اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > هل هزمت داعش ؟ وماذا تبقى منها ؟

هل هزمت داعش ؟ وماذا تبقى منها ؟

نشر في: 3 فبراير, 2024: 10:00 م

فرجينيا سونر *

ترجمة : عدوية الهلالي

إن الإجراءات التي اتخذها التحالف الدولي ضد داعش في عام 2014 جعلت من الممكن حرمان التنظيم الإرهابي من جميع الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا. وبفضل التعبئة الدولية، انخفضت قدراته على التخطيط للهجمات وجذب المقاتلين الأجانب وحتى التمويل بشكل كبير.فما هي النتائج بالنسبة للتحالف الدولي ضد داعش؟

إذا كانت الجهود المشتركة للدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد داعش قد مكنت من تحرير 7.7 مليون عراقي وسوري كانوا يخضعون ذات يوم لنير الجماعة الإرهابية، فإن الأخيرة تظل تشكل تهديدًا خطيرًا للأمن الدولي بسبب استمرار الخلايا السرية الناشطة في المسرح العراقي السوري؛واستمرار وجود الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم داعش في أفريقيا والجزيرة العربية وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا ونشر دعاية متطورة تدعو إلى العنف واحتمال عودة الظاهرة من جديد، من خلال استغلال الهشاشة السياسية في المناطق التي تمر بأزمات.

وفي الواقع فإن المسلمين هم أول ضحايا داعش، الذين يمارس التنظيم ضدهم سياسة الإرهاب التي لا تستثني النساء ولا الأطفال. ويواجه أفراد الأقليات العرقية والدينية الاضطهاد المنهجي. كما خططت المجموعة ونظمت العديد من الهجمات القاتلة في الخارج مثل الهجمات في باريس وبروكسل ولندن.وقد قام تنظيم داعش بتدمير متعمد للتراث العالمي للإنسانية، والدليل على ذلك أعماله الإجرامية في مدن تدمر والنمرود والحضر الأثرية، فضلاً عن تدمير متحف الموصل.

وكان التحالف الدولي ضد داعش قد تأسس في ايلول 2014، ويضم 79 دولة بالإضافة إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وقاد معركة حاسمة لهزيمة التنظيم الإرهابي على عدة مستويات منها المستوى العسكري عبر دعم القوات المحلية لصد داعش وحقق ذلك نجاحات ملموسة منها استعادة بلدة عين العرب/كوباني (سوريا) واستعادة مدينة الموصل (العراق)وتحرير الرقة (سوريا)والاعلان عن تحرير كافة الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش في العراق ..اما على المستوى المالي فقد شكل تجفيف منابع تمويل تنظيم داعش الإرهابي أولوية بالنسبة لفرنسا وشركائها الدوليين عبر عقد مؤتمر (لااموال من أجل الارهاب ) كما كانت فرنسا أيضًا صاحبة المبادرة في اعتماد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 2019 القرار رقم 2462 بشأن مكافحة تمويل الإرهاب، والذي يكمل الإطار القانوني الدولي القائم في هذا المجال.وفي الوقت نفسه، تم اتخاذ تدابير لمحاربة الشبكات غير القانونية وتهريب المافيا (للنفط والأعمال الفنية والبشر) التي أنشأها داعش لتمويل نفسه. وفي مايخص المستوى الأيديولوجي،فمنذ إنشائه، أكد داعش دائمًا على قدرته على نشر دعايته القاتلة. وإدراكًا منه لأهمية مكافحة الوجود الافتراضي للجماعة الإرهابية، عمل التحالف الدولي بشكل كامل لتحديد المحتوى الجهادي عبر الإنترنت وتفكيكه وإزالته.

وعلى الرغم من إبادة قادتها المتعاقبين ومع خسارة دولتها الأولية في العراق وسوريا، فإن الجماعة الإرهابية لم تنقرض بعد، وتستمر في تأجيج جذوة الاستياء العابر للحدود الوطنية المناهض للغرب، مستفيدة من هيبة خلافتها المهزومة. ان داعش، غير مرئي لكنه قوي، يزرع جذوره ويزرع الاستياء لدى شريحة من السكان. وفي القارة الأفريقية، يحرز الجهاديون السلفيون تقدماً، وخاصة في البلدان التي قاتلت فيها القوات الفرنسية وفي المناطق التي تسود فيها الحرب الأهلية والصراع بين الطوائف فهناك شعور بالانتقام من الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وضد الشعور بالإقصاء والتمييز، كما ان كثيرين، من خلال الجهاد، أصبحوا مسيسين ويريدون خدمة قضية ما ،فالجماعة الإرهابية، التي تستمد إلهامها وتوجهها من السجل السلفي الجهادي، لم تهدف أبدًا إلى إصلاح الأنظمة القائمة، بل إلى تدميرها باسم المدينة الفاضلة. وبفضل هذه الأيديولوجية والتواصل المنتصر، يقوم داعش بتشكيل تحالفات مع الجماعات الإرهابية المحلية، وخاصة في أفريقيا، ويقوم بتطوير فروع محلية لعصابته، مثل تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى.وهي استراتيجية من شأنها بالتأكيد أن تسمح للتنظيم بتأسيس سلطته محليًا، ولكنها لن تجعل من الممكن حاليًا إنشاء خلافة جديدة، فإفريقيا منقسمة بما فيه الكفاية على المستوى السياسي والمجتمعي ،ويبدو من الصعب أن نرى ظهور خلافة، مرة أخرى على المدى القصير والمتوسط، على غرار ما نلاحظه في الشرق الأوسط.

ويشير بيان صحفي للأمم المتحدة بتاريخ 9 شباط 2023 إلى أن التهديد الذي يشكله داعش في العالم لم يتضاءل. وأوضح ويكسيونغ تشين، القائم بأعمال رئيس المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، خلال جلسة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن الجماعة الإرهابية «تواصل استغلال نقاط الضعف المحلية والتوترات بين المجتمعات، لا سيما في العراق وسوريا». وأجزاء معينة من القارة الأفريقية،لا سيما عبرتجنيد الإرهابيين.

ففي العراق وسورياعلى سبيل المثال ،مازالت إعادة دمج «عائلات داعش» بعيدة عن الاكتمال، ولا تزال مشكلة الفقر التي يعاني منها السكان دون حل في بعض المحافظات، ومخيم الهول الموجود في سوريا هو «حاضنة» للجهاديين، والحدود السورية العراقية سهلة الاختراق للغاية وإقليمية.. وكل هذه العناصر تفسر صمود داعش في العراق. ومن المؤكد أن العديد من قادة التنظيم الإرهابي قُتلوا في عام 2022 ويبدو أن شدة التهديد قد ضعفت. لكن المجموعة لا تزال نشطة وتساهم في عدم استقرار العراق.ففي عام 2022، أصبح العراق - بعد نيجيريا - الدولة الثانية التي نفذ فيها داعش أكبر عدد من الهجمات الإرهابية. وإذا كانت القارة الأفريقية قد أصبحت بؤرة نشاط التنظيم، فإن الأخير يظل نشطا للغاية في مهده الأصلي، في سوريا والعراق.

وفي العراق، فإن الهجمات التي أعلنت منظمة الشفافية الدولية مسؤوليتها عنها لها أهداف مختلفة: يمكن أن تكون قوات عسكرية أو ضباط شرطة أو قوات أمن محلية أخرى بالإضافة إلى السكان المدنيين. كما يتم استهداف السكان الذين تعاونوا مع قوات التحالف ضد داعش..ويبدو أن هذه الاتجاهات التي لوحظت في عام 2022 ستتأكد في عام 2023. فعلى سبيل المثال، في 16 شباط ، في الطارمية، التي تقع على بعد حوالي 30 كم شمال بغداد (محافظة صلاح الدين)، قتل جهادي من داعش أربعة جنود عراقيين بتفجير نفسه، بعد قرابة سبع ساعات من تبادل إطلاق النار بين التنظيم الإرهابي والقوات المسلحة العراقية.

يستمر داعش وسيستمرإذن في التجنيد لأن أيديولوجيته لا تزال قائمة. ويوجد حاليًا ما بين 6000 إلى 10000 مقاتل نشط من داعش ينشطون في العراق وسوريا. وتشكل المعسكرات والسجون الموجودة في شمال سوريا والعراق أرضاً خصبة للتجنيد من قبل التنظيم الإرهابي..كما يشكل “أشبال الخلافة” المصدر الثالث للتجنيد الحالي والمستقبلي للتنظيم. وتدعو العديد من المنظمات غير الحكومية الدول إلى تنظيم عودة هؤلاء الأطفال إلى بلدانهم الأصلية. ووفقاً لمنظمة هيومنرايتسووتش، أعاد العراق حالياً حوالي 2850 طفلاً إلى وطنهم.

إن إعادة تأهيل وإعادة إدماج السكان الذين نزحوا إلى المخيمات بعد هزيمة داعش، سواء كانوا أشخاصًا لديهم انتماءات حقيقية أو متصورة إلى داعش، يمثل أولوية رئيسية لتحقيق سلام دائم وقابل للحياة.ويظهر تقرير حديث صادر عن منظمة الأمم المتحدة الإنمائية ، أن الزيادة في أنشطة داعش تعيق إرادة المجتمعات للسماح بعودة هذه العائلات وإعادة تأهيلها. ومع كل هجوم جديد، يصبح رفض عودتهم أقوى. وتشكل العوائق الإدارية والصعوبات المادية اليومية عناصر أخرى من واقع هذه الأسر. ويواصل داعش تقديم نفسه على أنه البديل الوحيد الممكن لهم.

باحثة في شؤون الشرق الاوسط

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram