بغداد – 964 - حسام السراي

نظم مركز الأطرقجي للفنون الواقع في منطقة المنصور، معرضاً تشكيلياً مشتركاً حمل عنوان "استكماتزم" بمشاركة الفنانين هاشم تايه، أحمد البحراني، حامد سعيد، أسامة حمدي، حسن فالح، محمد الشجيري.

وجاء في تعريف مركز الأطرقجي للمعرض الذي كتبه الفنان هاشم تايه، أن "استكماتزمنا الخاص بطباعه العراقية الأليفة لكن المقلقة.. إنه هذا التشوش الذي تتخبّط فيه حياتنا وتلتاع على مستوى الرؤية ومستوى الفعل".

ويبدو معرض "استكماتزم" استمراراً لهذه الظاهرة التي تكررت فعالياتها العام الماضي بتنظيم معارض مشتركة يسهم فيها ثلاثة فنانين إلى خمسة ويعرضون أعمالهم في فضاء واحد، وبتعدد أسلوبي وتجاور لتقانات وتوظيفات فنية في مناسبة واحدة.

هنا لقاء مع الفنان هاشم تايه على هامش هذا المعرض.

عرض في العاصمة المُحتكِرة

كيف تولّدت فكرة المشاركة في معرض جماعي؟

– ببساطة بدأت قصّة مشاركتي في (استكماتزم) مع مجموعة فنّانين أحترم رؤاهم وأداءاتهم الفنيّة، وبينهم ثلاثة من أبناء مدينتي البصرة، بدأت هكذا: اتصل بي أحد هؤلاء الفنّانين، وعرض عليّ المساهمة في معرض مشترك يُقام في بغداد، لستة فنّانين ذكر لي أسماءهم، وبدا لي فوراً أن معظم هؤلاء الفنّانين -ولست بمستثنىً منهم- امتثلوا لرغبتهم في إشهار تجاربهم الفنيّة في وسط أكثر اهتماماً -مركز العاصمة بغداد- وفي فضاء مُصمَّم أصلاً لعرضها، وإضاءتها إعلاميّاً ونقديّاً، وترويجها، ثم تسويقها في نهاية المطاف، كانت تلك فرصة لتهوية تجارب فنيّة مهمّة في فضاء طلق بعد معاناة أصحابها من انكفائها بين أيديهم في معتزلاتهم المغبرّة بعيداً عن الأضواء التي احتكرها المركز.

تشوّش الحياة

  لِمَ استكماتزم؟

– ستة فنّانين وستُّ صياغات لاستكماتزم نافذ بطباعٍ عراقيّة أليفة لكن! مقلقة جدّاً. إنّه استكماتزمنا الخاص، هذا الذي اخترق تاريخنا، وعاش معنا على بسطة الواقع، وفي فضاء الثقافة، وفي كلّ منعطفٍ نراه، خفيفاً مرةً، ومترنّحاً مرات، أهو اللاعقل في الدّماغ، والزّعزعة في الأقدام؟ أم هو الخريطة بلا معالم، والرؤية دون عين؟ هذا التّشوّش الذي تتخبّط فيه حياتنا وتلتاع على مستويي النّظر والفعل.

لكنه شيء آخر في أُطُر نظراتنا هنا. فما كان تشوّشاً في باصرة أضحى تشويشاً في تعبير؛ انزلاقاً عن قصدٍ، وتضليلاً لعيْن.

لسنا جماعة فنية

  هل استبق تنظيم الفعالية حوار أو صياغة خطاب مشترك لتقديم هذا المعرض؟

– كان يجب، قطعاً، الانتظام في حوار يستبق الانخراط في مثل هذا المعرض المشترك، حوار لتكييف مفرداته في إطار نظر موحّد يستند إلى رؤية مشتركة تُسوّغ اجتماع أعضائه في جسدٍ موحّد.

كان يجب البحث عن مشتركٍ جامع (موضوع محدَّد للمقاربة، تكنيك متناغم لتيار فنيّ مخترع، جديد، رؤية مغامرة منشقّة منفلتة) يستقرّ محوراً تلتفّ حوله التجارب المشاركة، فتتجاوب، وتتصادى مع بعضها في مجموعة مع المحافظة طبعاً على امتيازات كل تجربة بحيازاتها الشخصيّة من السِّمات الفنيّة، وتفرّداتها.

كانت هناك ضرورة لمنظور رؤيوي، بيان فنّيّ مثلاً يصلح ظهيراً للإضاءة، وللاستقواء، وتسويغ الشّراكة. لكنّ شيئاً من هذا لم يجرِ الاهتمام به للأسف.

قال الأصدقاء -معترضين- إنّنا لسنا جماعة فنيّة مضطرّة إلى تعزيز توحّدها ببيان تنظيري. يكفينا أنّ تجاربنا قيّمة فنيّاً- وهي قيّمة حقّاً- وتستحق ائتلافها على هذا الأساس الفنيّ.

الخشية أن (استكماتزم) قد يُرى، في وضعه الحالي، كستة معارض شخصيّة مفردة أُقسِرَتْ على التزاحم في معرض مشترك.

أرجّح، شخصيّاً، أن العنوان (استكماتزم) سيخفّف من معاناة تفرّق تجارب هذا المعرض بين منظورات متباينة. فهناك تشوّش في تحريك الحياة العامة قابَلَهُ تشويش في التعبير استجابةً لدوافع جمالية.

وربّما هناك ما يصلح مسوّغاً لاجتماع هذه التجارب المختلفة في معرض مشترك، فهي – باستثناء أعمال الفنان أحمد البحراني التي نحتْ منحىً تجريديّاً – تجارب تمثيليّة، تشخيصيّة وقعت بين التعبير المنفعل الضّاج والاستقلال عنه بتعبير متأمّل.

منافسة ضرورية

  ما الذي تقدمه تجربة "استكماتزم" لكل فنان أسهم فيها؟

– بخصوص السؤال عن الفائدة التي تُقدّمها المشاركة في معرض مشترك بالصفة التي عليها (استكماتزم)، فأظنّها قائمة في إتاحتها الفرصة لكل فنّان لرؤية تجربته في ضوء احتكاكها بتجارب أقرانه، وإعادة تقييمها في نطاق حوار تفاعليّ ضروري مع غيرها.

وفي معرض مشترك تتوفّر دوماً فرص المنافسة الضروريّة جدّاً التي تدفع حتماً إلى تجويد الأثر الفني وإغنائه تحت ضغط الحاجة إلى إعلاء الذّات، وبزّ المنافسين، وحصد الاعتراف.