اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > سيادة باب الشرجي

سيادة باب الشرجي

نشر في: 6 فبراير, 2024: 09:26 م

سيف نايف

لم يشهد العراق الاستقرار الطويل ابداً فالانقلابات العسكرية الدموية اثرت في نفوس البلد والمجتمع وديناميكية تطورهم بل حتى وصل الحال الى أن يحكم العراق شخصاً فاق اعظم الدكتاتوريين طغياناً في حكمه ذو عقلية سياسية رعناء ادخل البلد في حروباً اكلت ما اكلت من اعمار افراد مجتمعه حتى عوقب العقاب الاول ففرض عليه حصاراً

كان هو السبب الرئيسي في بداية خراب المجتمع وتفككه فتفرق المجتمع الى قسمين الاول يساند السلطة لأنه مستفيد والاخر معارض ينتظر اخذ فرصته ليستفيد ايضاً ولم يكن امام القوى المعارضة سوى تشجيع القوى الدولية لأسقاط النظام وتم ذلك فعلاً وتشكل نظاماً سياسياً مختلف عما كان في السابق فثلجت قلوب الاغلبية بحكم سياسي ينتهج الديمقراطية يحافظ على حقوق الانسان وحرياته ذو دستور يؤكد على سيادة البلد في اول مادة له، يحترم الاقليات ويدعوا الى المشاركة الشاملة لكافة المكونات، لكن ليس كل ما مكتوب يمكن تطبيقه فالحرية محددة بقيود والديمقراطية فوضوية والسيادة اشبه بسيادة باب الشرقي (باب الشرجي).

لا ابالغ في قولي بأن سيادة باب الشرجي أعظم بكثير من سيادة العراق فالتجاوزات على سيادة العمل هناك اقل بكثير من التجاوز على السيادة العراقية حتى وصل الحال الى أن نصبح ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الدولية المتصارعة وكأن العراق ذو بيئة يعتاش عليها الصراع وولاء سياسي مختلف يسهل لهم أن يجعلوا العراق حلبة لشجارهم.

مسلسل خرق السيادة العراقية ليس بجديد أذ أن الأتراك لم يتوقفوا عن قصف المناطق الحدودية بحجة وجود اتفاقية امنية تربطهم مع العراق لكن هذه الاتفاقية كانت قد حددت العمق المسموح به لكنهم مستمرين بتجاوزه، اما الجمهورية الإسلامية الإيرانية فرغم التفاهمات الكبيرة بينها وبين صناع القرار السياسي في العراق لكنها مستمرة في خرق السيادة العراقية والحجة وجود تهديد لأمنها القومي، أما من رسمت شكل النظام السياسي وصاحبة القواعد العسكرية الكبيرة المتمثلة بالولايات المتحدة الامريكية فهي تصول وتجول كما يحلوا لها فالأمريكان اكثر البلدان خرقاً للسيادة العراقية بحجة وجود اتفاقية استراتيجية تربطهم بالعراق، حتى وصل الحال بأن يصبح خرق السيادة في العراق حالة طبيعية والاعتراف في ذلك سهل، ولا يمكن للحكومة العراقية أن تمنع ذلك وليس بمقدورها سوى الاستنكار وتقديم مذكرات الاحتجاج، فهل هذا الامر طبيعي لبلد تقدر نسبة انفاقه العسكري بـ 21.6 مليار دولار؟

يعاني النظام السياسي العراقي من مشاكل عديدة جعلته بلداً منقوص السادة منها: _ التدخلات الخارجية في صنع القرار والتأثير به، التعددية والانقسام لدى الأطراف السياسية وتبادل التخوين والعمالة، مزاجية القوى السياسية في انتهاجهم للسياسة البلد الخارجية، مدى تأثر العراق بالصراعات الدولية والإقليمية، ضعف القيادة الحكومية في أداء الوظيفة البنائية، ولعل اهم مشكلة يعاني منها العراق هي عدم إمكانية النظام السياسي من تحقيق مثلث ركائز بناء الدولة المتمثل بتحقيق الامن وضبط الإيرادات وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء.

اما فيما يخص المجتمع العراقي فتذكرت مقولة للفيلسوف والمفكر الإنجليزي جون ستيوارت ميل يقول فيها "الفرد يتمتع بالسيادة على عقله وجسده"، فهل الفرد العراقي يتمتع بسيادة على عقله وجسده؟ الجواب لا... لا يمتلك أحد هذه السيادة الذي يقصدها ميل فبالعودة الى التقسيم مجدداً سنرى الافراد في المجتمع مقسمين الى اشكال عديدة فالبعض يساند القصف الأمريكي ويدعمه ولا يعتبره خرقاً للسيادة والبعض الاخر يرى عكس ذلك فيعتبر أن القصف الإيراني لا يعتبر خرقاً للسيادة، وهناك من يعتبر بأن العمليات العسكرية التركية في شمال العراق صحيحة ويجب أن تستمر، لكن هناك نوراً في اخر النفق كما يقولون اذ توجد فئة قليلة رافضة لهذه الاعمال بشكل عام همها الخلاص فقط وأن يكون العراق بلداً قوياً رافضاً للتدخلات في شؤونه الداخلية بلد يطبق الدستور ويحرص على عدم انتهاكه بلد متقدم لا يسمح بأن تخرق سيادته او تهدد.

في المحصلة لا يمكن بناء دولة قوية مؤثرة دون تحقيق السيادة ولا يمكن تحقيق السيادة دون قيادة وطنية وعند حل هذه الشفرة سيتم حل ازمة السيادة في العراق، فبوجود قيادة وطنية براغماتية لا تخضع للمزاج السياسي الإقليمي والدولي ولا تتأثر بالصراعات الدولية تستغل انصاف الفرص لتحقيق المكاسب وتعمل على رفاهية شعبها وتقدم بلدها سيتحقق هنا السيادة الفعلية وعندها سيتحقق الكمال للدولة لتكون دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة كما منصوص في المادة الأولى من الدستور.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram