ذي قار / حسين العامل
كشفت مصادر اثارية في ذي قار عن اعمال تنقيب في موقع جوخا الاثري في شمال الناصرية وموقع الدحيلة في جنوبها الغربي، وذلك عبر بعثتين دوليتين للتنقيب احداهما سلوفاكية والاخرى روسية، مؤكدة اكتشاف لقى اثرية ورُقم طينية وجرار فخارية تعود الى الحقب الاولى من الحضارة الرافدينية.
وقال مفتش آثار وتراث ذي قار شامل ابراهيم الرميض لـ(المدى) ان "البعثة السلوفاكية تعمل حاليا في مدينة أوما الاثرية التي يعود تاريخها الى 3 الاف عام قبل الميلاد"، واضاف ان "المدينة الاثرية تقع ضمن موقع يطلق عليه محليا اسم جوخا وهو موقع سومري مهم جدا".
واشار الرميض الى ان "عمليات التنقيب التي بوشر بها منذ اسبوع تجري ضمن اعمال الموسم الخامس للبعثة"، مبينا ان "البعثة عملت اربعة مواسم سابقة وحاليا تعمل في موسمها الخامس".
وعن ابرز المكتشفات الاثرية التي اسفرت عنها عمليات التنقيب في الموقع المذكور خلال المواسم التنقيبية السابقة قال مفتش آثار وتراث ذي قار ان "البعثة عثرت على لقى اثرية ورقم طينية وجرار فخارية وقد تم تسليمها الى المتحف الوطني"، مبينا ان "اعمال البعثة السلوفاكية جاءت لاستكمال اعمال تنقيب عراقية سابقة جرت عام 1998 برئاسة الدكتور نوال من هيئة الاثار"، مبينا ان "اعمال التنقيب تجري للبحث عن زاوية المعبد الرئيسية واستكمال ما توصلت له البعثة العراقية".
وعن عمل البعثات التنقيبية الاجنبية في محافظة ذي قار قال مفتش اثار ذي قار ان "البعثات التنقيبية الاجنبية التي تعمل في محافظة ذي قار ضمن المواسم التنقيبية متعددة الجنسيات من بينها بعثتان ايطاليتان احداهما تعمل في تل زرغل واخرى في موقع تل ابو طبيرة الاثري (8 كم جنوب الناصرية)"، واردف "كما تعمل بعثة فرنسية في موقع السنكرة في منطقة الكطيعة غرب الناصرية وبعثة بريطانية للتنقيب في موقع تلو الاثري في قضاء النصر وبعثة امريكية تعمل في موقع الهباء الذي يبعد 5 كم عن مدينة نينا السومرية في لكش بقضاء الدواية فضلا عن البعثتين السلوفاكية التي تعمل في جوخا والروسية العاملة في موقع الدحيلة".
بدوره، قال رئيس البعثة الروسية عالم الاثار أليكسي ياونسكي لـ(المدى) ان "البعثة الروسية تجري مسوحات واعمال تنقيب في موقع الدحيلة الاثري الذي يبعد 30 كم عن مدينة اور الاثرية"، ويجد ياونسكي ان "اهمية الموقع الجاري التنقيب فيه تضاهي اهمية مدينة اور السومرية كونه يعود لتلك الحقبة الحضارية المهمة".
واوضح ياونسكي ان "مهمة البعثة الروسية تتمثل حاليا في مسح محيط موقع الدحيلة لإثبات او نفي فرضية ان اصل سكان موقع الدحيلة هم من السومريين الذي نزحوا من مملكة سومر بعد تعرضها للغزو واستوطنوا هناك"، مبينا ان "هذه الفرضية سبق وان طرحها مفتش الاثار ووزير الثقافة الاسبق عبد الامير الحمداني قبل وفاته".
وافاد رئيس البعثة الروسية ان "الفريق المكون من اربعة خبراء في مجال الاثار يعمل حاليا على التحقق من ان تلك الفرضية حقيقية ام لا"، واردف "علينا ان ننقب لنثبت او ندحض هذه الفرضية وهذا يتطلب المزيد من الوقت"، مشيرا الى ان "البعثة الروسية اجرت تنقيبات ضمن موسمها الاول وتواصل العمل حاليا ضمن موسمها الثاني".
ومن جانبها تحدثت قيادة شرطة ذي قار عن تأمين الحماية للبعثات التنقيبية العاملة في المواقع الاثارية في المحافظة وتوفير البيئة الامنة لعملها، وذكر بيان لقيادة الشرطة تابعته (المدى) انه "تنفيذا لتوجيهات قائد شرطة محافظه ذي قار اللواء مكي شناع الخيكاني أجرى مدير قسم شرطة حماية الآثار والتراث جولة تفقدية لمتابعة تأمين الحماية للبعثة التنقيبية العاملة في موقع (جوخا) ضمن الحدود الإدارية لقضاء الرفاعي (80 كم شمالي المحافظة)"، مشددا على اهمية توفير بيئة آمنة لعمل البعثات وعمل كل ما من شأنه ان يجذب السياح ويحفز الآثاريين على القدوم والعمل في المحافظة.
وكانت مفتشية اثار وتراث ذي قار كشفت مطلع تشرين الاول المنصرم عن اكتشاف زقورة بارتفاع 25 مترا واثار اخرى تعود الى 3900 عام قبل الميلاد في موقع تل زرغل بقضاء الدواية شمال الناصرية، وفيما اشارت الى تواصل العمل في الموقع المذكور من قبل بعثة ايطالية – عراقية مشتركة، توقعت وصول المزيد من البعثات التنقيبية خلال الموسم التنقيبي الحالي.
ويرى باحثون في مجال الاثار ان اعمال التنقيب تكتسب اهمية كبرى في توثيق الطبقات الحضارية وتحديد الحقب التاريخية وطبيعة الحياة الاجتماعية والدويلات التي كانت قائمة آنذاك بدقة كبيرة، كما تحافظ على الكنوز واللقى الآثارية من النهب والسرقة ولاسيما ان البلاد تعرضت لأشرس هجمة نهب وسرقة للمتاحف والمواقع الاثرية خلال سقوط النظام السابق في عام 2003.
ونظم متحف الناصرية الحضاري مطلع نيسان من العام الحالي ورشة تدريبية للطلبة والآثاريين حول توظيف التكنولوجيا الحديثة في توثيق وحفظ الاثار العراقية شارك فيها علماء اثار من جامعتي روما وكوستاريكا.
وكانت مفتشية آثار ذي قار أعلنت في عام 2021 عن تسليم أكثر من 1000 قطعة أثرية الى متحف الناصرية والهيئة العامة للآثار خلال عام 2020، وفيما بينت أن القطع الأثرية هي حصيلة عمل 11 بعثة تنقيبية أجنبية وما عثر عليه المواطنون وشرطة حماية الآثار خلال جولاتهم التفتيشية، أكدت تراجع أعمال النبش والتجاوزات على المواقع الأثرية بعد استحداث أربع مُراقبِيّات للآثار.
وتضم محافظة ذي قار نحو 1200 موقع آثاري يعود معظمها إلى عصر فجر السلالات والحضارات السومرية والأكدية والبابلية والأخمينية والفرثية والساسانية والعصر الإسلامي، وتعد من أغنى المدن العراقية بالمواقع الآثارية المهمة، إذ تضم بيت النبي إبراهيم (ع) وزقورة أور التاريخية، فضلاً عن المقبرة الملكية، وقصر شولكي ومعبد (دب لال ماخ) الذي يُعد أقدم محكمة في التاريخ.