غالب حسن الشابندر
الحلقة 7
ملاحظة منهجية
المعهود في الفكر العقدي الشيعي الإمامي ، كذلك الفكر العقدي المعتزلي إن التقليد في العقائد لا يجزي ، والاصل تحصيل الاعتقاد بالديل والبرهان ،
ولهم بذلك بحوث طويلة ، والعنوان قد يوحي بان الكاتب يطرح المصنف هنا كمرجع تقليد في العقيدة ، وذلك من قوله : (مرجعية عقَدية) ، فيما يطرحه كـ (مفكر عقدي) ، وليس كمرجعية للتقليد بالعقائد ، فذلك ليس سليما، وإني إذ أنوه إلى هذه الملاحظة ردا على بعض التساؤلات حول العنوان بثيمته هذه (مرجعية عقدية (..
والآن وبعد هذا التوضيح المنهجي المهم نستكمل حديثه عن (خصائص الإله) حسب تعبيره .
ينهج المصنف في سبر هذه الموضوعة طريقة علماء الكلام ، وليس في ذلك ما يثير الغرابة ، فإن موضوع علم الكلام هو الدفاع عن العقيدة الدينية بعد اليقين بها ، عكس الفلسفة التي تبدأ من الشك ، وفيما نقرأ سرده العقدي هنا ، نجده ينأى عن راي الفلاسفة ، بل ويرد عليه ، وكأنما يمتلك حساسية حذرة من الفكر الفلسفي .
المصنِّف الكريم يفاجؤنا ايضا بتسميات جديدة لأمهات الموضوع ، موضوع الصفات ، صفات (الله) ، فهو لا يجاري تماما تسمية علماء الكلام ، فهو إذ يصنف لنا صفات الله (قبلا /خصائص الاله !!) ، يفرّعها إلى فصلين .
كيف ؟
يقول : (نوعان من صفات "خصائس " الله سبحانه .
إنَّ لكل فاعل نوعين من الصفات .
الاول : صفات ذات "كينونة " .
الثاني : صفات فعل و"نشاط ") 5 /1 ـ 2 ص 105 .
المعهود في علم الكلام ان صفات الله نوعين : ـ
الأول : الصفات الذاتية ، كما هو العلم والحياة والقدرة .
الثاني : الصفات الفعلية ، كالخلق والرزق .
نلاحظ جليا أن المصنِّف لم يلتزم حرفيا بالتسمية الكلامية المعهودة .
ولكن هل تصلح (الكينونة) للتعبير عن الذات الالهية ، او تكون مرادفة للذات ، أم هناك حقا كينونة ، هي (كينونة الله) ؟
كذلك نسأل ...
هل يصح وصف الله بانه (نشط) ؟
وهل ورد مثل هذا الوصف في الكتاب العزيز ، أو في كلام الائمة عليهم الصلاة والسلام ، خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار ، ان هناك من يرى أن صفات الله الذاتية أو الفعلية هي توقيفية وليست توفيقة .
وكما هو منهج السيد الكريم ، يعتمد ثلاث موارد للاستدلال على مطالبه وأرائه هنا : ـ
1 . العقل .
2 . الفطرة .
3 . الرسالات السماوية .
ولكن قد يثير بعضهم بان الاستدلال بالرسالات السماوية قد يؤدي إلى مشكلة الدور .
ولا اعتقد أن مثل هذا الاشكال وارد ، ذلك أن السيد إنما يعتد بالدليل القرآني ـ على سبيل المثال ـ بلحاظين : ـ
الاول : إن الدليل يحمل سمات وشروط الدليل العقلي بصرف النظر عن مصدره القرآني ، كقوله تعالى : (لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا) ، فهذا دليل عقلي بحد ذاته ، وقيمته ليست نابعة من كونه جاء في القرآن الكريم ، بل من كونه حجّة بحد ذاته .
الثاني : إنه إنما يستدل بالقرآن الكريم من جهة ان المصنّف ثبت لديه أن هذا الكتاب الكريم هو من لدن الله ، وذلك بدليل عقلي ، أي بدليل خارج من صفحات الكتاب ، وبالتالي ، يكون الدليل القرآني أو الشاهد القرآني بالتحليل الأخير حجة ، بل وحجة عقلية .