TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > تشرين.. الأسباب والنتائج

تشرين.. الأسباب والنتائج

نشر في: 18 مارس, 2024: 10:24 م

اثير حداد

وتحديدا اقول المقصود بتشرين انها تشرين العراقية.

وكي لا الام وينتفض علي من لا يكمل قراءة هذه المقالة اقول انني اكل جل الاحترام لمجموعات، لا وبل، الاف الشباب اللذين خرجوا وتضاهروا لايام تفوق ايام الثورة الفرنسية نفسها. ولكن! لمــــــاذا لم تنجح تشرين؟

منذ الايام الاولى لعودتهم الى منازلهم واماكن عملهم سكن عقلي سؤال مهم: كيف يمكن ان تعود تلك الافواج الباسلة ولم تحقق ابسط مطلب لها. ولا ادعي هنا انني ضليع بعلم الاجتمام او عالم سياسي فقيه، لكني اصف نفسي كمفكر مثلي مثل العديد الاخرين الذين لا يقبلون السهل من تفسير الامور.

بعد حين من التسائل: كيف يمكن لعدد من نفس جيل المتضاهرين ومن نفس وسطهم الاجتماعي ان يكونوا كاسري شباب انتفاضة تشرين. مع ان شباب تشرين كانوا يطالبوب بحقوف لصالح تلك المجاميع التي اقتحمتهم وكسرت ارادتهم؟؟؟ ؟كسرت عنفوانهم و اصرارهم.

نعم لقد كان لرصاص القوات الامنية دور ولكن تاثيره كان معاكسا،فقط زاد من اصرار الشباب على المواصلة. قدموا بين 800 الى 1000 شهيد ولم يتراجعوا. اذن مالذي حصل؟ ما هو كاسر الاصرار؟كان صاحب التكتك وسائقه يوصلونك الى اماكن تجمع الشباب دون مقابل، وكان عددهم ليس بالعشرات بل المئات. اذن مالذي حصل كي يتحول هؤولاء الى مجرد سواق تكسي؟، يقودون التكتك من اجل اجر وليس من اجل قضيه.

هل كانت تشرين العراقية امتداد للربيع العربي الذي امتطته الاصولية الاسلامية؟

وامتداد للتسائل اعلاه، كيف استطاعت الاصولية الصعود وفشل غيرها؟

لنتوقف قليلا ونتسائل: ماذا كانت مطالب تشرين العراقية؟ للاجابة الواضحة انها مطالب سياسية.

وكي لا نقفز الى الاجابات الجاهزه دعوني اتسائل اسئلة اخرى لربما تبدو للبعض ساذجة، ولكن سايرني وتعال معي لنتسائل اسئلة اخرى:

اين هي الثقافة العامة من البيت الشعري للشاعر العباسي ابو تمام؟ والتي تنص على "السيف اصدق انباء من الكتب..في حده الحدٌّ بين الجدّ واللعب"!

ولناتي على التسائل الاخر هل نحن دولة رعية ام دولة مواطنه؟

والاخر هل ان الدخل المتكون من حق المواطن ام هو "مكرمة من السيد الرئيس"؟

جميع الاجابات على تلك الاسئلة لا تخرج عن وصف الحالة الثقافية، لا بل عن وعي المواطن نفسة، والتي انتجت هذا الوضع السياسي المتردي، والذي، اجزم انه سيستمر بالتردي، ما لم ندخل مرحاة التنوير.

قد يتفاجئ البعض، وكي لا نستمر هكذا، اتصور من ان الضروري جدا كي اوضح و ادعم راي ان اكلله بتسائل اخرهو:

هل كان اختيار الناخب لمرشحيه على اسس وطنيه او مصالح اقتصاديه ام فقط لانه من جماعتنا وابن عمي... .الخ الخ؟.

اذن المشكلة هي في ثقافة المواطن نفسه في وعيه.

هذا الوعي ما يزال بعيد جدا عن وعي المواطنة. فما يزال العراق كما وصفه فيصل الاول مجموعات بشريه تنتمي الى العشيره والقبيلة و المنطقة.

