عاصم عبد الامير
من المتوقع أنْ يخلق معرض (زهرة الصبار) للفنان د. ضياء حسن على قاعة أكد للفنون بلبلة من نوعٍ ما، وأنّ رسومَه مظهرياً تُسهمُ في ممارسةِ الخداع بوجه القارئ،لاشتغاله في منطقةٍ تزدحمُ بمريديها ممّنْ هالهم التجريد وجمالياته بدءاً برسوم (ستيوارت ديفز) في أمريكا ستينيات القرن الماضي، وضياء العزاوي، وسواهما كثر.
اِنّ د. ضياء حسن وهو يمضي في تجاربه يبدو كَمَنْ سائر في منطقةِ ألغامٍ ستتفجرُ ولو بعد حين، لكن دافعه الداخلي المعزز بمرجعيات مفاهيمية وخلفية في التصميم قد أوحتْ له بالمغامرة، وأرى أنّه لمْ يخسرْ رهانَه وأنّ هامشَ الحضور الشخصي مهيمنٌ سواء في دفاتر الرسم المشغولة بأناقة واحترافية أو في رسومه ثنائية الأبعاد مع سيطرة على التجاورات اللونية المتناغمة والمتعارضة أو التبادلية. فيما يمضي في واحدةٍ من السمات الأسلوبية التي زادتْ من حصانةِ الهوية الشخصية، مع الحفاظ على روح التجربة عَبر الاستثمار الأمثل للمرجعياتِ الثقافية التي منها واقعة الطف، والتشارك فيما بين الشعر وصورية الرموز العقائدية كالراياتِ مثلاً أو انتقاء الخط الحفصي وليس البسيط أو الثلث، لطراوته البنائية وقابليته على التشكل وبالشكل الذي يتماشى مع المشهدية الشاملة للتضايفاتِ اللونية وضروراتها البنائية.
د. ضياء حسن يهُمّه مسايرة ثقافته المحيطية ونداءاته العاطفية ومنها وبها يناور على التجاورات بالبراعة الممكنة، وفي اِحداث فرق أدائي مع سواه ممّنْ آثر الاشتغال على المزاوجة فيما بين التصميم والرسم.
وبهذا يستجيبُ الرسم لديه لسلطة التصميم الذي يمارسُ هيمنة واضحة للعيان بالشكل الذي يتيح للعقل في ادارة شؤون السطح التصويري، فيما الضرورات العاطفية تجاري قوة الاثر الذي تتركه الهندسية، وخلق نوعاً من التشارك البنيوي الذي يفضي دائماً الى صناعة كرنفالٍ من العلاقات التصويرية التي تؤدي غرضاً جمالياً مع كثافة الاحساس بروح التجاذبِ البصري وايقاعاته الداخلية.
انّ نفي الخصوصية في معرضه الشخصي يبدو كلاماً مرسلاً، لا يخلو من عسف، ويتجاهل ملامح شخصية رسامٍ يعرفُ بالضبط ما الذي عليه أنْ يفعله، مع عدم نفي تجربته الخلاقة. التي يسعى فيها لمجاراة هواجسه الشخصية في احرازِ نجاحاتٍ تدعمُ نزعته الاسلوبية، وقد تخطى الاختبار الصعب بالتأكيد متجنباً السقوط في حبائل الاحالة، أو الارتهان للعلاقة بين التابع والمتبوع.
ثمّةَ شخصية تدركُ مغزى اِنتمائها لروح الرسم، وأنّ ذيوعَ الحقل البصري المشتغل عليه ليس دليلاً كافياً للشطب على كمية الحضور الفردي في الطيفِ الواسع من الرسوم التي كشفتْ من دون مؤربة عن تفردٍ أدائي وتنويعات لا حصر لها يلعبُ التجاور والتماس والتلامس دوراً في اِثراء المشهدية،وخلق مناخاً من العلاقات تُدارُ بكفاءةٍ وسيطرةٍ لافتة.
في لوحاته بوجه الاجمال، يشاغل التصميم روح الرسم ويصب في مصلحته المسار الادائي الذي يجعل من الخطاب وحدة متماسكة عضوياً وبنائياً.
ثمّة نزوع نحو تحقيق مبدأ الوحدة في التنوع عبر السطوح وكمية التجاذب فيما بينها، وما يتركه من ترديدات غنائية،وسيكون تراجع المعنى لصالح الشكل قصة جذب كبرى تمثلُ معادلاً بصرياً، يناور د. ضياء حسن من خلاله لكسب الجمال واطلاقه دونما مشقة.
اِنّه مصممٌ بارعٌ للأفكار التي تمارسُ خفاءً خلفَ لعبة الاشكال وقوة التراسل فيما بينها، مع اِشاعة روح الزخرفية التي تُسهمُ في تحقيق أهدافه الجمالية.
لقد تكفّلَ (د. ضياء حسن) في اِعارتنا لعينيهِ لِنرى هذا الجمالَ الذي يتعذرُ أنْ نعثرَ على نظيرٍ له في عالمنا الشيئي.