ثائر صالح
ينفّذ عازف الهاربسيكورد الفرنسي جان روندو مشروعاً طموحاً لتسجيل كل أعمال الموسيقي الفرنسي لوي كوبران. سيصدر التسجيل الذي يتألف من سبع أقراص مدمجة تحوي عشر ساعات من موسيقى الحجرة والهاربسيكورد والاورغن في خريف العام 2025،
في استهلال الاحتفال بالذكرى المئوية الرابعة لولادة الموسيقار الفرنسي المعروف. اختار روندو عدداً من الأدوات التاريخية في عدة دول لتسجيل أعمال كوبران، منها هاربسيكورد من صنع روكرز (1624) من مقتنيات متحف اونترلندن في مدينة كولمار (فرنسا). وسيطرح التسجيل في تشرين الثاني 2025، والتسجيل يحوي 130 قطعة للهاربسيكورد و 70 قطعة للأورغن علاوة على عشر قطع من موسيقى الحجرة (لبضعة أدوات).
ولد لوي كوبران في قرية قرب باريس في 1626 وانتقل إلى باريس سنة 1650 أو 1651 ليعمل عازفاً على الأورغن في كنيسة غرفيه (دائرة باريس الرابعة). وسرعان ما بنى لنفسه سمعة ليعد بين أشهر عازفي الهاربسيكورد والفيول الباريسيين في وقته. توفي مبكراً عام 1661 وهو في الخامسة والثلاثين ولم تصدر له أية أعمال مطبوعة في حياته، وقد عثر على الكثير من أعماله المخطوطة لاحقاً بعضها في منتصف القرن العشرين.
أما العازف جان روندو فقد ولد في 1991 ودرس العزف على الهاربسيكورد في الكونسرفاتوار الوطني العالي للموسيقى في باريس وأكمل الدراسة في مدرسة كيلدهول في لندن، صدر أول ألبوم له في 2015 ـ تلاه ألبوم "دوار: رامو ورويّه" سنة 2016 استعمل فيه هاربسيكورد تاريخي من قصر اسا (Château d’Assas) قرب مونبلييه في جنوب فرنسا، وهو نفس الهاربسيكورد الذي سجل عليه العازف الأمريكي الشهير دنيس سكوت (1951 - 1989) أعمال فرانسوا كوبران (1668 - 1733) وصدر بعد وفاته سنة 1990. وفرانسوا كوبران هذا هو ابن شارل كوبران، أخو لوي كوبران موضوع حديث اليوم، فهذه العائلة أنجبت الكثير من الموسيقيين لستة أو سبعة أجيال. أصدر روندو 12 ألبوماً لحد الآن، قسم منها لأعمال موسيقيين مشهورين من جورج فريدريش تلمان (الرباعيات الباريسية المشهورة) أو كارل فيليب إيمانويل باخ أو دومينيكو سكارلاتّي وألبوم خاص بأبناء باخ، وآخر يوثق أعمال مؤلفين فرنسيين مجهولين لم نسمع بهم قبل الآن. آخر ألبوم صدر في آذار هذا العام بعنوان صعود البارناس وهو الجبل الإغريقي الأسطوري موطن ربات الفنون، يقدم فيه روندو 400 عاماً من الموسيقى على الهاربسيكورد، بعضها مؤلف للبيانو. يبدأ من بالسترينا (1525 - 1594) ويمر عبر النمساوي العظيم لكن المغبون يوهان يوزف فوكس (1660 - 1741) صاحب الكتب النظرية التي تعلم منها هايدن وموتسارت وبيتهوفن، دون أن ينسى تقديم بعض أعمالهم في هذا الألبوم، وينتهي بكلود ديبوسي الذي كان يبحث عن الجديد والمثير في عالم الصوت والموسيقى. شخصياً أستمع إلى تسجيلات روندو منذ بضعة سنوات باهتمام، فقد لفت انتباهي إلى هذا الفنان الشاب أداؤه الدرامي لقطعة "دوار" التي ألفها بانكراس رويّه (1703 - 1755).