 ترجمة / حامد أحمد

حذر كاتب وصحفي ايرلندي مغامر خلال رحلة طويلة قام بها بصحبة فريق معه في قارب من منبع نهر دجلة عبر جبال تركيا قاطعا شمال شرقي سوريا وعبورا الى العراق مارا بعدة مدن على ضفتيه منها الموصل وبغداد من ان هناك تنبؤات تنذر بتناقص مناسيب المياه فيه مستقبلا الى حد كبير وان مياه النهر قد تجف بحلول العام 2040 قبل ان تصل الى مصبها الاخير في شط العرب.

وكان المغامر الصحفي الايرلندي، ليون ماكارون، الذي قام برحلته الاستكشافية لنهر دجلة عام 2021 في قارب مرورا بمدن تاريخية مثل ديار بكر والموصل وبغداد، التقى خلالها بصيادي اسماك وفنانين ونشطاء وعلماء آثار وشبكة من اشخاص غرباء آخرين ساعدوه في الوصول الى آخر مصب النهر عند الخليج، قد ادرج تفاصيل رحلته تلك في كتاب صدر له في نيسان حمل عنوان "دجلة الجريح" تروي قصة ما قد تتعرض له الإنسانية في حال فقدان مثل هكذا نهر عظيم وما يمكن فعله من اجل إنقاذه.

الان وبينما يستعد الكاتب الأيرلندي ليون للتحدث عن رحلته المميزة هذه في محاضرة عند الجمعية الأسكتلندية الملكية للجغرافيا في مدينة كيركيدلي الأسكتلندية، فقد ذكر في لقاء له مع صحيفة، ايفيننغ تليغراف، البريطانية ان "الكارثة البيئية المتوقع ان يواجهها النهر ينبغي ان تكون تنبيها للعالم".

ومضى الكاتب بقوله إن "هناك في الواقع التحديات المترتبة على سوء الإدارة لملف المياه، وهناك عدة سدود تم بناؤها عند منابع النهر في تركيا، وهذا ما يعطيها إمكانية السيطرة على كمية المياه المتدفقة في مجرى النهر الذي يمر بسوريا ومن ثم الى العراق، في وقت ليست هناك اتفاقية مشتركة بين هذه البلدان الثلاثة تتقاسم بها الحصص المائية".

ويشير الكاتب الى ان هناك سدود تم بناؤها في ايران أيضا على بعض الروافد الكبرى التي تصب في نهر دجلة، اما في العراق فهناك اهمال لما يتعلق بمجاري الأنهر ومنظومات ري قديمة مع سوء إدارة وغياب لأية محاولات جدية لتعزيز حماية هذا النهر، فالنفايات من أي نوع كانت يتم رميها على حافتي النهر.

ويضيف ليون بالقول "ولكن عندنا في الجانب الآخر تبعات التغير المناخي التي تجعل من الجو اكثر تقلبا واضطرابا ويزيد من جانب التصحر في الجنوب، ويشير قسم من التوقعات الى انه خلال العشر سنوات القادمة، او بحلول العام 2040 على اقل تقدير، فان مجرى النهر لن يعود قادرا على الوصول الى الخليج، وهذا شيء يدعو للصدمة حالما يتم التفكير به، وهو النهر الذي نشأت على ضفافه اعرق الحضارات والآن مهدد بالجفاف".

يقول ليون انه زار العراق اول مرة عام 2016 حيث كانت تجري معارك لتحرير الموصل من قبضة داعش، وقد زار منطقة كردستان حيث الجبال وقام برحلة سير على الاقدام بين تلك الجبال وفكر بمشروع اجراء رحلة عبر نهر دجلة، مشيرا الى انه تعلم اكثر عن المنطقة وتاريخ الحضارة الذي يمتد لـ 12 الف عام والتي ازدهرت على هذا النهر حيث كُتب اول حرف فيها وسُن اول نظام قضائي وانشئت فيها أولى الجامعات.

ويمضي الكاتب الايرلندي بالقول "الناس المتواجدون على طول النهر يعرفون بان مسار حياتهم في تغير. ويعرفون أيضا بأنهم قد لا يستطيعون السباحة فيه بسبب تلوث مياهه، وقد لا يستطيعون صيد الأسماك فيه او لا يستطيعون سقي محاصيلهم منه كما اعتادوا في السابق".

ويشير الكاتب ليون الى انه مع كل تلك التحديات ظهر هناك في العراق عدد من منظمات المجتمع المدني ومجاميع نشطاء البيئة المعنية بالحفاظ على البيئة، وانه استعان في رحلته النهرية بعدد من أعضاء هذه المجاميع الذين هم في الثلاثينيات من العمر مقاربا لعمره، وكرسوا حياتهم لحماية البيئة والانهار وتوثيق حالات التلوث وتوثيق أشياء كثيرة أخرى.

ويقول ليون ان الحكومة يجب ان يكون لها موقف إزاء ما يتعرض له النهر، مشيرا الى ان الحكومة العراقية تلقي بكل تبعات مشاكل المياه على بلدان الجوار، تركيا وايران، وما يبنيانه من سدود، وهذا هو رأي الناس المحليين أيضا. هذا صحيح ان ذلك يشكل جزءا كبير من المشكلة. وإذا سألت أي شخص محلي يعيش قرب النهر يقول ان سبب شح المياه هي تركيا او إيران.

ويؤكد انه في الوقت الذي يتعرض له هذا النهر الذي نشأت على ضفافه أقدم الحضارات لخطر الموت، فان هناك املا أيضا بإحيائه فهو لم يمت بعد ولكنه على حافة الهلاك ويجب اتخاذ إجراءات جذرية للحيلولة دون وقوع ذلك.

• عن صحيفة إيفيننغ تليغراف