اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > التعليم الأهلي في العراق: من مؤسسات رصينة إلى دكاكين تجارية

التعليم الأهلي في العراق: من مؤسسات رصينة إلى دكاكين تجارية

نشر في: 20 ديسمبر, 2023: 11:21 م

 بغداد/ تبارك عبد المجيد

تدر المؤسسات التعليمية الاهلية في العراق اموال طائلة سنوياً لأصحابها، وهذا ما يجعل اعدادها تتزايد بشكل مبالغ به، في وقت يعاني فيه العراق من ارتفاع نسب البطالة وتكدس اعداد الخريجين.

يتهم مراقبون تلك المؤسسات باستغلال التعليم كواجهة لمصالح تجارية، في الوقت الذي يعاني خريجوها من تدني في مستوياتهم المهنية والعلمية، ما يضع رصانة التعليم المحلي على المحك.

سجل العراق خلال العام الدراسي 2015-2016 وجود 544 مدرسة أهلية بواقع 73 ألف طالب، وارتفع هذا العدد إلى 1254 مدرسة أهلية تدرس نحو 151 ألف طالب خلال عام 2020، بينما وصل إلى 2884 مدرسة خلال العام الحالي 2023، بحسب إحصائيات وزارة التخطيط.

اما الجامعات الاهلية فبلغ عددها بين عامي 1988 وحتى 2000، 10 كليات فقط، ومنذ عام 2004 أخذ تأسيس الكليات يتسارع على الرغم من التغييرات التي شهدتها البلاد حتى وصل إلى 75 كلية في نهاية 2019، وتضم 570 فرعا دراسيا موزعة على الأقسام والكليات، في المقابل توجد 35 جامعة حكومية.

غياب المهنية

تخرجت نادين محمد من احدى جامعات العاصمة الاهلية، العام الماضي، وعزت سبب دراستها بحصولها على معدل متدني في الثانوية.

تفاجأت نادين بعد دخولها الجامعة الاهلية بعدم وجود "عدالة ومهنية في التعامل من قبل المسؤولين"، على حد قولها وذلك يعود بحسب ما أوضحت إلى "نجاح العديد من الطلاب جراء دفع مبالغ إضافية، بالرغم من عدم مواظبتهم على الدوام".

وتبين خلال حديثها لـ(المدى)، أن "التأخر بدفع رسوم الدراسة له ضريبتهُ؛ اما حرمان الطالب من تأدية الامتحانات النهائية، او طرده من الجامعة، وتبليغ كافة الأساتذة بعدم إدخاله أية حصة دراسية".

تسترسل نادين الحديث عن اكثر ما عرضها للصدمة، حين وصلت إلى مرحلة التخرج وبعد تفوقها وحصولها على المركز الأول على قسمها، كان من المفترض ان تحصل على تعيين في ذات الجامعة، وهذا سياق ما تعمل به الجامعة مع كافة الطلبة المتفوقين، وفق ما أوضحت.

تتابع قائلة، إنه "بعد ذهابي للتقديم على الوظيفة، شعرت بنوع من المماطلة في الإجراءات"، وبعد إلحاح من قبل نادين من أجل الوظفية التي وُعدت بها، يقال لها بصريح العبارة "شكلج مايساعد"؟!

"تُجار" التعليم

يرى علي حاكم (ناشط في مجال التعليم)، أن العملية التربوية في العراق "فقدت جوهرها الحقيقي، حيث أصبحت تتجه نحو المنفعة لا التَعلم"، مشيراً إلى أن "الطلاب اليوم لا يدرسون لاجل المعرفة، بل بهدف الحصول على شهادة جامعية تؤهلهم الحصول على وظيفة حكومية إن وجدت، او لكسب مكانة اجتماعية".

يردف حاكم كلامه لـ(المدى)، قائلاً إن "الوقت الراهن يشهد ظهور وسائل تدريس متنوعة، منها استخدام برامج الهاتف، حيث يقوم بعض الطلاب بدفع مبالغ تزيد عن ٣٠٠ الف دينار عراقي للحصول على فيديوهات جاهزة، تتناقل لعدة افراد، بالإضافة إلى انتشار العديد من المعاهد والمدرسين الخصوصيين، الذين أصبحوا "تجاراً للتعليم"، هدفهم الربح على حساب رصانة التعليم"، مشيراً الى وجود بدع تعليمية اخرى كثيرة مثل "بيع بطاقات الامتحانات وتقسيم المادة الدراسية الى عدة ملازم وبيعها بأسعار باهظة".

ولا يتفق حاكم على نموذجية المؤسسات الأهلية كافة، إذ يظن أن لجوء المدارس او الجامعات الأهلية إلى جذب الطلبة المتفوقين من المدارس الحكومية عبر إغراءات متعددة مثل المنح المالية وتوفير وسائل النقل لهم، إضافة إلى تحفيزهم بالهدايا الثمينة، من أجل إيهام الزبائن بأنها تصنع طلبة متفوقين.

وينوه بأن تجار التعليم وجدوا من البيئة الحالية "مكاناً يصلح للاتجار بالعملية التربوية، والاستمرار ببناء المزيد من الجامعات والمدارس والمعاهد الاهلية"، محذراً من تداعيات اهمال القطاع التعليمي، فيما اعتبر أن التعليم مسؤولية كبيرة، يتحملها الجميع وللمجتمع المدني والناشطين في مجال التعليم وأولياء الأمور والتدريسيون دور في تحسين واقعه.

ويرى حاكم أن " غياب التخطيط وعدم وجود دراسات دقيقة لاستحداث كليات أهلية تتناسب مع حاجة السوق المحلية إلى اختصاصات معينة، ولد فوضى في قطاع التعليم تتماشى مع مصالح المتنفذين والمستثمرين، ما انعكس سلباً على مستوى الخريجين من الكليات والجامعات الأهلية".

وأسس علي حاكم قبل عدة سنوات المدرسة الحرة، لتكون النموذج الأول والحقيقي للتعليم، ويقول حاكم انها تهدف إلى "معالجة جميع مشاكل التعليم في العراق، وهي ليست مدرسة أهلية ولا حكومية، انما تصنف كمدرسة اجتماعية تحاول أن تعيد للتعليم جوهره الحقيقي".

وعن هدفها الاخر، يبين أنها "تطمح لإنشاء سياسات عامة تصل الى الجهات المعنية"، متمنيا ان تكون نموذجا يلتفت اليه صناع القرار، والاخذ به على محمل الجد.

وجاءت تلك الفكرة من ايمان حاكم بأن التغيير الحقيقي يبدأ من قطاع التعليم، واطلق نشاطاته في هذا الجانب منذ عام ٢٠١٥.

تشبيك

من جانبه، يقول الأستاذ في جامعة الكوفة حسن فخر الدين، إن "الجامعات الأهلية تستوعب ما يقارب الـ٥٠ في المئة من خريجي الدراسات الإعدادية، ما يجعلها جزءا لا يمكن الاستغناء عنه من العملية التعليمية في البلاد".

وعن سبب استقبال الجامعات الاهلية نسبة كبيرة من الطلاب، يوضح فخر الدين لـ(المدى)، أن "الجامعات الحكومية لا تملك الموارد المالية واللوجستية المتطلبة لاستقبال الطلبة كافة"، وبظل هذا العجز يرى أن وجود الجامعات الاهلية "حَلَّ مشكلة كبيرة".

ومما لاشك فيه أن كثرة أعداد الجامعات الاهلية، سبب تراجعاً ملحوظاً بجودة التعليم المحلي، لذا يتطرق فخر الدين الى الحديث عن بعض الاثار السلبية، ولعل ابرزها: "خلق عدم عدالة بين الطلاب، واستقبال عدد كبير من طلاب الأقسام الطبية". ويردف قائلاً، إن "ذلك سبب مشكلة بعدد الخريجين من الأقسام الطبية وبعض الأقسام الهندسية، حيث باتوا عالة على حاجة السوق المحلية"، مضيفاً أن "تكدس الخريجين بتلك الطريقة افقد الشهادة الجامعية قيمتها".

ويحذر فخر الدين من مسألة "استحصال بعض الجامعات موافقات لفتح كليات الطب البشري"، واصفاً ذلك الامر بـ"الخطير، ويجب ان تكون هناك رقابة مشددة من قبل الجهات المعنية، والا سيعود بالضرر الكبير على الجميع".

ويحث على ضرورة تشبيك التعاون بين الجامعات الحكومية والأهلية، وتفعيل الجانب الرقابي من قبل الطرف الأول خاصة بعد الحديث عن استحداث الدراسات العليا في الجامعات الاهلية، كما شدد على أهمية تطبيق نظام التوأمة بين الطرفين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

مقالات ذات صلة

من يصدق؟.. أزمة بديل الحلبوسي يشعلها
سياسية

من يصدق؟.. أزمة بديل الحلبوسي يشعلها "لوبي إطاري" ضد السوداني!

بغداد/ تميم الحسنكشفت مصادر سياسية متقاطعة عن أزمة مركبة في قضية اختيار رئيس البرلمان، جزء منها يتعلق برئيس الحكومة محمد السوداني، لابطاء حركته.وفي اليومين الاخيرين جرت مباحثات مكثفة شيعية، وسّنية، منفردة ومجتمعة، حول هذا...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram