اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > ازدواج البيروقراطية.. أعراض وأمراض

ازدواج البيروقراطية.. أعراض وأمراض

نشر في: 31 أكتوبر, 2023: 11:19 م

ثامر الهيمص

تقول الماركسية ان الجهاز البيروقراطي بما انه بعيد نسبيا عن المجتمع كونه ليس بعلاقة مباشرة مع علاقات الانتاج يكون نفسه قصير (بتي برجوازي) مادامت مصلحته مرتبطة بالدولة وليس بوسائل الانتاج وهنا يأتي دور الحزب فطبيعة هذه العلاقة هي من يحدد حيوية واستجابة الجهاز التنفيذي

وهكذا كانت البيروقراطية سببا رئيسيا في انهيار النموذج السوفيتي بكل ما استنسخ منه لتقفز الصين و من خلال الحزب ايضا الذي مرغ انف البيروقراطية في ثورته الثقافية ليقود ثاني اقتصاد عالميا انها المفارقة التي تسمى غالبا بمكر التاريخ وحسب الفيلسوف هيغل.

فمن المعلوم ان العراق ومصر والصين والهند هم من أعرق الحكومات المركزية في التاريخ لتخرج من سياق المراحل الاربعة لمسيرة الشعوب وهي المشاعية والرق والاقطاع فالراسمالية لتسمى في الادبيات الاقتصادية بالنمط الاسيوي للانتاج

ففي ظل نمط الانتاج الاسيوي تكون الدولة هي المتملك الاول لفائض الانتاج الذي يخلقه مباشرة منتج الريع العقاري الذي يأخذ شكل ضريبة وجميع الفئات المستغلة تتلقى هذه المداخيل غير المتأتية من العمل عن طريق الدولة (يوجين فارغا واخرون / حول نمط الانتاج الاسيوي /ص70/ دار الطليعة / 1978/طبعة ثانية).

اذن لنا باع طويل في البيروقراطية وهكذا ازدهرت ممالك وامبراطوريات ليخاطب هرون الرشيد من بغداد الغيمة التي تمر اينما تذهبي فخراجك لي وبعدها تنطوي هذه القفزات بعد تكلس اجهزتها وتأكلها كأي امبراطورية مالم تتم المراجعة الستراتيجية لادامة الحيوية او الاستعصاات التي لا يسوغها مجرد الاهمال بل يقترن غالبا بمستفيد ينخر في الجهاز الانتاجي من خلال الاسلحة التاريخية ذات الحدين فالاستعصاء الحاصل في المنافذ الحدودية كما يشكو منها مستشار وزارة الزراعة من ان (المنافذ غير الرسمية) ابرز تحدياتنا كما جاء في في اقتصادية الصباح ليوم 91/10/2023 اي ان الركن الاول لاقتصادنا الحقيقي مهدد كما يهدده الملف المائي بل اتعس بعد محاولة زراعة اكبر ما يمكن بالمياه الجوفية نعم هناك عوامل ايجابية وسلبية تسعى كلا من موقعه ولكن المفترض ان رأس الهرم هو صاحب القول الفصل بما يتعلق بذلك في السياق البيروقراطي عموما

اما الاستعصاء الثاني وهو الفشل للاشهر العشرة الماضية في ضبط سعر صرف الدولار حيث تدفع الشرائح الادنى الثمن من خلال قيمة المواد الغذائية خصوصا المستوردة القادمة من المنافذ غير الرسمية اذن اسعارها تقاس حسب الدولار الموازي لتواكبه بقية الاسعار سواء كانت استهلاكية ام انتاجية هذا من حيث العموم اما مايتعلق بالافرازات كمنتج ثانوي فقد نجم ايضا استعصاء نقدي مواز وهو انتشار مكاتب القروض ربما ناجم عن ال 75% من الكتلة المكتنزة التي فقدت الثقة بالجهازين الرسمي والاهلي لاسباب هم اعرف بها ولا ملاذ غير نافذة العملة لهم وكرد فعل على تحدي المنافذ غير الرسمية بادرت وزارة الزراعة لتخصيص 40 الف مرشة للفلاحين للسنوات الخمسة القادمة ولا نعلم قيمة هذا التحدي اذ من المؤكد ان الامور والحسابات تمضي كما لا ينطبق حساب الحقل مع البيدر

بما انه ما عرضناه هو غيض من فيض لابد من تحديد المفارقة الاساس التي هي تفاقم التفاوت الطبقي كنتاج حتمي للظواهر اعلاه يمكننا فهمها من خلال تطويع البيروقراطية التي لا زالت سلاح ذو حدين فلم تعد سكينتها تصنع الزلاطة بل تقطع الاعناق من خلال الارزاق بـ 52% نسبة الفقر في محافظة المثنى تليها الديوانية وذي قار جنوبا بنسبة 49% بحسب احصائية لوزارة التخطيط بالمقابل ووفقا للمركز الفرنسي للابحاث يوجد في العراق (36 مليادير ثروة كلا منهما اكثر من مليار دولار و 16 الف مليونير ثروة كلا منهم اكثر من مليون دولار واضاف ان عدد المليارديرات في العراق يعادل عدد الدول التالية مجتمعة وهي الامارات والكويت ولبنان والمجر ورومانيا والبرتغال وهولندا والدنمارك ونيجيريا) وكان رد الفعل هو اقرار صندوق القروض 400 مليار دينار لهذا العام (جريدة المدى ليوم 15/10/2023).

وكحصيلة غريبة لهذه الثروات الاستثنائية بلغ رقم للوحة 1/ بغداد لسيارة المشتري بسبعة مليون دولار وسعر 1/محافظة يصل لـ 2مليون دولار لتقول لنا النزاهة النيابية انه باب اخر لغسيل الاموال (المانشيت الرئيسي لجريدة الصباح يوم 26/10 /2023) لا شك ان المشترين هم مليارديرية ومليونيري العراق باتو متهمين بغسيل الاموال وهذه تهمة يعاقب عليها القانون اضافة لبرنامج من اين لك هذا

ترى من يغطي كل هذا لا شك انه غير القانون ولا العرف وصولا للاخلاق امام نسب الفقر التي تعالج بالقروض

فالترهل عندما يكون مزدوجا اي ترهل العوام في الوظيفة العامة لاغراض انتخابية ومحصصاتية والترهل في الدرجات الخاصة الذي ينجم عادة من مخرجات العملية الانتخابية هو السبب الاساس في التخادم بحيث يلعب الشباب بارقام السيارات كما نرى بوضوح وبالبنط العريض

اما من المفارقات فقد تراوحت نسبة الفقر في العراق بين 22- 25% ولكن لدينا تحويلات مالية تصل الى مليار دولار سنويا رسميا لمئة الف عامل اجنبي مرخص اما من غير المرخصين فانهم ينفذون وتحويلاتهم طبعا من منافذنا غير الرسمية فحدث ولا حرج

هل يعني ان سلطة القانون امام هذه المفارقات والعجز لم تعد اداة حاسمة في الحد من التفاقم والاستهتار بالمال العام ام العلة في القوانين القديمة او المتكيفة مع الايقاع الجديد ام من تقاطعات ومطاطية الدستور الي لم تحسم بموجبه اهم قضية على الاطلاق وهي (ام القضايا) ومفتاح الاستعصاءات وهي قضية قانون النفط والغاز؟؟

اذن العلة في الترهل المزدوج بين ترهل الجهاز البيروقراطي الذي تم بناءه نوعا وكما في ضوء المحاصصة وتخادماتها والترهل القائد الخاص كما في درجاته الخاصة حصرا بامتيازات لا دستورية على الاقل سواء بالراتب او المخصصات او السيارات الخاصة ايضا وصولا للجوازات الدبلوماسية لغير الدبلوماسيين وهكذ الامتيازات ما بعد التقاعد في الرواتب ومكافأت اخر الخدمة الخ الخ هذا الواقع علينا التعامل والتعاطي معه ونحن نواجه تغيرات دراماتيكية معنيين بها وهي تداعيات تراجع النفط اعتبارا من 2030 وتنافس الغاز الذي نملكه لكن نستورده ام الكبريت ام الفوسفات ام الزراعة الحديثة امام ملف مياه تلفلفت ثعابين عليه ام استعصاأت بين الصين وروسيا من جهه وبين تحالف غربي ازداد شراسة كما تجسد في غزة الان بالازدواج البيروقراطي تكون الحركة بطيئة والارادة مزدوجة

ولكن نعمل بالممكن ولا تشغلنا آمال غير موجودة وحنين لماض لم يعد موجودا فقط ببناء زراعة حديثة تقودها منافذ رسمية اولا وثروة حيوانية تتكامل معها وبصناعة تقودها صناعة النفط الوطنية بعيدة عن الغاز وخلفيات التراخيص وجولاتها اي مرتبطة بالصناعة المتعشقة مع الزراعة لمواجهة آفات التصحر المتفاقمة لذلك لابأس من شراكات حقيقية مع الجيران كافة في الزراعة والصناعة والسياحة عندها فقط نتكامل مع الجيران وفق المصالح بعد ان افلست المشاريع المؤدلجة تماما ولكن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram