اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سينما > لغز قضية هامرشولد..وثائقي عن مقتل داغ هامرشولد ثالث أمين عام للأمم المتحدة

لغز قضية هامرشولد..وثائقي عن مقتل داغ هامرشولد ثالث أمين عام للأمم المتحدة

نشر في: 17 يناير, 2024: 09:11 م

ترجمة/ محمد ناجي

يحاول المخرج مادس بروغر والمحقق السويدي الخاص غوران بيوركدال حل قضية وفاة داغ هامرشولد الغامضة. من خلال الفيلم الوثائقي (لغز قضية هامر شولد) مع إغلاق تحقيقهم، يكتشفون جريمة أسوأ بكثير من قتل الأمين العام (همرشولد) مع (ميكائيل بيرس براندت) في الدور الرئيسي.

إن الشخص داغ همرشولد وعمله بصفته الأمين العام الأسطوري للأمم المتحدة لا يزال يثير الإعجاب. كيف يمكننا أن نفهم عمله وماذا يمكننا أن نتعلم منه في عالم اليوم؟ يشير (إيساك سفينسون)، الحائز على درجة الأستاذية من (معهد داغ همرشولد لأبحاث السلام والنزاع في جامعة أوبسالا)، إلى ثلاثة انجازات دائمة للأمين العام السويدي للأمم المتحدة.

تدور أحداث الفيلم في نهاية حياة داغ همرشولد، في أوائل الستينيات. إنها فترة دراماتيكية ينصب التركيز فيها على أزمة الكونغو، فيما يسمى اليوم الكونغو كينشاسا، حيث لعب همرشولد والأمم المتحدة دوراً مركزياً.

خلال هذه الفترة، اكتسب همرشولد مكانة فريدة على الساحة الدولية. تولى همرشولد، أصغر أمين عام للأمم المتحدة حتى يومنا هذا، منصبه في عام 1953 بتوقعات منخفضة. سلفه المحبط، النرويجي تريغفي لي، استقبله بالكلمات الشهيرة الآن:

"مرحبا بك في أكثر الوظائف استحالة في العالم!

الأمم المتحدة، التي تأسست عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية بهدف منع حرب عالمية أخرى، أصيبت بالشلل بسبب العقبات التي خلقتها الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. ولكن عندما تولى همرشولد منصبه، بدأ يسود قدر معين من التحسن في الوضع. وفاة الدكتاتور السوفيتي جوزف ستالين في نفس العام، ورئيس جديد (دوايت أيزنهاور) في الولايات المتحدة، ونهاية الحرب الكورية (حرب كانت الأمم المتحدة مقاتلة إلى جانب كوريا الجنوبية)، كانت هذه ثلاثة أحداث مهمة ساهمت في خلق قدراً معيناً من العمل للانفراج والتعاون الدولي.

استخدم همرشولد هذا الوضع بنشاط، من خلال بذل الجهود في العديد من بؤر الصراع الساخنة في مختلف أنحاء العالم، ومن خلال الدفاع عن استقلالية المنظمة، خاصة في مواجهة القوى الكبرى، ونجح في إيجاد مجال لأمم متحدة ديناميكية ونشيطة. إن جهوده الناجحة لتأمين إطلاق سراح الجنود الأمريكيين، الذين تم أسرهم خلال الحرب الكورية من خلال الحوار خلقت للمنظمة رأس مال كبير من الثقة. وكذا كان لجهوده الفعالة خلال أزمة السويس عام 1956، ووقوفه ضد العدوان الثلاثي على مصر، حيث نجح في تعبئة وإنشاء أول قوة تابعة للأمم المتحدة، ساعدت في رفع مستوى التوقعات بشأن ما يمكن القيام به من خلال منظومة الأمم المتحدة في وقت مضطرب.

لقد دافع همرشولد عن استقلالية الأمم المتحدة، وعن نظام دولي لا يشمل القوى العظمى فحسب، بل يشمل أيضا حقوق البلدان الصغيرة. إن الأمم المتحدة تمثل، من وجهة نظر الأمين العام السويدي، محاولة لإقامة نظام جديد في العالم. لقد دخل همرشولد إلى المنظمة العالمية بكل قوة لتحقيق أمم متحدة نشطة قدر الإمكان - في إطار ميثاق الأمم المتحدة - وهو ما أسماه "واحدة من أعظم تجارب البشرية وعصرنا".

إن الأمم المتحدة والتعاون الدولي ـ عالم قائم على نظام متعدد الأطراف (متعدد الجنسيات) على أساس مبادئ متفق عليها ـ يشكلان أهمية بالغة للقدرة على تحقيق عالم أكثر عقلانية وتجنب الحرب والفوضى. في عالم اليوم، أصبحت منظومة الأمم المتحدة ضعيفة مرة أخرى بسبب التنافس بين القوى العظمى وعدم احترام القانون الدولي. إن النضال من أجل نظام متعدد الأطراف (في عالم أصبح متعدد الأقطاب على نحو متزايد) يظل واحداً من أهم القضايا في عصرنا.

في عصرنا الحالي، اكتسب همرشولد أهمية متجددة. لقد عاد التنافس بين القوى العظمى إلى جدول الأعمال. كان الأمين العام السويدي للأمم المتحدة نشطا خلال الحرب الباردة، عندما تغلغل التنافس بين القوى العظمى في جميع السياسات الدولية. لقد حاول، وفي بعض الحالات نجح، في المناورة في هذا المشهد، وفي بعض السياقات، توسط همرشولد مباشرة بين القوى العظمى، كما في حالة الجنود الأمريكيين الأسرى في الصين، الذين ساعد الأمين العام من خلال الحوار المباشر على إطلاق سراحهم، وبالتالي نزع فتيل الأزمة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين.

وفي حالات أخرى، كما هو الحال خلال أزمة السويس، تمكن من الاعتماد على دعم بعض القوى الكبرى (الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي) لتحدي القوى الأخرى (بريطانيا وفرنسا). بالإضافة إلى ذلك، فقد تصرف بشكل استباقي في العديد من المواقف لمنع الدول والصراعات من الانجرار إلى التنافس بين القوى العظمى.

وفي ضوء ذلك، ينبغي فهم جهود الأمم المتحدة في الكونغو، ودعا همرشولد إلى بذل جهود نشطة من جانب الأمم المتحدة لمنع عملاق وسط أفريقيا من التطور إلى ساحة معركة بين القوى العظمى. وكان يريد أيضاً حماية عملية إنهاء الاستعمار، ليس هناك فحسب، بل وأيضاً في بقية أنحاء العالم (التي تعلمت الدروس مما حدث في الكونغو).

لفهم خلفية مساهمة همرشولد في البلد يحتاج المرء إلى رؤيتها في سياقها التاريخي. الكونغو هي إحدى الدول الجديدة التي حصلت على استقلالها من خلال عملية إنهاء الاستعمار، ويتم انتخاب الدول الجديدة لعضوية الأمم المتحدة وتصبح أعضاء مهمين في المجتمع الدولي. إن همرشولد ملتزم التزاما عميقا بإنهاء الاستعمار ويرى الإمكانات الكامنة في البلدان الفتية الناشئة في "الجنوب العالمي". حصلت دولة الكونغو الفتية، التي كانت تحكمها قوة استعمارية بلجيكية وحشية، على استقلالها في عام 1960.

لقد وضعت أزمة الكونغو الأمم المتحدة على المحك. كانت القوى الاستعمارية السابقة متآمرة لمنع ظهور دول جديدة فاعلة، والعداء بين الخصوم السياسيين (جوزيف كاسافوبو والكاريزمي باتريس لومومبا)، ومحاولة الانفصال عن كاتانغا (وهي منطقة غنية بالموارد غذت شركات التعدين الأجنبية نزاعها الانفصالي، والتي هددت بتقويض اقتصاد الكونغو وتماسكها)، والمحاولات النشطة من قبل الاتحاد السوفيتي لإخضاع الكونغو لدائرة نفوذه، ودولة انهارت وسط حالة من الفوضى والعنف، لأن الانسحاب البلجيكي لم يتم إعداده بشكل صحيح من قبل القوة الاستعمارية - كل هذا مجتمعاً خلق وضع معقد للغاية يتعين على الأمم المتحدة أن تتصرف فيه.

داغ همرشولد خلال إحدى زياراته العديدة إلى الكونغو التي تعاني من الأزمات، هنا في العاصمة ليوبولدفيل (كينشاسا الآن) في عام 1961، وهو العام الأخير في حياته. الصورة: هورست فاس/AP/TT

همرشولد والأمم المتحدة يجدون أنفسهم في عين العاصفة. إن جهود المنظمة العالمية ليست بأي حال من الأحوال خالية من المشاكل. وبدلاً من طرد المستشارين الأجانب، تقوم قوات الأمم المتحدة بتدخل عسكري فاشل في كاتانغا. وبدلاً من المساهمة في المصالحة السياسية، فإن الأمم المتحدة، باعترافها بحكومة كاسافوبو، تقف إلى جانب طرف واحد. على الرغم من الطموح لإبقاء الكونغو خارج الحرب الباردة، فإن الأمم المتحدة غير قادرة على الوقوف في وجه الانقلاب الذي رعته وكالة المخابرات المركزية والذي أوصل موبوتو سيسي سيكو إلى السلطة. على الرغم من أن لومومبا كان تحت حماية قوات الأمم المتحدة، إلا أنه تم القبض عليه من قبل خصومه، وتم تسليمه إلى كاتانغا وإعدامه هناك. نتيجة لعمليات الكونغو، يتعرض همرشولد لانتقادات متزايدة ويفقد في النهاية ثقة الاتحاد السوفيتي، أحد الأعضاء المؤسسين للأمم المتحدة وقوة عظمى رائدة. وترفض موسكو الاعتراف به أميناً عاماً.

لقد طور داغ همرشولد أسلوباً ونهجاً خاصين في الدبلوماسية الدولية. لقد كان متمسكاً بشكل واضح بميثاق الأمم المتحدة وحصل على تفويض لجهوده، بينما استخدم في الوقت نفسه هذا الميثاق كأساس للابتكارات الخلاقة في مجال الدبلوماسية.

لقد كان سريعا وفعالا وكان قادرا على التصرف بسرعة كبيرة بجهوده، على الرغم من الموارد المحدودة. كان هناك مجال للعمل قبل أن ينتشر الصراع - من خلال جهود منع نشوب الصراع - وكان هذا هو الفضاء الذي حاول همرشولد استخدامه.

وبصفته الأمين العام المعين حديثاً، أكد على أهمية وجود "فهم متين للواقع". وكان هذا الأساس في الواقع بالنسبة لهمرشولد نقطة البداية كوسيط ومفاوض. لقد انقلب على ما اعتبره المثالية التي بنت قلاعاً في الهواء. كان همرشولد واقعيا بمعنى أن جهوده الدبلوماسية استندت إلى تحليل قائم على الواقع وتصرف على أساس ما هو ممكن، بالنظر إلى الظروف.

كانت المفاوضات، في نظر همرشولد، تدور حول "عملية إيجاد ترتيب مرضٍ للطرفين، مع طرف سأواصل العيش معه جنباً إلى جنب". ومن الأهمية بمكان أن تكون قادرا على إقامة حوار قائم على الاحترام، وإيجاد اتفاقيات يمكن أن تحفظ ماء وجه الطرف الآخر من أجل تمكين الحلول.

لقد كان مستعداً لبدء محادثات مباشرة مع صناع القرار الرئيسيين ولم يكن خائفاً من السفر لتسهيل الاجتماعات المباشرة. وكان إنجازه هو المفاوضات المباشرة مع رئيس مجلس الدولة الصيني تشو إن لاي في بكين عام 1955.

أثناء رحلته إلى زعيم كاتانغا مويس تشومبي في ما كان يعرف آنذاك بروديسيا الشمالية (زامبيا) - وهي دولة تحكمها نخبة بيضاء في نظام الفصل العنصري الذي دعم كاتانغا - تحطمت طائرته وتوفي همرشولد. ما إذا كان حادثاً أو هجوماً لا يزال موضع نقاش حتى اليوم.

همرشولد هو أحد أشهر السويديين وقد حصل على جائزة نوبل للسلام بعد وفاته لجهوده. لا يزال شخصه وتأملاته الداخلية ونضاله (كما تم التعبير عنه في كتابه (WayMarks)، بالإضافة إلى عمله، مصدر إلهام حتى اليوم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مشهد بصري لشاعر يتلهّى ويستأنس بالكلمات والصُّور الشعرية

الأثر الإبداعي للكتب السينمائية المترجمة ملف "السينمائي" الجديد

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية

مقالات ذات صلة

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية
سينما

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية

المدىياسر كريم مخرج شاب يعيش ويعمل حاليا في بغداد، حصل على بكالوريوس علوم الكيمياء من الجامعة المستنصرية. ثم استهوته السينما وحصل علي شهادة الماجستير في الاخراج السينمائي من Kino-eyes, The European movie master من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram