TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الخوف من الشاشة 

العمود الثامن: الخوف من الشاشة 

نشر في: 17 مارس, 2024: 09:16 م

 علي حسين

كان المرحوم  سقراط يقول لكل من يراه في شوارع أثينا: الفضيلة معرفة، والخير عبادة.. ما هي أعلى مراتب الخير؟ يخبرنا سقراط أنها في احترام آراء الآخرين.

لا تحتاج الأخبار التي نسمعها كل يوم، إلى ذكاء لكي نكتشف أن العراقيين دفعوا ثمن غياب العدالة، والأهم أنهم دفعوا ثمن غياب التسامح، وإعلاء شأن البغضاء والتنافر ، وقد بدا ذلك واضحاً في الطريقة التي تعامل بها البعض من مسؤولينا مع كل ما لايعجبهم .

في كل يوم نجد من يخرج علينا ليحذرنا من النظر إلى شاشة التلفزيون هذه او تلك  ، وينبهنا إلى ضرورة الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي ، ويذكرنا القضاء بأن قانون " المحتوى الهابط " سيلاحقنا إذا ما سولت لنا أنفسنا البحث عن الحقيقة والدعوة إلى إشاعة العدل والاطمئنان لجميع العراقيين،  فالمسؤول يجب أن نضع له أسواراً  عالية تحجب بينه وبين هذا الشعب الفضولي ، وأن نشرّع له قوانين تُحرّم توجيه أي نقد له، فهل يعقل أن مسؤولينا من طبقة البشر، يخطئون ويتعثرون؟.. لا ياسادة إنهم ملائكة مهمتهم إسعاد هذا الشعب.

اليوم نجد من يطالب باعتقال أي رأي مخالف ويحذر من  وجود المشاغبين الذين يسعون إلى تهديد  الحياة السعيدة التي تعيشها مدن العراق جميعاً ، وقرأنا سيلاً من البيانات والشتائم تطالب بتطهير العراق من كل الذين يوجهون النقد لأنهم خطر على مستقبل البلاد، وسعى بعضهم إلى إيهام الناس بأن المشكلة ليست في غياب الأمن ولا في أرتال الفاسدين الذين يعششون في معظم مؤسسات الدولة، ولا في غياب أبسط شروط العيش، وإنما في أعداء النجاح المتربصين للانقضاض على المكاسب التي تحققت خلال السنوات الماضية.

كان الفرنسي جان جاك روسو يردد أن الحقيقة لا يمكن أن تحتكرها طائفة من الناس ، وإنما هي حق مشاع للجميع .  يرشدنا صاحب العقد الاجتماعي إلى أن الأمم لا تزدهر في ظل ساسة يعتقدون أنهم وحدهم يعرفون مصلحة البلاد.. فالازدهار والتنمية والعدالة لا مكان لها في ظل رجال يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان بأنه لا خيار أمام الناس سواهم.. لأنهم وحدهم يملكون القوة والحزم، يخيفون الناس، عادلون في توزيع العطايا والمنح على مقربيهم، وعادلون أيضا في توزيع الظلم على الناس..

يكتب روسو عام 1778 وهو يخط الصفحات الأخيرة من الاعترافات: "الرأي  المتسلط  لا ينتج سوى الخواء والفوضى ".. فيما تكتب بغداد أن هناك من يريد ان يعاقب صحفيين وفنانيين لانه يختلف معهم في الرأي .

ما يجري من منع ومطاردة بعض المسلسلات والبرامج التلفزيونية بحجة إساءتها لبعض المكونات ، لن تكون الأولى ولا الأخيرة ، ما دام هناك من يعتقد أنه وحده من يمتلك الحقيقة .

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram