TOP

جريدة المدى > عام > د. حبيب ظاهر العباس: الصناعة والعزف والموهبة أسهمت في إبراز وتميز ودور آلة العود في العراق

د. حبيب ظاهر العباس: الصناعة والعزف والموهبة أسهمت في إبراز وتميز ودور آلة العود في العراق

نشر في: 16 أكتوبر, 2023: 10:26 م

يرى أن ابرز المشكلات التي تواجه الباحث عند تناوله الموسيقى العراقية هي الحاجة لتوثيق تاريخها

حاوره: علاء المفرجي

- 1 -

د. حبيب ظاهر العباس يحمل شهادة الدكتوراه في الموسيقى من جامعة القاهرة، و له مؤلفات كثيرة في الموسيقى، كما انه عمل مديرا عاما لديوان وزارة الثقافة العراقية،

وهو عضو المجلس التنفيذي ثم رئيسا للمجمع العربي الموسيقي، كما عمل مديرا عاما لدار الشؤون الموسيقية. لم يكن هناك أشمل وأفضل تقديم لهذه الشخصية الموسيقية العراقية والعربية، مما كتبه قارئ المقام الكبير حسين الأعظمي، بحق العباس، في يومياته التي نقتطع منها ما يأتي:

لم تتوطد علاقتي بأخي العزيز وصديقي العتيد حبيب ظاهر العباس المحياوي الا في مطلع الثمانينات من القرن العشرين رغم تعارفنا سابقاً في مطلع سبعينات القرن العشرين..! حيث كان حبيب من طلبة الدورة الاولى عند تأسيس معهدنا الاثير (معهد الدراسات النغمية العراقي) والعام الدراسي الاول (1970-1971).والذي قدِّر لهذا الاخ والصديق العزيز حبيب ظاهر العباس ان يلعب دورا كبيرا في مسيرة هذا المعهد منذ ثمانينات القرن العشرين..!

كما قلت سابقا، فقد انتميتُ الى المعهد اعتبارا من دورته الرابعة، وبتُّ طالبا من طلبة المعهد قبل انتصاف العقد السبعيني. ومن هنا بدأتْ علاقتي بأخي حبيب تأخذ مجراها الطبيعي رويدا رويدا ونحن لم نزل طلبة في المعهد..! حتى استقرت بمجرى أكثر قرباً وصداقة وعمقاً عندما نُـقلتْ خدماته الوظيفية في السنوات الاولى من عقد الثمانينات الى دائرتنا الموسيقية (دائرة الفنون الموسيقية) التي يرأسها الموسيقار الراحل منير بشير. فقد تخرج الاستاذ حبيب ظاهر العباس من المعهد في العام الدراسي (1976-1977) وهو يعمل في هذه الاثناء في النشاط المدرسي بوزارة التربية. حتى استقر به المقام في دائرة الفنون الموسيقية ناقلا خدماته اليها وعلى الملاك الدائم فيها منذ النصف الاول من عقد الثمانينات. وخلال كل هذه الفترة من ثمانينات القرن العشرين حتى نهاية المطاف بنا والظروف المختلفة التي مرت ببلدنا العراق، ومن ثم تقاعدي مبكرا وتقاعده بعدئذ، لعب أخي حبيب ظاهر العباس دورا كبيرا ومهما في مسيرة المعهد والدائرة على حد سواء..! فقد شغل عدة مواقع ادارية في اقسام دائرة الفنون الموسيقية، لعل اهمها ادارة معهد الدراسات الموسيقية اكثر من مرة. وقد عاصر ذلك وجود الفنان الراحل الاستاذ حسين قدوري الذي عمل مع الموسيقار الراحل منير بشير في الادارة والانتاج الموسيقي منذ سنوات عودة منير بشير الى العراق مطلع السبعينات..! وكان الاستاذ حسين قدوري قد تعاون كثيرا مع حبيبنا حبيب ظاهر العباس وتناوب معه اكثر من مرة ادارة بعض اقسام الدائرة واهمها كما قلت ادارة معهد الدراسات النغمية العراقي، اللذيْنِ سارا بالمعهد الى بر الامان..!