التسائل الذي اذهلني واتعب عقلي وطرحته في مقدمة هذه المقاله، واعيد بصيغة اخرى: كيف يمكن فهم ان مجموعات بشرية تهاجم مجموعات بشرية مشابة لها في الاعمار والانتماء المناطقي والعقائدي وتكتسحها مع ان الاولى، اي ما يطلق عليهم شباب او ثوار تشرين كانت مطالبهم لمصلحة الجميع،بل لمصلحة تلك المجاميع التي هاجمتهم ايضا.

المجتمع العراقي ما يزال بعيد عن مفهوم المواطنة لحد يومنا الحالي.

الدستور العراقي، وهو المفترض اسمى وثيقة قانونية جامعة لبناء وطن ينص في المادة (2) ثانيا: "يضمن هذا الدستور الحفاض على الهوية الاسلامية للشعب العراقي"، وهذا يعني او يضع ان من ابرز مهام الدستور هي مهام دينية. فان كانت هذه هي مهمة او اسس بناء وطن فما مهام المراكز الدينية اذن.

ولنعد الى الدستور في مادة (9) اولا أ: تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تميز او اقصاء...."

وتعليقا على نص المادة 9 اولا، يذكر او يتناقل ان عبد الكريم قاسم عين الصابئي عبد الجبار عبد الله رئيسا لجامعة بغداد، فاحتج على ذلك رجال الدين المسلمين، فقال لهم هل عينته امام جامع؟

لنخرج الان من اطار مناقشة الدستور ونتحول الى مناقشة التشريعات التي اقرها البرلمان العراقي وساركز على نقطة واحده وهي مخصصات التعليم التي تتجاوز قليلا عن 1% من ميزانية العراق، بينما مخصصات القوات الامنية تصل الى 6% تقريبا. وهناك "عطايا" بعنون دفوعات مالية للمراكز الدينية، رغم ان جل هذه المراكز الدينية واسعة الموارد المالية وغيرها. وقبل التحول عن هذا الموضوع اشعر برغبة قوية للتنبيه ان من قرر ذلك هم من يسمى ممثلي الشعب الذي يعاني اكثر من 20% منه من البطاله ونسبة الامية تفوق 30% حسب الحسابات والتقديرات غير الرسمية. هذا دون ان نشير الى تلك النسب على الاساس الجندري.

ولا يخفى على احد ان مستوى التعليم في العراق منخفض جدا (بالحقيقة لم اجد مصطلح اقوى من منخفض جدا لان قناعاتي انه دون ذلك بكثير ولكن اعذروني فقد سعيت ولكن لم اجد). ايعقل ان الطالب الجامعي لا يعرف اين مكتبة الكلية ولا يعرف كيف يبحث عن مصدر. ايعقل ان الطالب الجامعي ينجح بعد دراسة ملزمة من 60 ورقة خلال السنة الاكاديمية!!!! ايعقل ان يقوم الاساتذة بتدريس المادة استنادا الى مصدر واحد وذلك المصدر صدر في الثمانينيات!!! ! ايعقل ان احد اساتذة مادة تتعلق بالعلم المصرفي يدرس الطلبة على ان "هناك جزيرة لا يعلم بها احد ولا احد يعرف اين تقع يجتمع فيها سنويا كبار مالكي رؤوس الاموال ". وطبعا لا يذكر هذا الاستاذ كيف حصل هو على تلك المعلومة عن جزيرة لا يعرف عنها احد... ..الى اخره من هذا......

اتمنى ان لا اكون قد اطلت، وساحاول ان اوجز. لن تنجح اية محاولة لتغير البناء الفوقي لان القاعدة ستعيد انتاج نفس ذلك البناء باسماء مختلفة، فلاستبداد والاصولية هي سيدة الموقف.

ما نحتاج له هو التنوير ثم التنوير، ما نحتاج له هو فولتير ومنتسيكيو وديكارت وهيكل ولكن بولادة عراقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram