المدى/ تبارك عبد المجيد
شهدت مسارح البصرة قديماً عروضاً لأشهر المسرحيات العربية والمحلية، وألقت على خشباتها اول مرابد الشعر، وسط جمهورها البصري المحب للفن، ومثلت تلك الخشبات صرحاً ثقافياً اصيلا يحكي عبق تاريخ الفن في تلك الحقبات، الا أن جميع تلك الحكايات تهدمت واندثرت، لتبنى فوقها "مراكز تجارية".
مسارحها "تحطمت"
نقيب الفنانين في البصرة، فتحي شداد يقول لـ(المدى)، إنه "في خمسينيات القرن الماضي وحتى التسعينيات كانت مدينة البصرة تشهد ازدهاراً في مجال الفن والابداع، حيث كانت مسارحها تمتلئ بالجماهير المحبة للفن، وكان للفنان مكان يظهر فيه إبداعهُ ونتاجه الفني"، مضيفاً أنه "بعد عام ٢٠٠٣، هُدمت اغلب المسارح الكبيرة وتدهور مستوى الفن في البصرة". وخلال حديثه لـ(المدى)، عبد شداد عن اسفه للاهمال والتهميش الذي تعرض له لفنان البصري من قبل الحكومات المحلية المتعاقبة "جميع الحكومات لم تمنح أي اهتمام للمسرح البصري، لم نر منهم سوى مشاريع إكساء الشوارع والمجاري، والتي يتمّ إعادة تأهيلها اكثر من مرة وفي ذات المكان"، واصفا حال المسارح بأنها "منهارة". وهدمت اغلب المسارح في البصرة، منها مسرح "بهو الإدارة المحلية"، ويعد اكبر الصروح المسرحية والثقافية في المدينة، ليحل محله مركز تجاري بقيمة تجاوزت ١٦٠ مليار دينار، مما اثار وقتها استياءً كبيرا بين معماريي وفناني البصرة.
يقول علي عصام وهو فنان مسرحي، أن مسرح بهو الادارة المحلية "اهم المسارح على مستوى العراق، حالياً هو مول كبير للتسوق ويحتوي على مسرح تحول في ما بعد لمقهى شبابي"، مشيرا أيضا الى وجود "مسرح صغير في مقر نقابة الفناين، لا يصلح للعروض كونه يخلو من تقنيات المسرح المعمول بها محلياً وعالمياً، لا اضاءة ولا صوت ولا قاعة للمشاهدين. اما المسارح الموجودة في كليات ومعاهد الفنون فهي بائسة وتفتقر الى التقنيات ايضاً، وحتى دائرة السينما والمسرح في البصرة لا تملك مسرحاً، بالرغم من كون عملها يشترط وجوده".
خاوي من الفن
وفي سياق مماثل يقول خلف جوهر (فنان بصري) إن "الفنان كان يملك متنفساً وفسحة فنية استطاع من خلالها اظهار ابداعه، كما تواجدت العديد من الفرق الفنية المتنوعة، منها الحكومي والخاص، وجميعها عملت دون توقف". وتحدث جوهر لـ (المدى)، أيضاً عن مسرح (بهو الادارة المحلية)، لاهميته عند البصريين، ووصفه بأنه "افضل مسارح الشرق الأوسط، نشأ في فترة السبعينيات، ويحتوي مسرحين احدهما يلائم أجواء الصيف والآخر الشتاء"، مشيراً إلى انه بالرغم من أهميته الكبيرة لما يمتلك من جمهور من داخل القطر وخارجه، الا انه واجه تهميشاً مؤلماً، وتحول بكل سهولة إلى "مول تايم سكوير".
ويضيف جوهر: "لم يتبق سوى مسرح واحد، وهو غير مرغوب كثيرا للاستعمال بسبب موقعه غير المناسب، وصغر حجمه".
وبالحديث عن مطالب الفنان البصري، اختصر جوهر مطالبه بالقول إنه "لا احد يسمعنا، لماذا نطالب؟".