ذي قار / حسين العامل
حذرت لجنة ازمة التصحر والجفاف في محافظة ذي قار من اثار وتداعيات الهجرة السكانية الناجمة عن التصحر والجفاف ، مؤكدة تسجيل اكثر من 4 الاف اسرة نازحة من مناطق الاهوار والقرى الزراعية.
وقال رئيس لجنة ازمة التصحر والجفاف في ذي قار حيدر سعدي ابراهيم لـ(المدى) ان " محافظة ذي قار والبلاد عموما تعاني من تحديات بيئية كبيرة ناجمة عن التغيّر المناخي والجفاف والتراجع في الحصص المائية وتدهور الأراضي والتصحر والعواصف الترابية "، مشيرا الى ان " تلك التحديات باتت تهدد الأمن الغذائي والصحي والبيئي والأمن المجتمعي، ودفعت سكان المناطق المتضررة من الجفاف الى النزوح "، كاشفا عن "مناطق جافة تماما في مناطق الاهوار واخرى زراعية تعاني من شحة كبيرة "، مبينا ان " المياه الواصلة للكثير من القرى والمناطق التي تعاني من الشحة هي مياه ملوثة ومالحة ولا تصلح حتى للاستخدامات الزراعية"، منوها الى وجود تقارير بيئية رسمية تشير الى ارتفاع معدلات تلوث المياه في المناطق المذكورة وهو ما اخذ ينعكس سلبا على صحة السكان المحليين.
وتحدث ابراهيم عن تسجيل اكثر من اربعة الاف اسرة نازحة من مناطق الاهوار والقرى الزراعية ولاسيما مناطق شرق وجنوب الناصرية كالجبايش والمنار وسيد دخيل ونواحي قضاء سوق الشيوخ المتضررة من الجفاف وشح وتلوث المياه والتي نزحت باتجاه مراكز المدن والوحدات الادارية في المحافظة، مشيرا الى حالات نزوح اخرى كثيرة غير مسجلة رسميا كون النازحين يستخدمون طرق مرور نيسمية وزراعية غير مسيطر عليها.
وكشف ابراهيم عن رفض المحافظات الوسطى كالنجف وكربلاء استقبال النازحين من محافظة ذي قار وامتنعت عن منحهم تراخيص امنية خاصة بالنزوح ، وهو ما ادى الى تركيز النزوح في مركز مدينة الناصرية ومراكز الوحدات الادارية بالمحافظة.
وشدد رئيس لجنة ازمة التصحر والجفاف على اهمية تبني برامج حكومية فاعلة للحد من التصحر والتلوث البيئي وتقليل خطر التغيرات المناخية وتأثيراتها المتعددة ، مشيرا الى ان " بروز مشاكل اجتماعية واقتصادية بسبب الجفاف والنزوح من بينها النزاعات العشائرية وارتفاع معدلات البطالة والتنافس على فرص العمل التي هي قليلة بالأصل".
وتطرق ابراهيم الى التداعيات والمخاوف الامنية الناجمة عن الاكتظاظ والانفجار السكاني، مبينا ان " الاحياء السكنية اخذت تتوسع بصورة كبيرة فالحي الذي كان يتكون من منطقتين او ثلاثة اصبح الان يضم اكثر من 10 مناطق سكنية ".
واوضح " فحي الفداء ( احد ضواحي مدينة الناصرية ) كان على سبيل المثال يضم منطقتين سكنيتين واصبح حاليا يضم 11 منطقة "، عازيا ذلك الى النزوح والانفجار السكاني .
وحذر رئيس لجنة ازمة التصحر والجفاف من ان يتحول النزوح الجماعي غير المسيطر عليه الى مشكلة اجتماعية كبيرة نتيجة التغيرات الديموغرافية وطرق العيش ناهيك عن نشوب صراعات مجتمعية على مصادر الدخل وعدم استيعاب المدارس للأعداد المتنامية وكذلك المستشفيات والمؤسسات الخدمية، متحدثا عن اندلاع مشاكل ونزاعات عشائرية بصورة شبه يومية من جراء ذلك، معربا عن خشيته من دخول الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات على خط الازمة. ويرى ابراهيم ان " الحلول وان كانت محدودة الا انها يمكن ان تحد من تفاقم المشكلة "، مشيرا الى ان " لجنة ازمة التصحر والجفاف تبنت جملة من التوصيات من بينها اعادة توطين النازحين في مناطقهم من خلال توفير المتطلبات الحياتية الاساسية ولاسيما الماء الصالح للشرب وفرص العمل المناسبة فضلا عن الدعم والرعاية المجتمعية". وكانت لجنة ازمة التصحر والجفاف في محافظة ذي قار قد نظمت بالتنسيق مع منظمة شباب الجنوب (SYO) وبالتعاون مع وكالة الامم المتحدة للهجرة (IOM) حلقة نقاشية حول (المساهمة في الحد من التصحر والتلوث البيئي والتقليل من خطر التغيرات المناخية وتأثيراتها المتعددة ) شارك فيها فضلا عن رئيس اللجنة كل من مدير دائرة البيئة في ذي قار ومدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان ومدير مركز شرطة حماية البيئة وقسم الشرطة المجتمعية وممثل تربية ذي قار وعدد من الباحثين والجهات ذات العلاقة .
وتطرق المشاركون بالحلقة النقاشية الى جملة من التحديات الناجمة عن الجفاف من ابرزها إثارة النزاعات العشائرية والمجتمعية على الاستقرار الامني ، داعين الى تبني برامج اقتصادية واجتماعية لمعالجة تداعيات النزوح السكاني ورفع الوعي المجتمع واشراك السكان المحليين في وضع الحلول والبرامج المجتمعية لبناء القدرات ومساعدة النازحين على تجاوز الازمة .
وكان مسؤولون محليون ومنظمات مجتمعية في ذي قار أعربوا في (اواسط حزيران من العام الحالي ) عن خشيتهم من تفاقم مشاكل النزوح البيئي الناجم عن ازمة المياه في موسم الصيف، وذلك بالتزامن مع تحذيرات بيئية من تراجع مناسيب المياه في مناطق الاهوار.
واسفرت موجة الجفاف التي شهدتها مناطق الاهوار عن ارتفاع معدلات البطالة بين سكان اهوار الناصرية الى أكثر من 60% بعد ان فقد معظم العاملين في مجال تربية الجاموس وصيد الاسماك والاعمال الحرفية فرص عملهم نتيجة زحف التصحر والجفاف الذي طال أكثر من 90% من المناطق التي كانت مغمورة بالمياه.
يشار الى ان مسؤولين وسكان محليين في مناطق الاهوار حذروا في وقت سابق من تراجع القدرة الشرائية للسكان في المناطق المذكورة التي كانت تواجه مخاطر الجفاف، مشيرين الى حالة كساد غير مسبوقة في الاسواق المحلية بسبب فقدان معظم السكان لفرص عملهم، فضلاً عن انهيار اسعار العقارات وانخفاض اسعارها الى النصف وسط رغبة شديدة للنزوح.
وتشكل الأهوار خمس مساحة محافظة ذي قار وهي تتوزع على عشر وحدات إدارية من أصل 22 تضمها المحافظة، إذ تقدر مساحة أهوار الناصرية قبل تجفيفها مطلع تسعينيات القرن الماضي، بمليون و48 ألف دونم، في حين تبلغ المساحة التي أعيد غمرها بالمياه بعد عام 2003 نحو 50 بالمئة من مجمل المساحة الكلية لأهوار الناصرية، إلا أن هذه المساحة المغمورة سرعان ما تتقلص عقب التعرض لموجة جفاف او أزمة مياه وما اكثر تلك الموجات في البلاد التي كانت توصف فيما مضى ببلاد الرافدين.