بغداد/ المدى
في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها العراقيون، بدأت تتوسع فجوة الطلاق بشكل كبير، إذ أصبحت تداعياتها "لا تعد ولا تحصى"، والأسباب الحقيقية التي تقف خلفها بالجملة، اما الاعداد فتقدر بالآلاف شهريا، وهذا ما تحدث عنه مجلس القضاء الأعلى، والذي كشف إحصائية "صادمة" بشأن اعداد حالات الطلاق، لشهر تشرين الأول الماضي 2023.
مجلس القضاء الأعلى، أعلن أمس الأحد، إحصائية شهر تشرين الاول 2023 بشأن حالات الزواج والطلاق في العراق، فيما أشار الى تسجيل 6934 حالة طلاق في عموم البلاد، باستثناء محافظات إقليم كردستان العراق الثلاثة، وهو ما يعني حصول 231 حالة طلاق يومياً في المحاكم العراقية، وبالتالي أكثر من 9 حالات في الساعة الواحدة.
وتختلف أسباب حالات الطلاق من شخص لآخر، الا انها على الاغلب قد تقف خلف عوامل اقتصادية، ومرتبطة بشكل وثيق بالزوج، ومدى قدراته على توفير حياة كريمة لأسرته، اما الحلول فهي بالتنازل، لكل من يحاول الحفاظ على عائلته.
رئيس المركز الستراتيجي لحقوق الانسان، فاضل الغراوي، حدد الأسباب الأساسية وراء زيادة حالات الطلاق في العراق، فيما أشار الى طرق الحد من هذا الارتفاع.
ويقول الغراوي، في حديث لـ(المدى)، إن "ارتفاع حالات الطلاق في العراق، قد يكون مؤشراً طبيعياً نتيجة ما يحصل بموضوع الزواج ومتطلباته، بالإضافة الى المشاكل التي يعيشها البلد، والتي من المؤكد انها تنعكس على موضوعة الأسرة والعلاقة الزوجية".
ويضيف، أن "الأسباب وراء زيادة هذه الحالات، قد تكون عديدة، من أهمها الجوانب الاقتصادية، وعدم وجود فرص العمل بالنسبة للشباب لاسيما أنهم يعتمدون بشكل تام على الموارد التي تقدم لهم من قبل عوائلهم، وعدم وجود أية مورد مستقلة، تزامناً مع متطلبات الحياة الكبيرة، والاحتياجات الأساسية للأسرة"، لافتاً الى "موضوع عدم وجود سكن مستقل، ووجود اغلب الزيجات داخل البيت الواحد، وهو ما يتسبب بحصول المشكلات".
ويوضح رئيس المركز الستراتيجي، أن "السبب الآخر يتمثل بارتفاع حالات العنف الأسري وخصوصا العنف الموجه من الزوج ضد الزوجة، واستخدام صور قد تصل الى التعذيب، كاستخدام آلات حادة، والضرب المبرح، بالإضافة الى التعذيب النفسي، والتي قد تكون أسباباً تؤدي الى ارتفاع حالات الطلاق".
ويشير الى "نقطة عدم وجود تفاهم بين الزوج والزوجة لاسيما بالنسبة للزواجات المبكرة، والتي تكون ضمن الزواجات التقليدية، وهو قد لا يبنى على أسس مواكبة لما يحصل"، مردفاً بالقول: "السبب الآخر يتمثل بالخيانة الزوجية واستخدام الانترنت والهواتف، والذي قد يسهم بشكل مباشر أو غير مباشر، بموضوع الطلاق".
وبشأن الحد من ارتفاع حالات الطلاق، يبين الغراوي، أن "الحد من هذا الارتفاع يتطلب وجود إجراءات واقعية حقيقية، وإعادة النظر بكل التشريعات، والجوانب التي تبنى عليها العلاقة الزوجية، وإمكانية توفير فرص العمل، وتوزيع قطع الأراضي السكنية والدور، بالإضافة الى القروض، والتي تسهل من العملية الاستقلالية".
ويتابع حديثه، قائلاً بـ"ضرورة وضع عقوبات رادعة وكبيرة جدا، وفرض غرامات مالية، بالنسبة لمرتكبي العنف ضد الزوجة"، مؤكداً "أهمية وضع رقابة خاصة لاستخدام الميديا وتقليل الحالات التي تتعلق بالخيانة الزوجية، والتثقيف لاسيما ممن هم بالسن المبكر، واحترام الحياة الزوجية".
من جانبها، تقول العضو السابق في مفوضية حقوق الانسان فاتن الحلفي، لـ(المدى)، إن "العراق يشهد زيادة في حالات الطلاق غير طبيعية مقارنة بالسنوات السابقة والذي أثر على الوضع الاجتماعي للبلاد".
وتضيف، أن "الأسباب التي شُخصت لارتفاع حالات الطلاق داخل المجتمع العراقي في السنوات الأخيرة كثيرة واغلبها بسبب انفتاح الأسر على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي".
وتشير الحلفي الى، أن "الوضع الاقتصادي للأسر ينعكس على علاقة الزوجين وقد يكون أحد أسباب الطلاق"، مبينة أن "أغلب الطلاقات تتم بسبب مشاكل التعنيف الاسرية والضغوطات النفسية والتدخلات الأسرية من قبل اهل الزوجين".
وتلفت الى، أن "اغلب الشباب والشابات بحاجة الى توعية كبيرة قبل الزواج"، مقترحة "وضع دورات توعوية وتوجيهية للمقبلين على الزواج خلال فترة الفحص الطبي".
وترى عضو مفوضية حقوق الانسان السابقة، أن "الحد من هذه الظاهرة يكمن في تظافر جهود المؤسسة الدينية والتربوية والشرطة المجتمعية".