TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: وماذا بعد؟

قناطر: وماذا بعد؟

نشر في: 18 نوفمبر, 2023: 10:36 م

طالب عبد العزيز

ما تفعله اسرائيل في غزة بربريٌّ ووحشي، ولطخة عار في جبين الانسانية، وفعل من أفعال الإبادة الجماعية، لشعب له كامل الحق في العيش على ارضه بحرية وكرامة، وكل تبرير لفعلها الاجرامي هذا لا يرقى الى جرح بسيط، بساق طفل فلسطيني رضيع.

لكنَّ، كيف لنا أنْ نفسر الموقف العربي- الاسلامي مما يتعرض له أشقاؤنا هناك، بعيداً عن حركة حماس والموقف الآخر منها؟ وفي أيِّ خانةٍ يضع العرب والمسلمون موقفهم مما يحدث للشعب العربي بغزة، خارج ما تفكر وتقوم به حماس، كجماعة مسلحة، اختطفت القرارَ الفلسطيني، بعيداً عن إجماع الفلسطينيين انفسهم.

نعلم جيداً أنَّ الاحتلال هو الاحتلال، وأنَّ حقَّ التحرر منه مكفول باللوائح الوطنية والاممية، لكنَّ الوقائع على الارض تقول بأنَّ منظمةً مسلحةً، يبلغ عدد مقاتليها بين 30-40 الف اسلحتهم محلية، وتعملُ في جغرافيا صغيرة(41 كم× 6 - 12 كم) محصورة من البحر ومسورة بطوق ناريٍّ معاد، وجيش يمتلك أرقاماً فلكيةً من الاسلحة الثقيلة والحديثة، هو الرابع بين جيوش العالم، ومدعوم بأكبر قوة عالمية أمريكية وأوربية،وبغطاء جوي، وهيمنة رادارية واستخباراتية ستكون أمام خيار صعب، وهي بذلك إنما تمتحن نفسها بخيارين، لا ثالث لهما (النصر والفناء) ترى هل خيارات النصر واردة في المعادلة هذه؟ والى ايِّ مدى مروّع ستكون خيارات الفناء قائمة في العقل العسكري والايديولوجيا الدينية؟

واحدة من مشاكل حماس أنَّها تستل من جماعة الاخوان المسلمين مبادئها العامة، وتعتمد أفكار مؤسسها الشيخ أحمد الياسين، على الرغم من نفيه العلاقة مع الاخوان، ولا نريد الخوض في تاريخ جماعة الاخوان وارتباطاتها الاجنبية، ومن يقف وراء تاسيسها، والظروف التي جعلت منها قوة فكرية متطرفة بوجه اليسار العربي، فذلك معروف لدى الجميع، وبمعنى ما فهي(حماس) خارج فكرة الدولة الفلسطينية، القائمة في رام الله، وهي بخصومة تقليدية مع الدولة المصرية، ولديها رباط مبدأي مع تركيا اردوغان، وترتبط بايران الشيعية بفكرة (جيش القدس) الذي اتضح نبأه مؤخراً، ولديها تمويل مالي من قطر، وهي على خلاف شبه تقليدي مع السعودية، ولا تربطها بحركة حزب الله بلبنان إلا برباط المقاومة الاعلامي، وما موقف الاردن إلا كموقف سوريا منها.. وهكذا، نحن إزاء أمرٍ ملتبس.

قد لا يشكل تصنيفها الامريكي كحركة ارهابية عائقاً أمام عموم الشعوب العربية والاسلامية التي تعرف كذب وخواء التصنيف، فهي متطلعة الى الوقوف بجانبها، ونصرة الشعب الفلسطيني بعامة، لكنَّ ذلك يقف عائقاً أمام الحكومات العربية، المعنية بقضية فلسطين، والتي تصطف بمجملها وراء القرار الامريكي، لأنها بالاصل محكومة بالقرار ذاك، سياسيا واقتصاديا ومالياً. وربما سيحقُّ للمواطن العربي السؤال التقليدي: كيف تكون أحوال الناس بغزة تحت حكم حركة حماس؟ وما حجم الحريات المتاحة هناك؟ وما مدى قدرتها على صناعة دولة فلسطينية، تعتمد المواطنة مبدأً في الحكم، وكيف ستكون أوضاع المدنيين والليبراليين والعلمانيين والمسيحيين والدروز وابناء الطوائف الاخرى إذا ما تم بناء دولتها؟

مشكلة الحركات المسلحة والمتطرفة أنها لا تنظر بعين بعيدة، وهذا ما فعلته حماس يوم 7 تشرين أول. ترى، هل حققت ما تصبو اليه، على المدى البعيد؟ كلنا كان يأمل ذلك، لكنه لم يتحقق، ترى هل يمكنها إعادة ما تهدم على ارض غزة، وماذا عن الـ 10 آلاف شهيد؟ وأكثر من ذلك بآلاف أخرى من الجرحى والمعاقين والمشردين، الذين فقدوا طفولتهم ومنازلهم وأعمالهم؟ نحن، هنا لا نمجّدُ المنتصر الاسرائيلي، الذي لن يناله شيئاً من الحكومات المستهترة بحياتنا، ولن ننتفع وإياهم بمئات الآلاف من الاذرع واليافطات، التي صرخت ونددت بجرائم الجيش الاسرائيلي، لكننا سنبكي، وإلى ما لا يعلمه الا الله حال الآلاف من أشقائنا في غزة والمدن الأخرى، التي ابتليت بالخيانات قبل ابتلائها بالحماقات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram