اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > لمحمد كامل عارف سلاماً

لمحمد كامل عارف سلاماً

نشر في: 11 ديسمبر, 2023: 10:19 م

ضياء العزاوي

أبا عباس هو من القلة ممن عرفتهم من الأصدقاء منذ أيام محلة الفضل ولحد إقامته الحالية في لندن. طوال تلك السنين لم تغيره الحياة بالرغم من قسوتها وما واجهه فيها من متاعب. أشرف على صفحة آفاق في جريدة الجمهورية فجعل منها منبراً للإبداع، وعكست طرقه في تحريك الحياة الثقافية.

وعندما أبعد عنها وآخرون من الكتّاب والصحفيين في حملة لتصفية اليسار في الصحافة، لم تتبدل مواقفه الوطنية الأساسية، فقد فصل موقفه من النظام عن موقفه كمواطن عراقي آمن باستقلال وطنه وازدهاره.

عندما غادر إلى موسكو حمل معه روح العراق وتذكاراته الجميلة التي عذبته في غربته. هناك لم يتحمل هذا الإبعاد القسري كما قال لي في رسالة شخصية حملها الكثير من متاعبه وهمومه.

تدبرت مجيئه إلى لندن وعاش معي أشهرا عديدة لحين حصوله على عمل صحفي.

في تلك الأيام استعدت معه مشاكسات الشاعر يوسف الصائغ وعدوانيته عندما يحشر في زاوية، وزعله من مقالب النحات إسماعيل فتاح ورسومه الفاضحة التي أحرجته لأكثر من مرة مع زوجته نوار، وإعجابه ببساطة المصور الفوتغرافي جاسم الزبيدي واندهاشه من قدرته على الانسجام مع الوسط الفني بسرعة، ثم احترامه لدور سهيل سامي نادر الخفي في تحريك صفحة آفاق.

أبدى شجاعة عالية في مواجهة فقدانه لزوجته نوار في الثمانينات وهي ما زالت شابة، ولم يتردد لحظة من تحمل مسؤولية الاهتمام الكاملة بولده عباس وابنته سارة وحده. كان دائما ينحاز إلى روح الجد عندما يتعلق الأمر بالثقافة والعلم وقضايا التنوير، من هنا فقد وضع إبداعه القصصي على الرف وتفرغ لعمل صحفي من طراز خاص، معني بالعلم والتكنولوجيا وما يستجد في هذين الحقلين من تطورات وأفكار. لقد وجد حقل اهتمامه وتسلياته مثلما طوّر أسلوباً يتصف بالحيوية في تناول حقلين معقدين، باسطاً في الوقت نفسه مفاصلهما التاريخية، معليا دائما منجزات الحضارة العربية والعلماء العرب المعاصرين. إن أسماء الخوارمزي وابن الهيثم وابن رشد ومايكل عطية ستتكرر في مقالاته مع تقديم الكثير من الأسماء العربية المجهولة في ميدان العلوم والبعض ممن حصل على جوائز علمية مرموقة منها جائزة نوبل. عكست مقالاته الأسبوعية التي كان يرسلها لأصدقائه تنوع ثقافته وقراءاته ورشاقة أسلوبه وطريقته في إغناء مقالاته بأقوال مبدعين متنوعين.

أثار حماس محمد للكتابة عن المجهولين من العلماء العرب حفيظة صديقه كاميران الذي كان يجد في هذا الاندفاع مبالغات صحفية، لكن ابى عباس كان يتجاهله بابتسامة لا يعرف معناها إلا الله وكاميران نفسه. في السنوات الأخيرة أبدى محمد اهتماماً استثنائياً بأعمال المعمارية زها حديد، وأحسب أنه وجد فيها العراق المنتج الذي عشقه، مع مشاعر بالخسارة لم يخفها لهجرة رموز الثقافة العراقية وتوزعهم في أرض الله الواسعة.

في ليلة مغادرة الشاعر مظفر النواب إلى منفاه كنا، محمد والشاعر يوسف الصائغ والشاعر صادق الصائغ، في جلسة نستذكر فيها شعر مظفر، فأبدى محمد إعجابه بالمقطع الآتي:

"غرّب نجمتك ما يلوكلها فلك

غرّب وان لاكيت سفينة ليل

بجاها الغُرب ، خاويها يا ابن الناس

ضيعوك وضيعوها هلك".

يا ترى كم من أمثال محمد كامل عارف أضاع العراق؟

القائمة طويلة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram