اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > اعتذار شديد

اعتذار شديد

نشر في: 31 أكتوبر, 2023: 11:19 م

سمير عطا الله

بين كتابة المقال وبعد 24 ساعة، دهر من الدهور. تتغير مواقف وتتطور أحداث. وتفشل مساعٍ وتنجح (أحياناً) أخرى. عندما صدر مقال: «طيور البطريق» كان فيه نقد للأمين العام للأمم المتحدة حيال ما يجري في غزة، وتردده وإخفاقه في تحريك مؤسسات المنظمة الدولية لوقف الجحيم المفتوح في غزة. ويوم صدر المقال في اليوم التالي كان السنيور غوتيريش قد أدلى ببيان فائق الإنسانية والشجاعة والجرأة.

وكان عليَّ أن أعتذر وأن يكون اعتذاري مضاعفاً. فأنا أغطّي الأمم المتحدة منذ 50 عاماً، جلّها عن قرب. ويُفترض أن أعرف مثل الجميع، محدودية الصلاحيات التي يتمتع بها صاحب هذا المنصب، وبسبب موقف أغضب إسرائيل بعد مجزرتها في قانا اللبنانية، طردت السفيرة الأميركية مادلين أولبرايت، الدكتور بطرس غالي، بقوة صوت واحد ضد 14 من أعضاء مجلس الأمن، أي الهيئة الناخبة.

أي إن على الأمين العام أن يرشح نفسه للمنصب وهو يعرف سلفاً أن منصبه فخري، لا يتعدى إدارة الشق الدبلوماسي، أو القانوني، من الأزمات الكبرى. لكن أحياناً تتجاوز قوته نفسها، وتتعدى كرامته وإنسانيته، فيتحول إلى ضحية وبطل معاً. وهذا ما حدث للدبلوماسي البرتغالي كما حدث من قبل لمعظم الأمناء العامّين.

يَسهُل على الكاتب أن يسجّل موقفاً «بطولياً» على حساب سياسي ضعيف. ويحدث ذلك غالباً مع أمناء المنظمات الكبرى مثل الأمم المتحدة، أو الجامعة العربية، أو المنظمة الأفريقية. وقلّما يستطيع أحدهم أن يخرج من منصبه في هالة تاريخية، كما فعل السويدي داغ هامرشولد، الذي يقال إنه دفع حياته ثمن تحديه مشيئة الكبار في ساعات الصراع الكبرى.

يعرف الأمين العام كثيراً، تصل إليه كل يوم التقارير من أنحاء العالم. ومعظمها حيادي ودقيق، ولكن ماذا يستطيع أن يفعل عندما يرى الغرب برمته ذاهباً إلى تل أبيب؟ لا شيء. مثله مثل متظاهري لندن وروما وباريس. مرة يرفعون صوت الضعفاء ولا يستطيعون تغيير شيء يُذكَر.

وما دمت أعرف كل ذلك فلماذا لم أكن عادلاً أو موضوعياً مع البرتغالي الحزين؟ لأننا ضعفاء أيضاً. ولا يهمنا كثيراً وقع الحماقات لأننا لا نتحمل مسؤولية. وهذا خطأ شديد. كل إنسان مسؤول على قده. واللامسؤولون هم الأدعياء والفارغون والذين يقضون أعمارهم على خط التجميع في مصانع السيارات. هؤلاء يضعون دولاباً (عجلة) وراء آخر، وينسبون إلى أنفسهم أهمية هنري فورد وإيلون ماسك، لكنهم في الحقيقة يضللون كل من ائتمنهم على البحث عنها.

في الخفة والحماقة والادّعاء، النتيجة واحدة، لأن الأذى واحد. ولأن الداعي مع الوقت يصدق نفسه ولا يعود قادراً على التمييز في شيء. يعطي نفسه أدواراً خيالية مضحكة، ويعطي غيره شخصية هنري فورد بكفاءات ميكانيكي الحي ومهارة الحلاقين في تحليله القضايا.

•عن الشرق الاوسط

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram