علاء المفرجي

"أفعال اليأس"، الرواية الصادرة عن دار المدى بتاليف ميغان نولان وترجمة هدى شبطا، هي سرد لعلاقة رومانسية مريضة وغير متوازنة للغاية ومألوفة بشكل مقلق، ينشطها الكحول ويشوبها التهديد بالعنف.

تقول الرواية عن (كيران) بداية علاقتها به "الفكرة التي اريد ايصالها عن كياران لا تنحصر في كونه رجلاً يتمتع بوسامةٍ لا نظير لها، وانما هناك ايضاً ذلك الجمود الهائل الذي يتألق في كل جزء من جسده. كان الجمود رابضاً في كل إيماءاته ونظراته وضحكاته. كان رجلاً لا يريد شيئاً قط من محيطه.

في تلك الصالة المخصصة لعرض اعمال فنية حيث تجتاز فيه نظرات الشخص الذي تتحدث اليه كتفك بحثاً عن المشرف باستمرار كان للأمر وقعه الصارخ و رغم انه لم يكن يبدو شخصاً سعيداً جداً، فإنه بدا شخصاً متكاملاً دون ريب، كأن كل عالمه مضبوط بداخل ذاته.

يمكن القول إن علاقة معذبة متساوية تحدث بين النساء وتحمل أيضًا شحنة جنسية. تقوض فريجا الراوية في رسائل البريد الإلكتروني المتكررة التي ترسلها إلى كيران: "إنها لطيفة كما أستطيع رؤيتها، ولكنها ممتلئة قليلاً بالنسبة لك، أليس كذلك؟" عندما يخرج كيران، تجد الراوية نفسها غارقة في حساب فريجا على إنستغرام لمدة ثلاث سنوات، وهي تنظر إلى عظام الترقوة وهي تصقل زجاجة نبيذ ثانية.

لكن الجدل الأكثر إلحاحا في الرواية هو بين الأجزاء المتحاربة من الراوية نفسها. مع مراعاة مزاج كيران وقسوته العرضية، تبدأ المرأة في الانقسام. من ناحية، فهي تعلم أنها يجب أن تفعل كل ما في وسعها للحفاظ على حبه. ومن ناحية أخرى، فهي تعرف أن هناك شيئًا ليس على ما يرام. إن إمكانية تناغم هاتين الفكرتين جنبًا إلى جنب قد يبدو غريبًا، لكن أي شخص كان في علاقة مستهلكة للغاية سوف يدرك هذه الازدواجية.

"أفعال اليأس" هي رواية بضمير المتكلم بنبرة اعترافية. والراوية، وهي في أوائل العشرينات من عمرها، تشعر بأنها صغيرة بشكل مؤلم في بعض الأحيان. هنا وهناك، يجد القارئ نفسه يفكر: اخرج منه! سياران ليس بهذه الروعة حتى! ثم يتذكر أن التفاصيل، حتى الرجل، ليست هي الهدف.

الراوي لدينا ضائع بسبب التفاني الذي يحد من الدين. هنا، غالبًا ما ينزلق نولان إلى الكليشيهات، فيقارنه بالخلاص أو التطهير من خلال الحب. جسد كياران هو "مكان للصلاة" ويحب "القوة التي تنظفني". كتبت، متكئة على الفكرة القديمة المتعبة عن المرأة باعتبارها "قذرة"، بدقة مفرطة: "كنت أعرف أنه إذا كان بإمكاني أن أكون أصغر حجمًا، أصغر، أقل وأقل، إذا كان بإمكاني أن أكون مرتبًا، فسوف يفعل ذلك". أحبني بشكل كامل وصحيح."

تدور أحداث الرواية بين عامي 2011 و2015، لكن الراوية يتدخل طوال الوقت، في رسائل من "أثينا، 2019"، تحاول أن تثبت أن كونك مستعبدًا لهذا النوع من الرومانسية المدمرة للذات هو خيار. إنها تريد تجنب حكم القارئ. وتشهد بسخرية أنها مرت عبر "نقاط التفتيش الدنيئة للمرأة الجريحة"، وعانت من أشياء كثيرة من الأحداث المروعة التي وصفتها مع كياران. لكن "معاناة الإناث رخيصة وتستخدمها النساء غير الصادقات اللاتي يبحثن فقط عن الاهتمام"، كما تكتب نولان، وترفض طرح كل الصدمات التي تعرضت لها شخصيتها للاستهلاك المنسم للقارئ.

تمثل الرواية ثقلًا موازنًا قويًا لفكرة أن الشابات اليوم يتمتعن بالحرية في تعريف أنفسهن بعيدًا عن الرجال. يُظهر نولان أنه طالما أننا نتصارع مع الأفكار المتعلقة برغبة المرأة التي كتبها الرجال، فإن النساء يتم إدراكهن إلى حد ما من خلال نظرة الذكور. تتذكر الراوية نفسها في موعد غرامي، وهي منتشية بجاذبيتها، وتعتقد: "لقد كنت آيس كريم الفراولة، والسماء الزرقاء. لقد كانت رائحتي طيبة جدًا لدرجة أنها كانت جنونية. لكن السؤال الذي يثيره الكتاب يتردد صداه بشكل مثير للقلق حتى بعد انتهائه: هل المشاركة طواعية في تدهورك تقلل من تأثيره؟

وميغان نولان صحفية وروائية ولدت عام 1990 مقاطعة وترفورد، أيرلندا، مؤلفة أيرلندية من مقاطعة وترفورد. تم إدراج روايتها الأولى أعمال اليأس في القائمة الطويلة لجائزة ديلان توماس وفي القائمة المختصرة لجائزة بيتي تراسك للروايات الأولى.

كان والد نولان، جيم نولان، مديرًا مسرحيًا وأسس شركة مسرح درست دراسات السينما واللغة الفرنسية في كلية ترينيتي في دبلن، لكنها تركت الدراسة قبل إكمال دراستها. تم إدراج أعمال اليأس في القائمة المختصرة لجائزة بيتي تراسك للروايات الأولى في عام