وهي موارد هائلة لا حصر لها

أما بخصوص دعم الإستيرادات المحلية وتقليص ظاهرة التضخم (الذي هو ظاهرة عالمية وليست محلية) فيمكن ضبط ذلك عن طريق تفعيل إجازة الإستيراد بموجب ضوابط تهدف إلى تحديد الإستيرادات وضبطها والتاكد من مصداقيتها والتحكم في كمياتها وفق المقايس العلمية والضوابط المالية وعن طريق المصارف الحكومية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram