اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: الأطفال نص الحرب الذي سأختاره

كلاكيت: الأطفال نص الحرب الذي سأختاره

نشر في: 13 ديسمبر, 2023: 10:53 م

 علاء المفرجي

تحتل أفلام الحرب، نسبة كبيرة في الإنتاج السينمائي العالمي، لأسباب عديدة، نشير منها الى سببين اثنين جعلا هذه الأفلام تقف في مقدمة الأفلام التي تستهوي اقبلا كبيرا من متلقي السينما. ولعل من اهم هذه الأسباب، هو المحمول السياسي لهذه الأفلام، من أجل نشر أيدولوجيات وصور نمطية ودعائية، تُبرز القوة الكافية.

وثانيا هو تصدي الشركات والاستوديوهات الكبرى الى تمويل هذه الأفلام، ووضع كل العناصر اللوجستية في خدمتها، سيما التقنية اللازمة، من أجل أن تتوافر لها كل أسباب تقديم صورة جمالية لها. والمتلقي يتذكر الكثير منهذه الأفلام، وخاصة التي انتجتها السينما الامريكية.

هذا لا يعني ان جميع أفلام الحرب تخضع لمثل هذه الشروط، فبعض أفلام الحرب أسهمت وبشكل فاعل، في كشف حقائق تستقصي أسبابا لاندلاعها، وتأثيرها المدمر فيما بعد.

ومما لا شك فيه أن صناعة أفلام الحرب في السنوات الأخيرة تطورت بشكل كبير، تزامنا مع التطور التقني المضطرد لصناعة السينما نفسها. وكان ان توسعت الموضوعات التقليدية لهذه الحرب، لتصل لابتداع اشكال خيالية لها، لكنها لم تخرج عن اطار ثنائية الخير والشر.

حروب أخيرة كثيرة نشبت في السنوات القليلة الأخيرة، وهي بالتأكيد ستكون موضوعات صالحة للسينما، وهذه المرة ستكون الوثائق هي الحاسمة في هذا الموضوع، خاصة بما توفره وسائل التواصل الاجتماعي والتغطية المباشرة لمصوري الفضائيات الذين تواجدوا في قلب هذه الحروب، والسينما بذلك ستكون ملزمة بنهج هذه الوثائق، لتأكيد مصداقيتها.

ولو كنت مخرجا أو كاتبا مكلف أو متطوع لكتابة سيناريو لفيلم عن حرب غزة الأخيرة والتي شنتتها إسرائيل، سأبتعد في البداية كثيرا عن الشروط التقليدية التي لازمت هذه الأفلام منذ بدايتها في السينما، وسأنتظر لتكتمل الرؤية لهذا الموضوع.

فغالبا ما كانت النصوص والسيناريوهات، التي تكتب في نفس توقيت الحدث، قاصرة عن الألمام بتفاصيل الحدث، ودون ان تمنح الكاتب والمخرج بأن يتوافر علة نظرة شاملة للحدث، وانطباع راسخ عنه. ولنا في تاريخ السينما نماذج لذلك، ففيلم (القبعات الخضر) الذي كتبه وأخرجه جون وين عام 1968 عن تورط أمريكا في حرب فيتنام، كان مليئا بالمبالغة والانحياز، والنظرة المتسرعة لطبيعة هذا الحدث التاريخي، الذي نال التعاطف الأكبر مع فيتنام من قبل الشعب الأمريكي، فكان من الطبيعي أن تستقبل بعض الولايات الامريكية هذا الفيلم، بالطماطم والبيض الفاسد، وبالعكس مع أفلام أخرى ناقشت دوافع هذا التورط ونتائجه الكارثية، مثل فيم (الفصيل)، و(ولد في الرابع من تموز)، لأوليفر ستون، و(القيامة الان) لفرنسيس كوبولا.. وغيرها م الأفلام التي انتجت بعد سنوات من انتهاء هذه الحرب.

لكن مع استمرار القصف الهمجي للإسرائيليين في غرة، لا يمتلك كاتب النص لتوثيق هذا الحدث إلا مراقبته، وبيان أثره الكارثي على شعب الأن ومستقبلا، وانتظار ما توحي به الأيام المقبلة، من أجل اختمار فكرة العمل.

ولو كنت كاتب هذا النص سأختار أثر حرب الإبادة هذه على الأطفال، والأطفال ليسوا ضحاياه الأكثر عددا فحسب، فقد قدرت اخبار الحرب حتى الان أت 70 بالمئة من شهداء هذه الحرب هم من الأطفال.. بل العمل على الأطفال وهم يمارسون –بما استطاعوا عليه- نضالهم اليومي في غزة والضفة، بل وهم يتحدثون الى السوشيال ميديا، لما يعانوه، فتارة يتحدث أحدهم عن فقدان أفراد عائلته نتيجة القصف العشوائي، وأحيانا أخرى يتحدث في إحدى وسائل التواصل عن (الهدنة) ليختم حديثه: "انتهت الهدنة ولم نحصل على الغاز".

لو كنت كاتب هذا النص سأختار هذه الثيمة المجاورة لمأساة الحرب، وسأختار الشريحة الأكثر تضررا منها، فيما أركز في النص على قضية وعي الطفولة هذه في هذه الحرب، فليس الخوف فقط هو ما يجمع مشاعرها، بل قراءتهم البريئة للحدث/ للحرب، وتساؤلاتهم: ما الذي يريده الأعداء، ولماذا نحن بالذات في مرمى بنادقهم، ولماذا تلفظ أختي أنفاسها تحت الأنقاض.

أسئلة تتوالد من عمق الحرب ولا آدميتها، هي أسئلة الطفولة التي كانت عنوان هذه الحرب، سأهمل ما تفعله أسلحة الإسرائيليين المختلفة في مدينة، كل ذنبها أنها تقاوم هذا الموت المجاني، وسيكون للطفولة المساحة الأهم في هذا النص السينمائي، وإن بقت أثارها المدمرة خلفية لا أكثر، فالطفولة باختصار هي المستهدفة.

فالحرب في هذا النص تبقى بروازا سينمائياً ينجز لحظة صياغة عنصر الحكاية في الخيال، فالحرب ستكون الدافع القوي لبينة الأحداث دراميا، فيجب أن يكون وجود الحرب وجودا واقعيا،، لكن النص الذي سأختاره، والصورة التي سأبرزها تتفوق على سرد تفاصيل الحرب، عنصر الصورة، فالنص سيكون هو المهيمن بأمر هذه الحرب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram