 المدى/ تبارك عبد المجيد

تفاجأ عدد من شباب كربلاء بمنعهم من دخول منتدى شبابي حكومي؛ لتنظيم بعض الفعاليات على اعتباره مساحة خاصة لهم، واشتعل غضب الشباب بعدما علموا أن سبب المنع يعود لتحول المنتدى إلى "سوق تجاري".

وبلكنة شديدة، عبر شاب كربلائي من خلال مقطع فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، قال فيه "هذا قفل المستثمر، المنتدى الذي كان مخصصا للشباب لمدة خمسين عاما وسط كربلاء، تم تحويله فجأة للاستثمار.. في ليلة وضحاها، حضرت هيئة الاستثمار ووزارة الشباب لإخلاء المنتدى، وتسليمه للمستثمر.. أين يمكن للشباب الآن أن يذهبوا لتنظيم أنشطتهم أو ممارسة الرياضة؟".

وعلى اثر ذلك، نظم عدد من الشباب في المحافظة وقفة احتجاجية يوم 24 شباط، معبرين فيها عن رفضهم وغضبهم من هذا الفعل، الا انهم منعوا ايضا من الاحتجاج، حيث تدخلت 15 عجلة عسكرية تابعة لقوات سوات، وطالبوا اثناء ذلك بتدخل رئيس الوزراء.

غاضبون!

يذكر منسق الوقفة الاحتجاجية (صاحب الفيديو)، الناشط علي حاكم، أن "منتدى الوحدة الواقع في حي الحسين يضم أكثر من 20 فعالية رياضية لمختلف الاتحادات والنوادي، بالاضافة الى نقابة الفنانين ومساحة للفن والشعر".

واستطاعت (المدى) معرفة بعض التفاصيل فقط من الشاب حاكم، لعدم وضوح الجهات الحكومية باعطاء المعلومة، حيث قال: "نحن شباب كربلاء نظمنا نشاطاً احتجاجياً تحت عنوان (مهرجان الرفض)، شاركت فيه الأوساط الثقافية والشبابية والرياضية، في المدينة، تنديدا بمنح منتدى (شباب الوحدة) إلى مستثمر من قبل وزارة الشباب وهيئة الاستثمار".

وعبر عن استغراب كبير جراء "خروج أكثر من 15 سيارة تعود لمكافحة الارهاب، وقوات الاقتحام لمنعنا من الاحتجاج"، ما اثار تساؤل حاكم حول مدى حرية التعبير والاحتجاج في المجتمع، وهل أصبح الاحتجاج فعلاً ممنوعا؟".

واشار حاكم إلى، أن "المنتديات اصبحت تحت ادارة الحكومات المحلية منذ عام 2017، لكن عائديتها الملكية تعود لوزارة الشباب والرياضة، وهي من تمنح اجازات الاراضي المنتديات للاستثمار عن طريق دائرة الاستثمار والتمويل الذاتي والشركة العامة للاستثمارات الرياضية"، مؤكدا أن "الحكومة المحلية لا يمكنها استثمار اية ارض تعود للوزارة".

بناء على ذلك، ينوه حاكم بمخالفة الوزارة الشباب والرياضة، المادة 12 من قانونها المرقم (24)، والتي تنص على أن: للوزارة صلاحية الاستثمار على الاراضي العائدة والمخصصة لها بما يخدم اهدافها وديمومة عملها وحسب قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 والانظمة والتعليمات النافذة.

وبإيضاح أكثر من حاكم، قال إن "طريقة الاستثمار يجب ان تتوافق مع قانون الاستثمار المذكور في القانون اعلاه، اي انها مادة غير مستقلة بذاتها، اما الشرط الاخر يتمثل في أن يكون الاستثمار ضمن اهدافها ولا يخرج عن اطار ذلك، مثل بناء "مطاعم او كافيهات"، حيث يُعتبر ذلك تغييرا لجنس العقار والأرض، من رياضي شبابي إلى تجاري".

ويتأسف لتحول "كربلاء إلى مدينة خالية من اماكن الشباب، حيث بدأت أولى الاستثمارات بمنح الفرصة رقم واحد، ونتيجة لذلك مُنح أكثر من 20 منشأة للاستثمار منذ عام 2015، لتتحول إلى مولات ومطاعم وكافيهات"، وأكد أن "الشباب يحتجون منذ عامان بشأن هذه القضية، فيما كذب كل الشعارات التي تروج إلى إن "كربلاء لشبابها واهلها"، حيث كربلاء لـ "المستثمرجية"، كما وصفهم.

ويلحق منتدى 'شباب الوحدة'، منتجع "حي الحسين الشبابي" التابع أيضا لوزارة الشباب والرياضة إلى الاستثمار، وبالرغم من المنع من الاحتجاج، فإن الشباب برفقة حاكم يصرون على الاستمرار، حيث تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورا تطالب بوقفة احتجاجية يوم 1 اذار، حاملة عبارة "شباب كربلاء ينتفضون ضد سراق منتدياتهم". وحمل "مهرجان الرفض" عبارات مثل "لا لاستغلال الشباب" و"خط أحمر".

ويشار إلى أن "منتجع حي الحسين الشبابي" أحيل إلى الاستثمار منذ عام 2015، وكانت هذه هي الفرصة الاستثمارية الأولى.

غياب الإيضاح

رفض مدير منتدى شباب الوحدة في كربلاء بيان اسباب تحويل المنتدى إلى مركز تجاري، او الحديث عن تطلعاتهم لمستقبل الشباب في المحافظة، على اعتبارهم الجهة الحكومية المسؤولة عن ذلك، وزعم أنه محظور من التصريح خلال الوقت الحالي، اثناء حديثه مع مراسل (المدى).

من جانبه، اوضح المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، حسام حسن لـ(المدى)، أن "المنتديات والمراكز الشبابية منذ سنوات هي خارج ارتباط الوزارة"، مشيراً إلى انها "تقع ضمن مسؤولية مراكز المحافظات، باستثناء محافظة كركوك".

واشار الى وجود مساعي من قبل وزارة الشباب والرياضة الى اعادتها تحت اشرافها خلال هذا العام، وهو احد خطط البرنامج الحكومي للوزارة.

على حساب "الشباب"

يربط علي المظفر (باحث سياسي من كربلاء) الجانب الاقتصادي والسياسي بملف المنتديات الشبابية، وأشار إلى أن "منتدى شباب الوحدة يملك موقعاً اقتصادياً جيداً، ما جعله مرغوبا للاستثمار من بعض الجهات".

ويرى المظفر، أن "المصلحة العامة باتت مغيبة من قبل الحكومات ومؤسساتها، بل حتى من قبل المدراء العامين والموظفين، ويتم العمل بمبدأ-ما لي وما لك؟ - المنفعة الشخصية، على حساب الشباب ومساحاتهم الامنة التي من المفترض ان تكون اماكن حاضنة للشباب والاطفال".

ويستدرك بالقول، إن "غياب المنتديات الشبابية وتراجع الاهتمام الحكومي يجعل الشباب يتجهون نحو سلوكيات خاطئة، مثل تعاطي المخدرات. يقترح المظفر بدلاً من صرف الملايين من الأموال في الخطط الستراتيجية والمؤتمرات والندوات لتوعية الشباب بعدم الانجرار نحو المخدرات وسلوكيات أخرى، توفير مساحات شبابية واقتراح أماكن بديلة للمنتديات التي تحولت إلى مراكز تجارية". وعن أهمية المنتديات الشبابية، يبين أنها تلعب دورا كبيرا في توجيه الشباب، حيث تحتضن جوانب متعددة من المسرح والفن والأدب والثقافة والرياضة والموسيقى والشعر، كما أنها ترتبط أيضا بالهوية والواجهة الحضرية للمدن. ويعكس المظفر وجود رغبة ودافع كبير من قبل الشباب لارتياد هذه المنتديات منذ سنوات. ويجد أن واقع المنتديات لا يرتقي لإمكانيات الجهات الحكومية المسؤولة عنها، مؤكدا وجود "حاجة ملحة لزيادة عدد المراكز الشبابية غير التجارية، خاصة في ظل زيادة عدد السكان"، ويصف واقعها الحالي بأنه "سيئ جداً".