اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > الإجراءات التنفيذية المتوقعة لمحاسبة إسرائيل عن جريمة الإبادة

الإجراءات التنفيذية المتوقعة لمحاسبة إسرائيل عن جريمة الإبادة

نشر في: 7 فبراير, 2024: 10:33 م

د. أحمد عبد الرزاق شكارة

منذ صدور قرار الادانة الابتدائي وبدء شوط المحاسبة الاحترازية القضائية من قبل محكمة العدل الدولية لإسرائيل عن جريمة الابادة التي تندرج في سياق أولوية الالتزام بقانون الحرب منعا لإية خروقات جنائية ضد الانسانية نرى إننا بحاجة جادة وعاجلة لجهود إستثنائية تنفيذية لتفعيل كافة الجهود الدولية بخاصة في المحيطين العربي والاسلامي إحقاقا للكرامة الانسانية وللمقدسات.

علما بإن الادوار العربية والاسلامية لم تصل بعد للمستوى المطلوب في حدوده الدنيا مقارنة بدور جنوب أفريقيا الجريء والمشهود عالميا في مقارعة الاحتلال والفصل العنصري والاضطهاد. دور سيسفر من خلال إسهام متنامي للقوى الشعبية عالميا في الضغط السياسي، الاقتصادي والاعلامي وغيره من اشكال وانواع الضغوط على حكومات دول العالم من اقصاه إلى اقصاه بخاصة" المترددة وحتى المعارضة منها "عن تداعيات حيوية ستنعكس على تغيير نسبي للواقع المآساوي في غزة. واقع عانى ويعاني من غياب أوشبه غياب قيمي، أخلاقي وقانوني بإنتظار عاجل لتغير معادلات القوة الغاشمة نسبيا ولكن بشرط إسهام متصاعد للزخم الشعبي الاممي مؤطرا بثورة ضميرية - مجتمعية - سياسية - إنسانية هدفها الستراتيجي محاسبة القوى المعتدية وعلى رأسها اسرائيل التي سلبت حقوق وحريات الشعب الفلسطيني لما ينيف عن 75 عاما من إحتلال بغيض. علما بإننا لازلنا في مرحلة جنينية ولكنها اساسية لإولوية مزيد من الالتزام العام بالقانون الدولي والقانون الانساني معا إذ وفقا لرأي الخبير القانوني الدكتور عمر الجازي أنه بصدور قرار محكمة العدل الدولية: "تحقق قدرا من العدالة... ما أنجز ليس هو المطلوب لكن القرار له بعد تأريخي ".

حقق القرار في نظره مسألتين في غاية الاهمية: " اولا: "قبول الاختصاص في النظر بدعوى حرب الابادة خطوة مهمة جدا وتسجل سابقة تأريخية ملهمة لاحقا لإن البعض كان يشكك أصلا بإختصاص المحكمة " وثانيا:"إقرار المحكمة بحق" الخصومة " بين جنوب افريقيا وإسرائيل على أساس أن المشتكي له الحق أولا بالتخاصم ورفع دعوى"جنائية "، وأخيرا المطالبة لاحقا" بالتدابير الوقائية " التي لابد منها لتأسيس محيط آمن يوفر الحماية لشعب مدني اعزل. بإختصار أمامنا في استكمال البعد القانوني للتقاضي وقت طويل جدا وصولا لقرار نهائي حاسم يقدم إدانة قضائية كاملة لإسرائيل معززة بإدلة وبراهين توثيقية تفصيلية. علما بأنه ومن منطلق واقعي وبناءا على مشاهدات يومية لسلوكيات اسرائيلية خطيرة تنتهك الحرمات والارواح لازلنا نلحظ عدم استجابة حكومة الحرب تحت رئاسة نتنياهو لإي مسعى للقبول بإختصاص المحكمة ولا بأي من إجراءاتها الاحترازية القانونية الملزمة، لذا إنطلاقا مما تقدم لا أرى مبررات للتاخير أشهرا او سنوات في إصدار القرار النهائي خاصة وأن سكان القطاع (ماينيف عن 2 مليون نسمة) يعيشون أسوء ايام حياتهم تحت قصف جوي، بري وبحري مستمر مع كل التداعيات الانسانية التي تسلبهم حق الحياة أي أن مشروع الابادة الصهيونية مستمر على قدم وساق. أن الادلة بالادانة النهائية كافية جدا ضد إسرائيل ومسؤوليها من الساسة والعسكر الامر الذي يتطلب تأسيس وضع إستثنائي يقلص من زمن المحاسبة بصورة من خلالها يتم تحشيد أكبر حجم للدعم الشعبي عالميا إعمالا الضغط الرسمي الدولي وتسخير مكامن القوة بمعناها الستراتيجي ضد كل أنواع العنجهية أواللامبالاة بل وتجاوز ابجديات قانونية للمفاهيم وللاجراءات المطلوب القيام بها من قبل اسرائيل والقوى الساندة لها التي لازالت تزود اسرائيل بالسلاح المدمر وبكميات الاموال السائلة الداعمة لإقتصاد حرب الكيان الصهيوني الذي ضمن وقوف الولايات المتحدة الامريكية معه تسليحا واموالا لاحصر لها (فقط مؤخرا مايقارب 14 مليار دولار). مستوى من الدعم دون حساب من جهات تشريعية او قضائية داخل الولايات المتحدة بل وحتى ضمن الاتحاد الاوروبي بأستثناء بعض الدول التي لها مواقف مشرفة جدا ايضا (النروج، أرلندة، السويد واسبانيا وبلجيكا وغيرها).

مايمكن اعتباره معطيات لدعم اسرائيل في جريمة الابادة او سمها ما شئت جرائم الحرب وضد الانسانية هي من نصيب عدد محدود من الدول فقط. اسرائيل كيان يدعي الديمقراطية زيفا تحركه مؤسسات وجيش من قطعان المستوطنين لا زالت بعيدة بمسافات عن الالتزام بالقوانين والاعراف الدولية وبالتي بحاجة لمحاسبة قضائية عاجلة من محكمة العدل الدولية ومن المحكمة الجنائية الدولية. من هنا أهمية إعمال وتفعيل دبلوماسية قوية وضاغطة على الولايات المتحدة الامريكية وعلى عدد من الانظمة السياسية الغربية على رأسها بريطانيا، المانيا، ايطاليا، وعدد آخر ضئيل جدا من دول صغيرة جدا خاضعة للنفوذ الامريكي في المحيط الهادئ وفي جزر نائية لاحول ولاقوة لها. مايعني اساسا اولوية وعجالة الالتزام الحازم بكافة القرارات الاحترازية التي إتخذتها أعلى الجهات التشريعية العالمية ممثلة بمحكمة العدل الدولية التي أدت جزءا حيويا من دورها القانوني الحيوي ولكن لازال أمامها دور مستدام للوصول لمرحلة متقدمة من الادانة الكاملة لإسرائيل وحكامها الذين يجب أن لا يسلموا من المحاسبة الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية تماما كما جرى في محاكمات نورنبرج في المانيا وفي طوكيو - اليابان. علما بإن على المحكمة الجنائية الدولية هي الاخرى إلتزامات متقابلة قانونا على الافراد وهي لازالت مع شديد الاسف حتى كتابة المقال متعسرة او متعذرة عملا في ضوء أولوية حالة التسيس الدولي للغة المصالح او للغة التمييز بكل انواعه سياسيا وعنصريا، الامر الذي يستوجب تصعيد حالة الالتزام القانوني بما يتخذ من إجراءات قضائية ملموسة وعاجلة تناسب عظم الاتهام الجنائي ضد الطرف الاسرائيلي بل الاطراف الساندة له ماديا ومعنويا بصورة تلبي آمال المجتمع الدولي كي تنعكس إيجابا وبشكل سريع وفاعل على ارض الواقع الفلسطيني بخاصة في قطاع غزة وفي الضفة حيث يعاني الفلسطينيون شغف العيش واستمرار مجازر الاطفال بل وكل فئات الشعب الفلسطيني خاصة مع محاربة غير مبررة لجهود منظمة الاونروا الاستثنائية في إنقاذ الشعب الفلسطيني الذي يواجه في كل لحظة مآسي إنسانية تنوء بها الجبال تصل لحد الحرمان من حق الحياة وهو حق اساسي لابد منه هذا إذا اردنا ان نحمي الكرامة الانسانية.

إن إستمرار تجاهل اسرائيل للموقف المشرف لجنوب افريقيا ولمحكمة العدل الدولية في ضرورة إيقاف كل الاعمال العدوانية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. وما إستمرار الاعتداءات الوحشية دون تمييز بين المقاتلين والمدنيين إلا أمر صارخ في تعزيز الادانة. إنه حقا لامر محزن وصادم كون القوى المساندة لإسرائيل والتي تدعي الديمقراطية واحترامها للمدنية بكل المعنى الايجابي في ضمان حياة حرة مستقلة على قدم المساواة للشعوب تقف كليا مع كيان عنصري استبدادي قمعي. الولايات المتحدة الامريكية وعلى لسان وزير خارجيتها أنطوني بلنكن تكرر مقولة سمجة: " أن قرار محكمة العدل الدولية الاخير ليس هناك مايبرره أو يستحق أن تلتزم به (meritless) ". على ذات الشاكلة جاءت ردود فعل ليست مواتية للقرار القضائي الدولي ولا تكن له احتراما موجبا من قبل المانيا، ايطاليا، كندا وفرنسا بحدود معينة بصورة تجاهلت كل ما حدث ويحدث بإستمرار من مأسي وكوارث أنسانية قتل فيه الالاف وجرح وفقد الالاف من البشر إضافة لمآسي نفسية لاجيال قادمة بحيث لم تعد لغة الارقام للشهداء وللجرحى و لذوي الاحتياجات الخاصة تقف عند حدود معينة طالما استمر العدوان الصهيوني – الاسرائيلي الهمجي في قطاع غزة وإلى حد كبير ايضا في الضفة الغربية منذ يوم السابع من أوكتوبر 2023 ولحد يومنا. لعل مآساة ما يحدث في غزة سيكون سابقة خطيرة لكل ما يمكن تصور حدوثه في أنحاء العالم مستقبلا خاصة عندما تكون الدول تعيش حالة من الضعف في شكل ومضمون القوة الرادعة. الشيء الذي جعل الامور تتغير جزئيا في المحفل القضائي ولكن بشكل حيوي ولاشك يرجع إلى استمرار حالة المواجهة الرادعة للقوى الفلسطينية وعلى رأسها دور حماس والمقاومة الفلسطينية برمتها مع إقرارنا بأن الكلفة البشرية وصلت بحق لحدود غير محتملة لشعب اعزل كل همه أن يعيش بإمان هذا من جهة.

ومن منظور مكمل فإن جنوب افريقيا وهي تراجع دورها التأريخي في التخلص من نظام الاباثيد للفصل العنصري ومن كل سياسات واساليب الاضطهاد وأخيرا من نزع الكرامة المرتبطة بالارض اقول شكل عنصرا حيويا في الدفاع عن قضية مماثلة لتأريخها السياسي المشرف جدا هذا في الغالب الاعم. إن مسارها ولاشك تضمن ايضا ابعادا استراتيجية يجب التضامن معها بكل الطرق التنفيذية الملزمة وصولا لعالم مشرق يحترم فيه كل فرد، جماعة ودولة.

السؤال الاخير المحرج نسبيا: أين دور العالم العربي والاسلامي؟ الذي وإن تحرك فإن تحركه كتحرك السلحفاة وإن دبت في الحياة فإنه كدبيب النمل بل واقل وإن رأى وسمع وشاهد كف عن الحزن بل وحتى التوثيق للجرائم الاسرائيلية بإعتباره جهد غير مجد في حين أنه ومن خلال دور المرافعة القانونية الدولية لجنوب افريقيا توضح أنه دور حيوي ولن ينتهي قريبا ما يستوجب صحوة ضمير أنساني عالمي لشعوبنا في منطقتنا التي تنالها المخاطر والتهديدات والتحديات من كل حدب وصوب وعس أن لاياتي يوم نقول: " أكلنا يوم أكل الثور الابيض".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram