د. طلال ناظم الزهيري
لطالما كانت العبارات الهزلية التي تعرف اختصارا (بالنكات) عنصرا أساسيا في التواصل البشري، حيث تقدم لحظات من الضحك والمرح في حياتنا اليومية من الخطابات الفردية إلى التلاعب الذكي بالألفاظ انتهاء بالقصص المرحة، تأتي النكات بأشكال مختلفة، لكل منها أسلوبها الفريد وجاذبيتها سواء أكان ذلك سريعا في سطر واحد، أو مسرحية مليئة بالكلمات، أو حوار متبادل، أو نظرة ثاقبة، أو سرد قصصي، فإن النكات تقدم طريقة مبهجة لإضفاء الضحك على حياتنا.
يتيح لنا فهم الأنواع المختلفة من النكات تقدير النطاق المتنوع للفكاهة والاستمتاع بالإبداع الكوميدي الموجود في تجربتنا الإنسانية المشتركة لذا تعد حماية حقوق الملكية الفكرية للعبارات الهزلية مجالا متطورا يهدف إلى الاعتراف بالجهود الإبداعية للممثلين الهزليين وتزودهم بالأدوات القانونية لحماية نكاتهم و تأكيد سيطرتهم على موادهم الهزلية، والحفاظ على منافعهم الاقتصادية منها، فضلا عن نزاهة حرفتهم. مع هذا يظل تحقيق التوازن بين حقوق الملكية الفكرية والطبيعة المتأصلة للعبارات الهزلية حوارا مستمرا لضمان الاعتراف العادل بحقوق الممثلين الهزليين في تعبيراتهم الهزلية.
في سياق متصل نتوقع أن يحظى موضوع حقوق الملكية الفكرية للعبارات الهزلية بتركيز كبير في البحوث والدراسات العلمية التي تتخذ من حماية حقوق التأليف والنشر اتجاها موضوعيا ويعزى هذا التركيز المتزايد إلى ظهور المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي أسهمت في النمو المتسارع للمحتوى الفيروسي نتيجة تجاوز هذه المنصات الحواجز الجغرافية والثقافية واللغوية، مما أتاح نشر المعلومات بسرعة إلى جماهير واسعة ومع ذلك، فإن هذا التوزيع الواسع والسريع ومع ما يحمله من إيجابيات، يمكن أن يؤدي أيضا إلى مخاطر متأصلة، بما في ذلك الاستخدام غير المصرح به وانتهاكات حقوق النشر والتأليف والتجاوزات المحتملة على حقوق الطباعة والنسخ وتجدر الإشارة إلى أن هذه التحديات غالبا ما ستكون وثيقة الصلة بمجال التعبير اللفظي، حيث يتم نقل الأفكار مشافهة خارج أطر وممارسات التوثيق النصي التقليدي، مثل النكات والحكم والمواعظ إن تداعيات هذه التجاوزات تتطلب دراسة شاملة للتدابير القانونية لمعالجة هذه القضايا وحماية حقوق المبدعين بصرف النظر عن نوع مشاعهم الإبداعي أو طريقة توزيعه لقد أصبح إنشاء وحماية حقوق الملكية الفكرية للعبارات الهزلية، المعروفة باسم النكات، ذات أهمية متزايدة فالنكات، مع قدرتها على الترفيه وإثارة الضحك، لها أيضا قيمة وتأثير فريد على المجتمع ونتيجة لذلك، يبحث الممثلون الهزليون والكتاب عن طرق لحماية تعبيراتهم الإبداعية وضمان الاعتراف العادل والتعويض عن عملهم. لذا؛ يسعى ممثلو كوميديا الارتجال اليوم إلى البحث عن شكل من أشكال الحماية القانونية لمنع سرقة نكاتهم أو إساءة استخدامها أو تحويل نسبها دون موافقتهم. وفي ظل هذا المسعى قد نجد أنفسا أمام الكثير من دعاوى الملكية التي تطالب برد حقوق إطلاق النكات إلى أصحابها. وعليه هي دعوة للاستمتاع بما في جعبتنا من نكات قبل أن يأتي اليوم الذي نقول فيه قال فلان عن فلان حدثنا فلان أنه قال "سال المعلم التلميذ أعطني جملة مفيدة فيها كلمة سكر. أجاب التلميذ شربت الشاي في الصباح سأله المعلم واين السكر قال التلميذ في شاي يا أستاذ".