منذ مطلع التسعينات من القرن العشرين وبدء الحصار الظالم على بلدنا الذي فرضه المعتدون الغادرون على بلدنا العراق وحتى احتلاله عام 2003. كان الاستاذ حبيب موجود بقوة في مسيرة دائرة الفنون الموسيقية بين ادارة قسم من اقسامها والاشراف على الاعمال الفنية التي تنتجها الدائرة..! وفي ظروف صعبة للغاية واكثر صعوبة من ذي قبل..! قدِّر لاخي وصديقي حبيب ظاهر العباس ان يشغل الادارة العامة لدائرة الفنون الموسيقية في سنوات ما بعد احتلال بلدنا العزيز العراق عام 2003. لفترتين قصيرتين جداً. حيث تناوب على ادارة دائرة اخرى من دوائر وزارة الثقافة الى ان احيل على التقاعد لبلوغه السن القانوني للتقاعد..! ولكنه رغم تقدمه في العمر وخلال الفترة قبل تقاعده، استطاع ان يحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من جامعة القاهرة بجهود رائعة وجبارة.

أظنك تلاحظ حجم الاهتمام الشعبي للفرقة السمفونية الوطنية العراقية، في أخبارها وحفلاتها، لكننا مازلنا نشكو من أمر تطويرها وإدامة وجودها فنيا ومكانة. ما لسبب في ذلك برأيك؟

يعد حجم الاهتمام الشعبي بالأوركسترا السمفونية الوطنية العراقية، في أخبارها وحفلاتها ظاهرة تنم عن يقظة ثقافية ناشطة مصممة على الرقي بالموسيقى العراقية إلى مصاف موسيقى العالم، فضلاً عن انها تشير إلى نشر مفاهيم موسيقية جديدة تستحق المدح والثناء والوقوف عندها، وبالتالي فهي حآلة صحية تؤشر إلى الاهتمام بهذه الفرقة التي تمخضت عن مجاميع موسيقية من خريجي معهد الفنون الجميلة وتلك ولادة ثقافية جديدة في الحياة الموسيقية في العراق، والتي مرت بمراحل عدة لا يتسع المقام هنا للوقوف على تفاصيلها، ومما يذكر ان هذه الفرقة اكتسبت في عام 1959 صفة رسمية بعد ان ارتبطت بوزارة الارشاد آنذاك، وفي عام 1973 تعزز انتماءها بالدولة اكثر عندما ارتبطت بدائرة الفون الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة، التي عجزة عن معالجة النقص الحاصل في بعض المستلزمات الفنية التي تسهل تنفيذ اعمالها، فضلاً على الضعف الذي اصاب كادرها. واليوم بعد ان غادر من غادر من العازفين في الفرقة بين أجنبي ومهاجر وبين من يبحث عن فرصة عمل أفضل، وبرغم هذا النقص الحاصل في اعضائها استطاعت الفرقة ان تواكب مسيرتها وتستمر في تقديم اعمالها داخل العراق وخارجه وتحيي حفلاتها بصورة منتظمة من خلال موسمها السنوي وتقدم فيما تقدمه من مقطوعات لمختلف العصور الموسيقية، اضافة إلى مقطوعات موسيقية لمؤلفين عرب وعراقيين.

هل لك ان توجز لنا أهم السمات والتحولات التي ميزت الموسيقى العراقية استنادا إلى مراحل تطورها خلال المئة عام المنصرمة؟

لا بد لي هنا ان اذكر انني قمت في العام 2013 بتأليف كتابي الموسوم (منهل المتسائل عن الموسيقى واخبار الغناء في العراق " القرن العشرين")، وهكذا عقدت العزم بثقل وأمانة وشددت الرحال بجهد ناشط، للتجوال في رحلة سُحت بها في رحاب الموسيقى العراقية، خلال المئة عام المنصرمة بعد أن ارتويت من اهم المصادر التاريخية، مثلما اقتبست ما كنت أراه مفيداً لأسكبه في الفضاء ذاته. ونحن نوجز هنا أهم السمات والتحولات التي ميزت الموسيقى العراقية استنادا إلى مراحل تطورها خلال المئة عام المنصرمة، يحيلنا سياق الحديث إلى رصد الظروف ألاجتماعية والفنية والمتغيرات التي لامست البيئة البغدادية والتصقت بالحياة الاجتماعية في ادق تفاصيلها. والمتتبع لتاريخ العراق الحديث، والظروف التي مر بها، يلمس وبدون عناء، أن بغداد استعارت في عشرينيات القرن الماضي وما تلاه بعضاً من ليالي بني العباس الضاربة في الانس، وبأجواء مشحونة بالطرب وما يدور فيه. ومع إطلآلة العقد الثالث من القرن العشرين، بدأت بغداد بجمالها الأخاذ وسحرها المدهش، تعلن عن حياة نابضة بالجمال، وهي ترفل بالأمن والاستقرار على نحو نسبي، حيث المقاهي التي كانت أبوابها مفتوحة وهي تحتضن أمسيات موسيقية وثقافية متنوعة بأجواء يعتريها الحب والتسامح، ومثلها الملاهي التي انتشرت في كل حدب وصوب وهي تسهر وتغفو مع إطلآلة الفجر، لتهيئ لزبائنها كل أفانين الموسيقى والعناء والمتعة واللهو وتنتقل من غاية إلى غاية اخرى، فضلاً عن الحانات التي تضج وتعج بزبائنها، لتفتح ابوابها تباعاً لتخرج مخموريها وعشاق لياليها وهي تصافح الشمس. وفي خضم هذه الأجواء، يمكن تلمّس بوادر بروز الطبقة الوسطى التي كانت نخبها منفتحة على نحوٍ عام صوب الفن والغناء. وإلى جانب هذه الأجواء، التي شاع فيها انتشار الاسطوانات ومحتوياتها ودور السينما وصالاتها، بادر بعض المهتمين بالموسيقى والغناء إلى افتتاح معاهد موسيقية، وفي أوائل الثلاثينيات حاول كل من " صالح الكويتي وأخوه داود الكويتي " بفتح معهد لتعليم الموسيقى، وكانت هذه المحاولة أكثر مطاولة وأوفر حظاً من المحاولات التي سبقتها. ولن نجافي هنا دور الموسيقى العسكرية في تحريك الواقع الموسيقي، إذ انبثقت فكرة إحداث جوق موسيقي عام 1922، اما الآلات الموسيقية المتيسرة لديهم، فهي الطبول الصغيرة والكبيرة والصنوج والأبواق المختلفة. ومما يذكر ان هذا الجوق كان يقيم حفلات موسيقية في مقهى " البلدية " بملابس مزركشة يرتديها العازفون والطبالون والبواقون وآلاتهم النحاسية اللماعة. ويدعى لهذه الحفلات وجهاء البلد آنذاك. وتجدر الإشارة هنا إلى النتائج الموفقة التي عاد بها الوفد الرسمي العراقي الذي أرسلته الحكومة عام 1932 للمشاركة في مؤتمر الموسيقى العربية الأول في القاهرة برئاسة الفنان محمد القبانجي وبطانته، والجوائز التي حصل عليها في هذا المؤتمر. ومن ابرز السمات والتحولات التي ميزت الموسيقى العراقية خلال المئة عام المنصرمة، تأسيس المدارس والمعاهد الموسيقية المتمثلة بمعهد الفنون الجميلة ومعهد الدراسات الموسيقية ومدرسة الموسيقى والباليه والفرقة السمفونية الوطنية العراقية للموسيقى وموسيقى الجيش ودائرة الفنون الموسيقية والمركز الدولي للموسيقى التقليدية وكلية الفنون الجميلة، اضافة إلى منظمات المجتمع المدني المتمثلة بنقابة الفنانين وجمعية الموسيقيين العراقيين واللجنة الوطنية العراقية للموسيقى.

انصرفت خلال مسيرتك بالتنظير والبحث في الموسيقى العراقية حتى أصبح ما لديك من المؤلفات الكثير.. والمعروف أنك بحق وثقت للموسيقى العراقية بشكل علمي، فضلا عن التوثيق لبعض روادها... هل الموسيقى العراقية بحاجة ماسة لتوثيق مسيرتها والتنظير لمنجزها بهكذا أبحاث؟ وما السبب في رأيك في أن يكون التوثيق هو أبرز مشكلات هذا الفن في العراق.؟

يقول الشاعر التشيلي "بابلو نيرودا" في مذكراته (إن عمل الكتّاب، في رأيي، له شبه كبير بعمل أولئك الصيادين في القطب الشمالي، على الكاتب أن يبحث عن نهر، فإن وجده متجمداً فإنه يضطر أن يثقب الجليد ليخرج بعد جهد جهيد وصبر شديد سمكة صغيرة، بيد انه لابد له من ان يرجع الكرة ويعود من جديد، ليرمي بصنارته حتى يخرج في كل مرة صيداً أكبر وأعظم). انطلاقا من هذه المقولة، وعلى الرغم من أنني ألفت أثنا عشر كتاباً في الموسيقى، كان ابرزها (اعلام ومفاهيم موسيقية ودراسات وبحوث موسيقية) إلا أن التوثيق يعد من ابرز المشكلات التي تواجه الباحث عند تناوله الموسيقى العراقية تلك التي بحاجة ماسة لتوثيق تاريخها، عبر البحث، والتنقيب والتفتيش وتسجيل لحوادث الازمان وابداعات الفنان. والعراق الذي نتناول اليوم البحث في تاريخ موسيقاه، وتوثيقها، وطن لخمس حضارات منحت البشرية علماً وحكمة وقيماً روحية وثقافة ما زالت تتفاعل مع العناصر المؤسسة والمطورة للحضارة الانسانية، مضاف إلى هذا أن العراق ما زال يحتضن إلى اليوم خمسة اديان تتعايش في ربوعه منذ نشأة الاديان إلى يومنا هذا، وفيه مواطن مقدسة ومزارات ومراقد للانبياء والاولياء لمختلف الاديان والطوائف ولكل هذه الطوائف شعائر دينية وطقوس عبادة ومراسيم وفنون واحتفالات ومناسبات اجتماعية، أن خمس حضارات وخمسة اديان في خمسة الاف سنة، محيط لا حدود له من التجارب الانسانية المتنوعة من تاريخ واشعار وموسيقى واساطير وحكايات وطقوس وفنون وآداب وعلوم طبيعية وغيبية، فمن اين نبدأ وكلها بحاجة إلى البحث والمراجعة والتقويم والتوثيق، وكلها ذات ابعاد وامتدادات في المعتقد والمحيط والمزاج المعرفي والنسيج الاجتماعي. وفي حدود ما يتعلق بالغناء والموسيقى في العراق وما دمنا في هذا الاطار بعيداً عن السرد والاطآلة، نرى أن من السهل اليسير على من يتصفح تاريخ العراق الثقافي المعاصر ان يجد دور الموسيقى والغناء بارزاُ في استنهاض المشهد الثقافي واضحاً للأعيان، ومصداق ذلك نلاحظ العراقيين تواقين إلى مجالس الطرب والغناء بعد ان وفروا لهذه البيئة مناخات شاع فيها أنماط غنائية ابرزها (البستة، المقام، المربع، المونولوج، الاهزوجة، الموشح، الاغاني الريفية والبدوية). وبالإضافة إلى تلك البيئة الفنية وما يدور في فلكها من فنون، نلاحظ مع بداية القرن العشرين أتيحت نوعاً من حرية التنقل في المكان، فهاجرت قوى فلاحية وعمالية من قراها وقصباتها وثغورها إلى العاصمة بغداد، الامر الذي جعل الوجود البغدادي يفتح ذراعيه لاستقبال هذه الجموع البشرية. ومع هذه الجموع البشرية جاء العديد من الشعراء والفنانين واصحاب الاصوات الشجية واصحاب الطاقات الابداعية في الفكر والعلوم والاجتماع، فلم تعد عند ذاك الاغنية البغدادية قادرة على ان تنوب عن هذه الجموع في التعبير عن دواخلها الحقيقية، فكان لزاماً ان يبرز فن ذو قيمة تحريكية، وهكذا شرعت الاغنية في البحث عن الشمول في اداة التعبير عن الجموع العراقية، ومن هنا كان ميلاد الاغنية البيئية الجنوبية.

برأيك هل تفوق آلة العود في العراق كعزف وكصناعة، له أسباب تاريخية أم هو تفوق بالموهبة والاهتمام؟

