 بغداد/ تميم الحسن

تقع بغداد بين خطرين فيما لو مضت بعيدا في علاقتها مع موسكو واستمرار الخطابات المعادية لاسرائيل وواشنطن.

وعاد الحديث مع وصول محمد شياع السوداني رئيس الوزراء، الى موسكو، مجدداً عن شراء اسلحة روسية.

وكانت واشنطن قد هددت قبل عدة سنوات بـ"معاقبة بغداد" فيما لو قررت الاخيرة شراء منظومة دفاعية من روسيا.

وعلى الجانب الاخر اخذت تهديدات الفصائل تتصاعد ضد اسرائيل، فيما نشرت قيادات في الحشد صور تواجدها في دولة عربية قرب حدود اسرائيل.

وتشير تسريبات وصلت (المدى) الى وجود ضغوطات من الاطار التنسيقي على السوداني لشراء منظومة "اس 400" من روسيا.

والتقى السوداني اول امس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد ساعات من وصول الاول الى موسكو في زيارة تستمر يومين.

لكن حتى الان لم تعلن بغداد توقيع اي اتفاقيات سوى مذكرة تفاهم واحدة بخصوص اعادة "الأموال المهربة".

وفي 2018 احرج وزير الخارجية الاسبق ابراهيم الجعفري حكومته، حين قال إن العراق ينوي شراء منظومة صواريخ روسية، بعد يومين من نفي بغداد الخبر.

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية انذاك قد حذرت السلطات العراقية ودولا أخرى من تبعات عقد صفقات لشراء أسلحة روسية، وذلك وفقا لقانون مواجهة أعداء أمريكا عبر العقوبات AATSA)). وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد وقع في ذلك العام، قانون "مواجهة أعداء أمريكا عبر العقوبات" الموجه ضد روسيا وإيران وكوريا الشمالية.

وسلاح " S-400 تريومف" هو أحدث نظام صواريخ مضادة للطائرات بعيدة المدى في روسيا، وهو مصمم لتدمير الطائرات وكذلك صواريخ كروز وصواريخ باليستية، بما في ذلك صواريخ متوسطة المدى.

ويستخدم السلاح أيضا ضد الأهداف الأرضية، ويصل نطاق S-400 الى 400 كيلومتر، وهي صواريخ قادرة على تدمير الأهداف على ارتفاع 30 كيلومتراً، وفق ما تقوله مواقع إخبارية روسية. ويأتي الحديث عن العقوبات الامريكية مع اعلان السوداني خلال لقائه بوتين عن "موقف العراق الثابت إزاء القضية الفلسطينية، الذي يؤكد حقّ الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة وعدالة". ودعا السوداني، وفق بيان من مكتب الاخير "روسيا إلى التحرك العاجل مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لإيقاف الاعتداءات المستمرة على الأراضي الفلسطينية".

بالمقابل قال الرئيس الروسي في تصريحات متداولة تعليقا على الاحداث في غزة "هذا مثال واضح على الفشل الواضح لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط ومحاولة التلاعب بأية تسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين". وتتبنى واشنطن سياسة مؤيدة لـ"تل ابيب" في الحرب ضد حركة حماس، في وقت وصلت فيه حاملة طائرات امريكية الى اسرائيل وأخرى تتحرك للمنطقة. وامس نشر الجيش الإسرائيلي صور وصول أول طائرة تحمل ذخيرة أميركية.

وقال الناطق العسكري الإسرائيلي إن الحمولة "ستسمح بتنفيذ ضربات كبيرة، كما أنها تأتي استعدادا لسيناريوهات أخرى".

ويتوقع ان تستهدف اسرائيل فصائل عراقية على الحدود مع سوريا او في داخل الاراضي العراقية. واول امس نشرت مواقع قريبة من الجماعات المسلحة صورا قالت بانها تعود لـ"ابو آلاء الولائي" وحسن الكعبي زعيمي كتائب سيد الشهداء وحركة النجباء -ضمن فصائل الحشد- وهم في لبنان قرب الحدود مع اسرائيل.

وبعد ساعات اعلن حزب الله في لبنان تبني هجوم على مناطق اسرائيلية، فيما هددت كتائب حزب الله في العراق باستهداف القواعد الامريكية في العراق والمنطقة في حال تدخلها في المعركة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.

والكتائب كانت قد تعرضت الى هجوم في 2018 في بلدة القائم الحدودية، قال الحشد حينها انه نفذ بـ"طائرات اسرائلية" و تسببت بمقتل مسؤول الصواريخ في الفصيل.

وجاء تهديد الكتائب المتواجدة نسخة منه في سوريا، خلال اطلاق صواريخ من سوريا باتجاه الجولان التي تقع تحت سيطرة اسرائيل.

وفي 2021 زعمت "أصحاب الكهف"، وهي -مجموعة عراقية تدعي المقاومة ويعتقد بانها واجهة لفصائل معروفة- أنها أطلقت خمسة صواريخ على منطقة "يسود همّعلا" في شمال شرق إسرائيل بالقرب من الجولان.

وفي نفس العام نشر "أبو عزرائيل"، وهو مقاتل بارز في كتائب الإمام علي- احد فصائل الحشد- تدوينة قال فيها ان جماعتي كتائب سيد الشهداء (احد فصائل الحشد) وحركة النجباء تحشدان متطوعين من أجل فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل. وأضاف أنه سبق وتم إرسال بعض المقاتلين، في اشارة الى سوريا.

وفي شباط الماضي، قالت صحيفة واشنطن بوست، إن إيران وبمساعدة مليشيات عراقية "هَرَّبَت أسلحة إلى سوريا داخل مساعدات إنسانية إثر الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا".

وكان زعماء الفصائل وقيادات الإطار التنسيقي قد ابديا موقفا مؤيدا لـ(طوفان الاقصى)، وهو اسم العملية التي أطلقتها حماس ضد اسرائيل السبت الماضي.

وامس دعا ما يعرف بوزير الصدر صالح العراقي، القريب من زعيم التيار، أنصار الاخير الى ارتداء الكفن الأبيض "لترعبوا الاعداء".

وكان الصدر قد دعا الى مليونية غدا الجمعة في ساحة التحرير، وسط بغداد، "نصرة لفلسطين"، قبل ان يعلن استعداده لارسال مياه الشرب الى غزة. في غضون ذلك حذر احسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي من "تداعيات ليست في مصلحة الحكومة اذا تصاعدت العلاقة بين بغداد وموسكو".

ويقول الشمري في مقابلة مع (المدى) ان زيارة السوداني الى روسيا مهمة "لاظهار شخصية رئيس الوزراء وحكومته بانها ثابتة على مبدأ التوازن في العلاقات الخارجية".

اضافة الى ان "الحكومة تتماهى مع سياسات دول المنطقة مثل السعودية التي وازنت في علاقتها وتقاربت مع روسيا باعتبارها دولة تنخرط بشكل كبير في الشرق الاوسط".

ويرى الشمري، ان السوداني لديه رغبة بدعوة الشركات الروسية للاستثمار في مجال الطاقة والمجالات الاخرى مع رفض دول اخرى.

لكنه بالمقابل اكد، بان تعزيز العلاقة مع موسكو "سنكون له تأثيرات اذا ترجمت الى اتفاقات بين الدولتين خصوصا في المجال العسكري".

وعن تصريحات السوداني الاخيرة خلال لقاء بوتين، قال الشمري "ستكون هذه التصريحات محل استفهام واستفزاز من واشنطن التي تقترب من الصدام مع روسيا".