 المدى/ جليل الغزي

يتوزع مشردون على معظم المتنزهات والحدائق العامة في بابل ويتخذون منها ماؤىً لهم في ظل ظروف الحياة القاسية التي اجبرتهم على أن يكونوا مشردين. قريباً من الكراج الموحد يتواجد رجل مع ابنتيه يتخذون من الشريط الاخضر الممتد محاذاة شارع 60 ماؤى لهم واخر يتواجد عن الشريط الاخضر المحاذي لنهر الحلة فيما تتواجد امرأة أخرى في حدائق حي الكرامة وسط المدينة، وتتكرر هذه المشاهد باستمرار إذ يتخذ بعض المشردين من بعض المحال المهجورة في السوق سكنا لهم.

وتتفاقم الأزمة التي يمر بها المشردون في بابل في ظل انعدام دور حكومية لايوائهم أسوة بدور رعاية المسنين أو الأيتام، فباتوا بأزمة إيواء خانقة في ظل دخول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة وهطول الأمطار.

حكاياتهم

يقضي ابو نرجس وقته في العمل في إحد الاماكن القريبة من مجمع الكليات الطبية في بابل مع ابنتيه اللتين لم يتجاوزا العشرين عاما ببيع الشاي والماء، وعلى مقربة من مكان عمله تتواجد بعض الأغطية والافرشة المتهالكة وتبين أنها لمبيتهم ليلا.

ويقول أبو نرجس لـ(المدى) إن "زوجته تركته مع ابنتيه بسبب وضعه المادي ولم يتسن له أن يوفر سكنا لعائلته كونه يعاني من أمراض مزمنة تمنعه من العمل وتوفير المال". ويؤكد أنه "أضطر للتواجد في هذا المكان لبيع الشاي والماء والمبيت في أحد الاكشاك ضمن مكان عمله مع أنها لا تقي من برد الشتاء". ويضيف "لست مهتما لنفسي بقدر ما أنا مهتم لابنتي اللتان بعمر الورد".

دار المشردين

في غضون ذلك أكد مدير هيئة ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة شاكرين الاسدي لـ(المدى) أن "المحافظة تخلوا من الدور الايوائية الخاصة بالمشردين ونضطر لرفض الكثير من الحالات التي تحال إلينا من قبل محكمة بداءة الحلة"، لافتا إلى أن "شروط وضوابط قبول إيواء المشردين تختلف ولا يمكن قبولهم في دور رعاية الدولة بالنسبة للمسنين أو الأيتام".

واضاف أن "المحافظة طالبت في أكثر من مرة الجهات المعنية بضرورة فتح دار لإيواء المشردين نتيجة لزيادة الاعداد على مستوى أفراد وعوائل ما يتطلب وقفة مهمة من أصحاب القرار بشأن الموضوع".

ولفت إلى أن "من الضروري جدا استحداث دار خاصة لإيواء المشردين لاحتضان هذه الشريحة والعمل على تأهيلها لتنخرط في الحياة مع الناس".

أرض خصبة للجريمة

تفاقم أزمة المشردين وعدم الاهتمام بهم يجعلهم فرصة سانحة للاستغلال السلبي سواء للشباب أو الفتيات في ظل تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات والانخراط في مجال الدعارة وغيرها من الجرائم الأخرى.

مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في بابل أحمد العطار يقول لـ(المدى) إن "وزارة العمل مطالبة بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية بإنشاء دور ايوائية خاصة بالمشردين لتحسين اوضاعهم وانتشالهم من الظروف التي يعيشون فيها".

وبين أنه "من الممكن الاستفادة من العتبتين العباسية والحسينية في كربلاء المقدسة لتنفيذ هذا المشروع كون العتبات تمتلك من الخبرة الطويلة في هذا المجال ويمكن أن تساهم في الدعم".

وأشار إلى أن "إهمال هذه الشريحة أمر في غاية الخطورة كونهم يشكلون أرضا خصبة للجريمة وقد يتم استغلالهم من قبل العصابات المنظمة"، داعياً أيضا إلى أن تشمل هذه الشريحة برواتب شبكة الحماية الاجتماعية بعد ايداعهم في الدور الايوائية.

وتابع العطار أن "قصور المنظومة التشريعية بإيجاد القوانين المهمة التي تحمي الفئات المستضعفة أفرز مثل هذه الظاهرة".