احيا بيت المدى في شارع المتنبي، أمس الأول الجمعة، مئوية العالم العراقي الكبير الدكتور ابراهيم السامرائي، واشارت مداخلات المتحدثين الى اهمية نتاجاته البحثية والتحقيقية ووفرتها، فضلا عن اهتمامه باللغة العربية وسلامتها.
في بدء الجلسة، قال مقدمها الباحث رفعت عبد الرزاق، ان "السامرائي من كبار علماء العربية والمجددين فيها".
واضاف، انه "نحتفل اليوم بذكرى الدكتور ابراهيم السامرائي الباحث والمحقق والاديب الكبير، واعتدنا ان نحتفل بذكرى هؤلاء الافذاذ بعد رحيلهم ولعل بكاء الماضي هو بسبب ما آل اليه هذا الحاضر الاليم، واستذكار هؤلاء الرجال المؤسسين في العراق يعد من الواجبات الوطنية قبل ان تكون من الواجبات الاجتماعية والادبية".
واشار الى ان "السامرائي هذا الذي قضى كل عمره بالبحث والتحقيق والتدقيق والاستدراك والاضافة والتنويه جدير ان نذكره في الكثير من المناسبات".
وتابع، انه "اكمل دراسته الابتدائية ثم المتوسطة في العمارة وانتقل الى بغداد ودخل دار المعلمين العالية وتخرج فيها عام 1946 واختير للبعثة الدراسية الى فرنسا وأكمل هناك الدكتوراه في السوربون وكان من زملائه هناك دكتور صلاح خالص وعلي جواد الطاهر، وثم عاد الى بغداد واصبح استاذا في كلية الاداب حتى عام 1981 حين ترك العراق الى المنفى الاختياري".
ونوه الى ان "له 84 كتابا منشورا و24 كتابا مخطوطا و372 بحثا منشورا في مجلات رصينة وانصرف منذ خمسينيات القرن الماضي الى البحث والتدقيق وغيرها"، مبينا انه "على الرغم من كونه احد العراقيين الذين شاركوا في مجامع علمية عديدة في مصر وتونس والهند ولكنه لم يحصل على عضوية المجمع العلمي العراقي ولأسباب عديدة".
من جانبه ذكر د.محمد حسين آل ياسين، ان "الدكتور ابراهيم يحتاج الى مدخل اذكره يتصل بمقالة كتبها المرحوم الدكتور نوري حمودي القيسي، ومضمونها ان الاساتذة في الجامعة نوعان، نوع يبذل جهده كله ووقته كله في التأليف والتحقيق والبحث الدراسة ومحاضرته ضعيفة مهلهلة لانه لم يبق لديه من الوقت والجهد ما يغني المحاضرة، ونوع قليل البحث والتأليف من ناحية العدد ولكن محاضرته غنية وباهرة ومدهشة، لانه ينصرف ان يكون على المنصة باهرا ومدهشا، دائما وابدا".
وأكمل، انه "بعد قراءة المقالة كنا جميعا نحاول تطبيقها على من نعرف من اساتذتنا وزملائنا فانطبقت على الجميع بلا استثناء، فالدكتور ابراهيم كان من النوع الاول".
ولفت آل ياسين، الى ان "الدكتور ابراهيم، من غير الحديث عن انجازه العلمي، كان مهتما جدا بالسلامة اللغوية والصحة ويدعو اليها ويركز على ضرورتها في الكتابات والاحاديث، بحيث انه نقل لنا يوما عندما كان طالبا في جامعة باريس، قررت الجامعة بطلابها واساتذتها ومسؤوليها من العمداء ورؤساء الاقسام ان تنظم مسيرة كبيرة تبدأ من الجامع وتنتهي في الساحة الفلانية نصرة للجزائر ايام كانت الجزائر لم تنل استقلالها، وحان وقت التحرك، فغاب عنها اكبر استاذين، فقصدا وسئلا، وقالا لا نحضر ونمشي في مسيرة تنتهي عند الساحة الفلانية ويقرأ بها البيان المطبوع وفيه خطآن لغويان، انظروا الى الحرص والانتماء للفرنسية واحترام اللغة، بحيث انهما غير مستعدين ان يسمعا هذا البيان وفيه خطآن، فاين منا من هذا الاحترام والانتماء، اين الانتماء واحترام العربية؟، الا ترون ان العربية تشكو غربتها في اهلها قبل اي شيء آخر؟، والسامرائي كان يركز على هذا كثيرا".
بدوره قال د. سعيد عدنان، ان "السامرائي درس في السوربون وكان المنهج السائد هو المنهج التاريخي وقد افاد منه الدكتور السامرائي في درسه في السوربون، فدرس العربية في جموعها على نحو تاريخي ودرس علاقتها مع الساميات، مع السوريانية والعبرية، وازعم ان المنهج التاريخي ما يزال نافعا وان المعرفة لا تصح ولا تقوم على اساس سليم من دون المنهج التاريخي، وما يأتي بعده من مناهج يبنى عليه اما ان يستغنى عن المنهج التاريخي فذلك خطل في البحث".
واضاف، انه "لقد بني ذهن السامرائي بناء رصينا محكما وتشرب المنهج التاريخي واخذ ينظر الى العربية في تاريخها وكتب في ذلك من معجم المتنبي وكذلك من معجم الجاحظ وهو في هذين الكتابين يدرس الاستعمالات، استعمالات المتنبي والجاحظ للالفاض في عصريهما، وهذه سابقة تحسب لاستاذنا السامرائي في الدرس اللغوي".
وبين ان "السامرائي من اوائل من وقف عند لغة الشعر ووضع كتابين فيها، لغة الشعر ولغة الشعر بين جيلين، الاول بني على نحو نظري والثاني على نحو تطبيقي هما كتابان متكاملان، وهو من قبل ومن بعد، اديب ومنشئ وصاحب بيان، وقل من اللغويين يكونوا صاحب بيان مشرق، وهو شاعر ايضا وشعره ليس من شعر العلماء، وانما من شعر الشعراء وفيه العاطفة والخيال واللغة الصافية".
ولفت الى انه "كان ابي النفس، يأبى الظلامة ويصون كرامته، وكان حريصا على صون كرامته، وتحدث في كتابه عما خشي ان يلحق به، حين احيل استاذانا الطاهر والمخزومي على التقاعد، خشي ان يحال هو على التقاعد فسارع وقدم طلبا على التقاعد، وسارعوا هم في قبول طلبه ولم يتريث احد من الادارة في الكلية بقبول طلب الاحالة على التقاعد وهو لما يبلغ سن التقاعد في سنة 1981، واضطر ان يغادر البلد وان يتنقل بين عمان وصنعاء وان يدرس في جامعتيهما، وقد صور ما عانى من غربة طويلة شعرا ونثرا فدل على نزعة ادبية اصيلة فيه".
الاستاذ بكر الراوي، قال ان "السامرائي علم من اعلام اللغة العربية في العراق تحقيقا ودراسة ونشرا، ولم يخرج من المدرسة اللغوية التاريخية لكنه للأسف لم يحظ بعضوية المجمع العلمي العراقي واحتضنته الاردن سنين طويلة، والكثير يتحدثون ان لديه مخطوطات لم تحقق ولم تنشر ونتمنى في يوما ما ان تنشر جميع مخطوطاته".