يعقوب يوسف جبر
كنا نتصور ان مجالس المحافظات ستساهم الى حد كبير في النهوض بواقع المحافظات الخدمي والعمراني والاداري، لكن ثبت لنا العكس فلقد تحولت الى وسائل لتمويل الاحزاب السياسية والمتاجرة بمشاريع الاعمار والبناء فأنجزت مشاريع ذات جودة منخفضة رغم التخصيصات المالية الهائلة التي رصدت لها من موازنات الدولة العامة.
يبدو ان غاية الاحزاب السياسية من تشكيل مجالس المحافظات والانخراط فيها هو لهدر المال العام واستغلاله لمنفعة اتباعها، وهذه مصادرة واضحة للمصلحة العليا؛ التي تمس حياة المواطنين ومستلزمات معيشتهم ورفاهيتهم.
فما جرى خلال العقدين الماضيين من تجربة مضطربة لمجالس المحافظات على المستوى الاداري والفني والاستثماري يشير بوضوح الى انتفاء الحاجة لها.
إضافة الى ذلك فإن هذه المجالس لم تلتزم بمواد واحكام قانون المحافظات حرفيا رقم 21 لعام 2008 خاصة الفقرة رابعا من المادة السابعة التي جاء فيها: رسم السياسة العامة للمحافظة وتحديد اولوياتها في المجالات كافة وبالتنسيق المتبادل مع الوزارت والجهات المعنية وفي حالة الخلاف تكون الاولوية لقرار مجلس المحافظة.
لم تلتزم مجالس المحافظات بهذه الفقرة ولم تتبنى سياسة عامة متزنة يضع قواعدها اشخاص مختصون تنصرف الى كافة المجالات، ويبدو واضحا ان عملها كان عفويا مجردا عن المهنية والجدية، والدليل القاطع على ذلك ماشهدته المحافظات من مشاريع لم تعتمد هذه المجالس على سلم الاولويات في اقتراحها وانجازها، فمن البديهي ان هنالك مشاريع ستراتيجية مهمة لم تعمل هذه المجالس على تبنيها، بل تبنت مشاريع ليست ذات اهمية، خذ على سبيل المثال انشاء نافورات ومداخل مدن ونصب تذكارية وحدائق ومتنزهات بتكاليف عالية واهمال مشاريع الطرق الرئيسية او بنايات المدارس والمستسفيات او قلة انجازها.
ان اداء هذه المجالس كان متدنيا رغم موازناتها الخاصة المخصصة لها مما شكل عبئا ثقيلا على موازنة الدولة برمتها.
هل هنالك مبرر قانوني لاعادة تجربة هذه المجالس مادامت كل الادلة تشير الى فشلها.
ولقد لمسنا قبل كل دورة انتخابية لمجالس المحافظات كيف يروج المرشحون الجدد لانفسهم بأنهم سيتولون التغيير الجذري منتقدين من سبقهم، وفي الواقع ان الوعود التي أطلقوها بقيت مجرد كلمات مفرغة من المحتوى الغاية منها خداع الرأي العام.
هذه هي مجالس المحافظات فلماذا يراهن مجالس النواب والحكومة على جدواها؟