الصناعة والعزف والموهبة والاهتمام كلها جاءت مجتمعة لإبراز دور آلة العود في العراق على مستوى الوطن العربي، ولعلنا هنا نقف عند صناعة آلة العود بوصفها مفصلاً مهماً اسهم بتفوق آلة العود في العراق والوطن العربي، وتبعاً لذلك ومع جيل الثلاثينيات وما تلاها من القرن الماضي، لامست صناعة آلة العود في العراق متغيرات جديدة برزت ملامحها عبر نخبة من الصانعين، بعضهم لم يتوان في إدخال بعض التعديلات والاضافات التي انعكست مخرجاتها على الناحية العملية والتقنية والصوتية لآلة العود، والدور الذي لعبته في هذا المضمار مدرسة بغداد للعود، وهو ما صار يعرف بـ " العود العراقي". وبعد أن مرت هذه الآلة بتلك المراحل المتتالية من الاختبار والتجارب في شكلها وأحجامها وتقنية صناعتها والعزف عليها، حتى استقرت على النحو الذي شهدناه في مطلع العقد الرابع من القرن العشرين على يد " اسطة علي العواد " وعوده وهو الأجود، وعود " محمد فاضل العواد " وهو الأشهر وكلاهما أصبح علامة ظاهرة في عالم صناعة آلة العود على مستوى الوطن العربي. وبهذا جاء العود العراقي ليؤكد ويثري ويوضح كل ما جادت به الصناعات عبر التغيرات والتطورات التي لحقت ببعض مفاصله، وليقدم شواهد جلية على تنوع اشكالها واحجامها وطرق استعمالها، ويسعفنا القول هنا، على أن العود العراقي أصبح بعد حين عوداً مرجعياً استقطب اهتمام العازفين ليصبح رمزاً للموسيقى العربية وأنموذجاً يقتدى به. ولن ننسى أن بعض المختصين في صناعة العود، تفنن بتجميله فكانوا يختارون له الخشب الجيد وأحيانا يزخرفونه بالماس والاحجار الكريمة، وخاصة عندما يصنع للطبقة الارستقراطية والطبقة الحاكمة، مع إن أكثر الأعواد زينة هي أقلها جودة اذ ان زينتها تنال من جودة رنين الآلة، لذلك يستخدم معظم العازفين المتمكنين الآلات الميسرة الخالية من الزخرفة والبهرجة.

والسبب الأخر؟

أما العزف في فضاءات آلة العود، فهو سبب آخر في تميز وتفوق تلك الآلة في العراق وله أسباب تاريخية، إذ تتحدث صفحات التاريخ، منذ أقدم الأزمنة على أن التعليم الموسيقي في العراق ليس من ابتكار عالم اليوم، كما تثبت لنا ذلك المخلفات المختلفة التي أكدتها عمليات الكشف والتنقيبات التي جرت في بعض مدن بلاد النهرين، تلك التي وصلت إلينا واستقرت في متاحف العالم الشهيرة مثل" المتحف البريطاني ومتحف اللوفر والمتحف العراقي ومتحف برلين". والمتتبع للموسيقى وتعليمها في تاريخها الطويل، يقف على حقيقة أن مدارس فلسفية متعددة قد أثرت تأثيراً كبيراً في التعليم الموسيقي، وهكذا تحدث الفيلسوف اليوناني افلاطون، حيث قال: (أن الموسيقى هي الوسيلة الوحيدة التربوية ألأكثر فائدة، شريطة أن تسلك التربية سيرها الطبيعي، والا حصل النقيض)، ولعلنا نوجز حديثنا في هذا، لنقف عند الدور البارز الذي لعبه المفكر والعازف ومهندس الانعطاف في مسار آلة العود وتعليمها (الشريف محيي الدين حيدر) الذي حمل أفكاره واوتاره ليؤسس معهد الفنون الجميلة عام 1936. ولابد لنا هنا ان نسلط الضوء على المواهب التي اشرقت عبر بوابة هذا المعهد اولئك الذين لا يمكن النظر اليهم إلا انهم صفوة من المبدعين الذين توحدت مشاربهم في التكوين الموسيقي ليكونوا سبباً مباشراً ومؤثراً في تفوق آلة العود. لعلنا نذكر منهم (سلمان شكر، جميل بشير، منير بشير، غانم حداد....)

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الرسام والنحات جواد سليم

الدرامية والمشهدية في روايات محيي الدين زنكنه

موسيقى الاحد: جولة موسيقية في هامبورغ

معضلة الذكريات الرقمية صوفي مَكْبين*

فِي حضرَةِ عِمَارَةِ "مَسْجِدِ قُرْطُبَةَ اَلْكَبِيرِ"

مقالات ذات صلة

فِي حضرَةِ عِمَارَةِ
عام

فِي حضرَةِ عِمَارَةِ "مَسْجِدِ قُرْطُبَةَ اَلْكَبِيرِ"

د. خالد السلطانيمعمار وأكاديمي(1-3) الى: وليد داودكتبت كثيرا عن عمارة مساجد اسلامية شهيرة ومؤسسة، هي التى استطاعت بحلولها التكوينية- الفضائية اللافتة ان تكشف ببلاغة عن القيم التصميمية للعمارة الاسلامية وترسخ أهميتها المعمارية في مشهد...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram