د. عماد عبد اللطيف سالم
يا لهُ من بلدٍ.. هذا البلد.
في هذا البلد.. أيُّ شيءٍ "جيّدٍ"، تُفكِّرُ أن تفعلهُ فيه، سيجعل الفقراءَ يتضرّرون.
و أيُّ شيءٍ جيّدٍ، تفكّرُ أن تفعلهُ فيه، سيجعل "المُتنفّذينَ" يتضرّرون.
في هذا البلد يجبُ عليكَ أن لا تُفكِّر، لأنّكَ إن فكَّرت قد يتضرّر"المُتضَرّرون"، و"المُستفيدون"، و "الشركاء"، و"أصحاب المصلحة"، و"المُتخادِمون".
البلدُ الذي يجب اتّخاذ القرارات فيه (من قرار يوم العطلة "غير الشرعيّة"، إلى قرار يوم الدوام "الشرعيّ).. والبلد الذي يجب سنّ وتطبيق القوانين فيه (من قانون "الإصلاح الاقتصادي"، إلى قانون النشيد الوطنيّ)، بحيث لا يتضرّرُ منها أحد، ولا يستفيدُ منها أحد.. هو بلدٌ يمكنُ توصيف جمهوريّتهِ "الخامسة" هذه، بأنّها "اشتراكية، وطنية، إلهيّة، خاكِيَّة، لا شرقية ولا غربية، لا جنوبية ولا شمالية، لا جوني ولا جون بول، وإنّما حمد و حمود" (كما كان يمزح معنا، على طريقته الخاصة، رئيس جمهوريتنا "الثانية" الأسبق، المرحوم عبد السلام محمد عارف، قبل ستّين عاماً من الآن.(
البلد الذي لا يتضرّرُ فيه أحد (في الأجل القصيرِ على الأقلّ).. هو بلدٌ توقّفتْ أزمنتهُ عن الحركةِ منذُ قرون.
البلد الذي لا يتضرّرُ فيه أحد، هو بلدٌ ميّتٌ.. وفي البلدِ الميّتِ فقط، لا يتضرّرُ أحد، ولا يستفيدُ أحد، سوى الموت ذاته.
وبالمناسبة.. فانّ طلبة المرحلة الأولى في الجامعات العراقيّة، يبدئون عامهم الدراسي "الجديد" في الزمان "الجديد" في نهاية شهر كانون الأوّل/ديسمبر، بعد إن كانت بداية هذا الدوام هي الأوّل من أيلول/ سبتمبر في الزمان "القديم" (أي بفارق ثلاثة أشهر فقط، لا غير).
تُرى متى يبدأ هؤلاء الطلبة "دوامهم" غير الفعليّ.. ومتى يتمُّ "تعطيلهم" فعلاً، ومتى يُقرّرون هم (وليس "دولتهم") أن "يُعطِّلون؟
متى يتضرّرونَ.. ومتى يستفيدون؟
متى يتعلّمون، ويعملون، ويعيشون.. ومتى يموتون؟
يا لهُ من بلد.