 المدى/ مصطفى منير

اقنع (م.ع) زوجته بالسفر معه الى أربيل وبيع كليتها لعصابات الاتجار بالبشر بمبلغ 14 مليون دينار عراقي، حتى يتمكن من شراء منزل في احد الأقضية التابعة لمحافظة واسط. يقول أخ الضحية، احمد محسن، في حديث لـ (المدى)، إن "(م.ع) أقنع اختي ببيع كليتها، وللوهلة الأولى تراجعت واتصلت بنا حتى تمكنا من الالتحاق بها والعثور عليها في احدى مناطق أربيل، حيث قمنا بالإبلاغ عن زوجها لينال جزاء فعله الشنيع".

تجارة واستغلال

يصف رئيس الجمعية النفسية العراقية، قاسم حسين صالح، ظاهرة الاتجار بالبشر، بـ"الأرضة التي تنخر المجتمع من الداخل، والفايروس الذي يصيب الضمير الأخلاقي والديني فيخدره او يميته"، معتبراً إياها بـ "اكبر مهدد للإنسانية على مستوى العالم بعد ان اصبحت ثالث تجارة بعد تجارة المخدرات والسلاح".

ويقول صالح في حديث لـ (المدى) إن "الاتجار بالبشر، أسبابها معروفة كالفقر والحرمان، ولكن اخطرها ثقافة (الأنومي) التي تعني غياب المعايير الاجتماعية وشيوع ثقافة جديدة مستحدثة وقناعات تتيح لتجار البشر اضفاء صفة الشرعية المبررة واستغلال الحالة النفسية لملايين الناس الذين يعانون من القهر والحرمان وقساوة العيش لتوصلهم الى مبرر الضرورات تبيح المحظورات".

ويتابع أن "المحظور ليس فقط بيع الكلى، او عضو اخر في الجسم، لكنه يتعداه الى بيع طفل وزواج فتاة لم تكمل الثالثة عشر من عمرها واغتصاب امرأة وغيرها من جرائم الاتجار بالبشر".

متاجرة وبيع

انتشار ظاهرة الاتجار بالبشر بدأت في العراق بعد عام 2003 بأشكالها المختلفة منها استغلال الأطفال للتسول وإجبار النساء على العمل في شبكات الدعارة وتجارة الأعضاء البشرية، نتيجة لذلك قرر البرلمان العراقي عام 2012، اقرار قانون الاتجار بالبشر رقم (28) لسنة 2012 والذي عرفه انه "تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم، بوساطة التهديد بالقوة أو ‏استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا ‏لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر، بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو ‏السخرة أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب الطبية".

فقر وأسباب

ويكمل رئيس الجمعية النفسية العراقية حديثه، أن "من أقوى اسباب هذه الظاهرة هو وصول عدد الفقراء في العراق الى 13 مليون نسمة بحسب إحصائيات وزارة التخطيط"، داعياً الى "عقد ندوات توعية للفئات المستهدفة من عصابات الاتجار بالبشر تركز على احياء الشعور باحترام حقوق الإنسان".

في السياق ذاته، يقول مدير مكتب بغداد لمفوضية حقوق الانسان، وسام الربيعي في حديث لـ (المدى)، إن "المفوضية احدى الجهات الرقابية في اللجنة المركزية لمكافحة الاتجار بالبشر التي يرأسها وزير الداخلية، وتقوم بتأهيل ضحايا جرائم الاتجار بالبشر عن طريق الورش والدورات". ويضيف أن "اللجنة المركزية قامت بإعداد خطة ستراتيجية لمدة 5 سنوات لمكافحة الاتجار بالبشر وأجرت تعديلات طفيفة في بعض بنود قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012، لغرض مناقشته في مجلس الوزراء".

جرم مشهود

يقول العميد حسين التميمي، مدير مكافحة الجريمة المنظمة في وزارة الداخلية، في حديث لـ (المدى)، إن "شبكات الاتجار بالبشر تستغل الفئات المجتمعية من ذوات الدخل المحدود، من خلال إغوائهم بمبالغ مالية وبيع أعضائهم البشرية من الكلى او ما شابه ذلك". ويتابع التميمي، أن "مديرية مكافحة الجريمة المنظمة تمكنت من القاء القبض على 450 متهماً بتجارة الأعضاء البشرية وأكثر من 750 متسولاً، خلال العام الحالي 2023، وفق القوانين المناطة بها".

ويضيف أن "العصابات التي تتاجر بالأعضاء البشرية يتم الكشف عنها من خلال المصادر السرية لدى المديرية، فضلاً عن اختراق المديرية الشبكات الإجرامية في مواقع التواصل الاجتماعي، وتعاون المواطنين في الإبلاغ عنهم"، مستدركاً أن "القوات الأمنية تقوم بعد استحصال الموافقات القضائية بعمليات ضبط هذه العصابات بالجرم المشهود".