اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > أوروبا متخلفة في سباق الذكاء الإصطناعي العالمي

أوروبا متخلفة في سباق الذكاء الإصطناعي العالمي

نشر في: 8 أكتوبر, 2023: 08:59 م

يان مايل لارهير

ترجمة: عدوية الهلالي

مع سيطرة عمالقة التكنولوجيا الأميركيين والصينيين على هذا المجال، يتعين على أوروبا أن تعيد النظر في استراتيجية الذكاء الاصطناعي.فقد أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أنه يجب على أوروبا "ألا تقلل من التهديدات الحقيقية للغاية" للذكاء الاصطناعي، وذهبت إلى حد الإشارة إلى "خطر انقراض" البشرية... ولكن إذا كان الذكاء الاصطناعي يمثل تحديات، فهو أيضًا يوفر فرصا هائلة للمجتمع والاقتصاد.

إن تصوير الذكاء الاصطناعي في الأفلام، والخوف من أنه قد يحل ذات يوم محل الجنس البشري، هو موضوع متكرر في الخيال العلمي.ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن هذه القصص تعتمد عادةً على التخمين والتكهنات الدرامية لخلق التشويق والمكائد.

في الواقع، فإن إمكانية حلول الذكاء الاصطناعي محل الجنس البشري بشكل كامل أمر غير محتمل إلى حد كبير، وهو أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع، كما لاحظت العالمة أوريلي جان إذ تتطور التقنيات، لكن القيم الإنسانية والإبداع والتعقيد تظل غير قابلة للاستبدال. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن معظم خبراء ومنظمات الذكاء الاصطناعي يعملون بالفعل على تطوير معايير أخلاقية وآليات مراقبة لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول ومفيد للمجتمع.

ومن الممكن أن تستمر وجهة النظر المثيرة للقلق في عرقلة تطوير وتبني الذكاء الاصطناعي في أوروبا.ومع ذلك، فإن الاستثمارات في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي في أوروبا أقل بالفعل من تلك التي تتم في الولايات المتحدة والصين.لقد ضخت شركات التكنولوجيا الأمريكية والصينية العملاقة مبالغ ضخمة من المال في مجال الذكاء الاصطناعي، مما منحها السبق. لأنه على عكس الولايات المتحدة، التي تعد موطنا لعمالقة التكنولوجيا مثل جوجل وفيسبوك وأمازون، والصين، حيث تهيمن شركات مثل علي بابا وتينسنت، لم تنتج أوروبا شركات تكنولوجية كبيرة ورائدة على مستوى العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، باستثناء ATOS، التي يقودها لفترة من الوقت تييري بريتون، المفوض الأوروبي الحالي (وخاصة المسؤول عن الشؤون الرقمية) الذي ينبغي لنا أن نأمل في إحراز تقدم فيه.

ويفضل الاتحاد الأوروبي بكل حزم اتباع نهج معياري في التعامل مع المسائل الرقمية، وهو ما لا يخلو من فرض مخاطر اقتصادية وديمقراطية جديدة. ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى تنظيم ممارسات التقنيات الرقمية من أجل تعزيز مجتمع مفتوح وديمقراطي يجعل من الممكن حماية المواطنين والمستهلكين الأوروبيين.ومع ذلك، ولإنشاء الذكاء الاصطناعي، فأنت بحاجة إلى قوة الحوسبة، وهي مسألة مال، والوصول إلى المواهب، وهي مسألة تعليم، وبيانات لتدريب الخوارزميات، وهذه على وجه الخصوص مسألة اللائحة العامة لحماية البيانات. فعندما تخضع الشركات لأنظمة صارمة وضوابط مفرطة، يصبح لديها حافز أقل للابتكار.

في 15 حزيرانأعلن إيمانويل ماكرون خلال معرض فيفاتيك التجاري في باريس أن "السيناريو الأسوأ هو أن تستثمر أوروبا أقل بكثير من الأميركيين والصينيين، ولكن أن تبدأ بوضع القواعد التنظيمية".ومع ذلك، فإن هذا السيناريو أصبح الآن حقيقة واقعة.

ومن المؤكد أن التنظيم ضروري لضمان سلامة وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ولكن أوروبا لديها بالفعل العديد من المعايير. وربما تكون اللوائح الصارمة المفرطة في أوروبا قد أعاقت بالفعل الابتكار وتطوير الذكاء الاصطناعي مقارنة بدول مثل الولايات المتحدة، حيث يكون النهج في كثير من الأحيان أقل تقييدا على أساس المبادئ بدلا من قواعد محددة لكل موقف.ومن خلال التركيز على المخاطر المباشرة، تخاطر أوروبا بخسارة فرص قيمة للتنمية التكنولوجية والإبداع والقيادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.وفي النهاية، وبدون التمكن من التكنولوجيا، قد يؤدي هذا التنظيم المتزايد باستمرار إلى جعلها أكثر اعتماداً.

ويجب على الحكومات والشركات والجامعات أيضًا أن تعمل معًا بشكل وثيق لدفع ابتكارات الذكاء الاصطناعي.ويشمل ذلك تمويل المشاريع البحثية المتطورة وتدريب الباحثين وإنشاء مراكز التميز في الذكاء الاصطناعي. وتمثل أنظمة الذكاء الاصطناعي فرصًا هائلة من خلال تمكين تحليل كميات كبيرة من البيانات للتنبؤ بالاتجاهات واتخاذ القرارات بناءً على هذه البيانات في الوقت الفعلي وتحسين العمليات.ففي مجال الرعاية الصحية، على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتشخيص الأمراض وتخصيص العلاجات الطبية ومراقبة المرضى عن بعد ومساعدة المتخصصين في الرعاية الصحية على اتخاذ قرارات أكثر استنارة.وفي التعليم، يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا تحسين التعلم من خلال توفير محتوى تعليمي مخصص.

إن إتقان الذكاء الاصطناعي يعني بالفعل القدرة على فرض معاييرك، وبالتالي رؤيتك للعالم.وبدلاً من إرهاق أنفسنا بإعادة اختراع مبادئ موجودة بالفعل، والتي لن تكون فعّالة بالضرورة دون التمكن من التكنولوجيات، فإن رفع مستوى الوعي على نطاق واسع بين الساسة وعامة الناس يشكل ضرورة أساسية. ومن الملح إزالة الغموض عن الذكاء الاصطناعي والسماح لنا بشكل جماعي بفهم تحديات هذا التخصص. ويتعين علينا أيضًا أن نستثمر بكثافة في التدريب لزيادة عدد المهندسين والباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي المتخرجين من مدارسنا وجامعاتنا الكبرى. باختصار، حان الوقت لدعوة أوروبا إلى التحرك حتى يتسنى للأوروبيين أن يتقبلوا الذكاء الاصطناعي باعتباره فرصة اقتصادية بدلا من تأجيج الخوف من تهديد وجودي جديد.

خبير في المجال الرقمي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram