TOP

جريدة المدى > عام > الثقافة العراقية بعد التغيير... الشهيد كامل شياع أنموذجا

الثقافة العراقية بعد التغيير... الشهيد كامل شياع أنموذجا

نشر في: 25 نوفمبر, 2023: 10:37 م

د. باقر الكرباسي

الثقافة هي الشريان الحيوي لالة الحياة، لابل شريانها النابض، فلا نهضة والتقدم من دون الاستناد إلى الثقافة، فضلا عن دورها المهم في صناعة الحلول للأزمات السياسية والاجتماعية

وذلك بخلق وعي ثقافي يحدد المشكلات العميقة ويبني الفهم لها مكتشفا أسسها المضمرة في الشخصية مع الوعي الثقافي والحضاري، لأنها ستكون اللغة التي نتحاور بها مع أنفسنا ومع الآخر، أن مستقبل الثقافة العراقية مرتبط بوضع المثقف العراقي وإمكاناته وقدرته على التحرك وصناعة القرارات الثقافية بنفسه من دون أن يسمعها من السياسيين أو الحزبيين الذين يحكمون كما كان يحدث في السابق، ومن أجل النهوض بالثقافة العراقية وفي ظرف حاسم يعيشه العراق وفد أبناؤه من هم في المنافي إليه كي يسهموا ببناء وطنهم وكان منهم الشهيد كامل شياع، جاء وشاهد بنفسه فئة ظلامية أرادت أن تسيطر على وزارة الثقافة وهذه الفئة ليس لها علاقة بثقافة العراق ومثقفيه فهم لا يعرفون شيئا عن الثقافة ولا الكتاب ولا المسرح ولا اللوحة التشكيلية ولا السينما، فعمل الشهيد كامل شياع في هذه الوزارة ووضع آلية للنهوض بثقافتنا العراقية، اتسمت بالشفافية والانفتاح وقبول الآخر، ونبذ التعصب بمختلف أنواعه وخلق الثقة بين الذوات المختلفة، كانت المهمة كبيرة في جو مشحون بالبغض والانتقام والظلامية، لأنه أراد ثقافة تنمو وتنتعش بالتلاقح والانفتاح فيما تؤول إلى التفسخ تلك التي تصر على إنغلاقها، فكان الشهيد يحمل مشروعا لإعادة بناء مؤسساتها فلم ينفرد بعمله بل كان مرتبطا مع الجماعة فهو يؤمن بأن لا فعل ولا حضور من دون مشاركة وتضامن، فكان يسعى مع زملاء له في العمل من أجل أن تكون الثقافة في العراق ميسرة للجميع، هذا السعي ازعج أعداء الثقافة ومشروعهم البائس في بناء مشروع دولة اللون الواحد مشروع التخلف والانعزال وضيق الأفق، فاختار الشهيد افقا إنسانيا في ترسيخ الثقافة الوطنية الديمقراطية في المجتمع وإحداث التغيير الإيجابي. يقول الشهيد كامل شياع (سأجرب إذا أن ابدل المنفى بالوطن، أو أن ابدل متاهة أخرى، لا تهمني التسميات لأن الأمر يتعلق بالمعنى وهو ما يبدو واضحا وبسيطا، ما حصل في العراق حدد اختياراتي ومصيري).. كان الشهيد كامل شياع يرى أن وظيفة المثقف تبدأ من اللحظة التي ينتقل فيها من استهلاك المعرفة إلى إعادة إنتاجها، من القراءة إلى إنتاج الخطاب الثقافي وهنا يقصد به الخطاب الموضوعي النقدي الذي يقرأ الخريطة السياسية والإجتماعية بعمق قادر على الانفتاح والتفاعل مع المتغيرات السريعة الحاصلة وتأسيس معرفة بالواقع والتاريخ ورؤية المستقبل. وكان يؤمن أيضا أن لابد من نهضة عقلية معرفية ناقدة تبدد الوهم والتعصب وتستأنف البحث والحوار بالنسبة للآخر، يقول الدكتور رائد فهمي وهو يتحدث عن الشهيد كامل شياع (سعى الشهيد كامل إلى أن يحقق أحلامه واسقطها على واقع تحركه وتتجاذبه قوي متعددة مصارعة محملة برؤى متقاطعة ومتلاقية في بعض أخرى محصلتها تمثل رهانا ليس محسوما سلفا فحولها إلى مفردات ممكنة التحقيق، سعى بتفان وعزيمة لا تلين إلى تجسيدها واقعا من خلال موقعه الوظيفي ونشاطه في الفضاء الاجتماعي الثقافي الأوسع، فكان المشروع الثقافي الذي خرج به مؤتمر المثقفين عام 2005 الذي للفقيد الدور الأكبر في صياغته والعمل المثابر متحديا شتى المثبطات لتفعيل دور وزارة الثقافة كراعية للنتاج الثقافي والإبداعي من دون وصاية وتأطير) المجد والخلود للشهيد كامل شياع ونحن نعيش ذكرى استشهاده.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مدخل لدراسة الوعي

شخصيات أغنت عصرنا .. المعمار الدنماركي أوتسن

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

د. صبيح كلش: لوحاتي تجسّد آلام الإنسان العراقي وتستحضر قضاياه

في مديح الكُتب المملة

مقالات ذات صلة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع
عام

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

علي بدركانت مارلين مونرو، رمزاَ أبدياً لجمال غريب وأنوثة لا تقهر، لكن حياتها الشخصية قصة مختلفة تمامًا. في العام 1956، قررت مارلين أن تبتعد عن عالم هوليوود قليلاً، وتتزوج من آرثر ميلر، الكاتب المسرحي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram