ذي قار / حسين العامل
اعلنت اوساط الحركة الاحتجاجية في ذي قار، رحيل عبد الله ناصر الازيرجاوي اقدم متظاهر في العراق عن عمر ناهز الـ 91 عاما ، أمضى 75 عاما منها في ميادين الحركة الاحتجاجية والمطلبية اذ تعود اولى مشاركاته الى رفض معاهدة بورتسموث عام 1948 واخرها في تظاهرات الاول من تشرين 2019 وما بعدها.
وقال عبد الله ناصر مايع الازيرجاوي وهو من مواليد 1932 في حديث سابق لـ(المدى)، إن " التظاهرة الاولى التي شاركت فيها كانت عام 1948 ضد معاهدة بورتسموث وانطلقت من شارع الجمهورية باتجاه القيصرية وسط الناصرية وشارك فيها المسلمون والصابئة واليهود والمسيحيون ومن بينهم مادلين مير وهي يهودية الديانة وشقيقها وعدد اخر من اتباع الديانة اليهود فضلا عن حزام عيال من الصابئة المندائيين وشخصيات وطنية من الحزبين الشيوعي والوطني الديمقراطي ومستقلون".
واضاف، ان "التظاهرة الثانية التي شارك فيها كانت عام 1952 لدعم انتفاضة فلاحي آل ازيرج التي حدثت في محافظة ميسان حيث حرصنا في الناصرية على دعم تلك الانتفاضة، وبعدها واصلنا التظاهر في الاعوام اللاحقة 1954 و1956 حيث خرجنا في عام 1956 احتجاجا على العدوان الثلاثي على مصر وقد تم اعتقال العديد من المتظاهرين في ذلك الحين ولاسيما الطلبة "، لافتا الى انه "اعتقل عام 1956 لمدة 6 اشهر بسبب مشاركته بالتظاهرات في العهد الملكي".
وتابع الازيرجاوي ان "التظاهرات في العهد الجمهوري ابتداء من صباح 14 تموز 1958 حيث خرجنا مؤيدين للثورة وكانت التظاهرات بمشاركة الشيوعيين والبعثيين والوطنيين ومن ثم شاركنا في تظاهرات 1959 ضد المؤامرات التي تحاك ضد الثورة واعتقال الوطنيين وقد تم اعتقالي والحكم علي لمدة 6 اشهر حين ذاك بتهمة ملفقة هي تمزيق لافتة تحمل اسم عبد الكريم قاسم".
واشار الازيرجاوي الى، ان "اعتقال الناشطين والمتظاهرين في العهد الجمهوري كان يجري بتلفيق من ضباط امن كانوا يعملون في السابق ضمن اجهزة العهد الملكي وبعثيين معادين للشيوعية وكان الزعيم عبد الكريم قاسم يصدقها حيث تم اعتقالي مرة اخرى وسجنت في سجن الرمادي".
واضاف الناشط المدني "اما في حقبة ما بعد عام 1963 فقد تم اعتقالي في يوم الانقلاب في 8 شباط وبعد اذاعة البيان الاول للانقلاب وكان من المقرر اعدامنا الا ان تدخل القيادي في حزب البعث فؤاد الركابي انقذنا من الاعدام وجرى تحويلنا الى معتقلات في الناصرية تضم الشيوعيين والوطنيين وبقيت اُنقل من معتقل الى اخر مع التعذيب الوحشي ولم يفرج عني الا بعد مضي عدة اشهر ليتم اعتقالي مرة اخرى ونقلي الى مدينة الديوانية حيث تعرضت لأبشع انواع التعذيب الذي توفي من جرائه العديد من زملائي في المعتقل كما توفيت في معتقل مجاور لمعتقلنا امرأة تدعى صفية الشيخ ام موسى وكانت مسؤولة التنظيم النسوي ( رابطة المرأة العراقية ) في الفرات الاوسط وكان يشرف على التعذيب شخص يدعى حسين الصافي". وأردف، "لم اخرج من معتقل الديوانية الا بعد تشرين الثاني 1963 وعندما انقلب عبد السلام عارف على البعثيين"، لافتا الى ان عمليات الاعتقال كانت متواصلة طيلة الاعوام اللاحقة لنشاطه السياسي المناهض لحكومة عبد السلام عارف فضلا عن محاربته حتى بتعيينه في سلك التعليم بعد ان تخرج من معهد اعداد المعلمين، مستدركا "اما في عام 1965 فقد شاركت في تظاهرة في بغداد للمطالبة بتأميم النفط".
واضاف الازيرجاوي ان "حقبة ما بعد تموز 1968 التي سيطر فيها حزب البعث على السلطة لم تكن ملائمة لتنظيم التظاهرات بسبب البطش والقسوة وقد اكتفينا بتنظيم سري لمعارضة النظام البعثي الذي كان قاسيا في قمع معارضيه اذ تمت تصفية العديد من الناشطين والمعارضين بتهم ملفقة من بينها شتم النظام ورموزه وقد جرى اعتقالي لمدد قصيرة في تلك الحقبة المشحونة بالعنف والقسوة والاستبداد". وتابع، "اما في انتفاضة 1991 فقد كنت ومعي العديد من الوطنين والشيوعيين من المؤيدين لانتفاضة آذار عام 1991 وقد شاركنا في فعالياتها لكننا سرعان ما انسحبنا منها بعد ظهور شعارات طائفية لا تخدم القضية العراقية".
وتابع الازيرجاوي الذي لم يتخل عن المشاركة في تظاهرات تشرين رغم كبر سنه ان "مشاركتي في تظاهرات ما بعد عام 2003 كانت مع اليوم الاول للتغيير حيث تظاهرنا تأييدا وابتهاجا بزوال حكم الدكتاتور صدام حسين لكن حين تكشف لنا زيف الوعود التي نادى بها سياسيو هذه المرحلة واهتمامهم بمصالحهم الحزبية واستحواذهم على مغانم السلطة استأنفنا تظاهراتنا المطلبية عام 2011 في ساحة التحرير في بغداد وقد تم قمع التظاهرة حين ذاك ". ورأى ان إصراره على المشاركة في التظاهرات المطلبية يعود لكونها تعبر عن ما يريده الشعب من حياة حرة كريمة ، لافتا الى ان الحكومات المتعاقبة لم توفر حتى 5 بالمئة من مطالب الشعب سواء بتأمين فرص العمل أو توفير الخدمات الاساسية وحماية الحريات التي كفلها الدستور".