بغداد/ سوزان طاهر
على مدار سنوات، بقي الجامع الكبير أو كما يعرف باللغة الكردية "مزكةوتى كةورة" عامراً بالمصلين الذين يؤدون طقوس العبادة، وله أجواء روحانية، خاصة في الشهر الفضيل.
ويعتبر الجامع الكبير والذي يتوسط السوق الرئيسي في السليمانية الشاهد الحي وذاكرة أهل المدينة، وظل يحكي قصصاً وروايات عبر سنوات، فقد صلى به كبار العلماء والرؤساء والزعامات. وتمّ تشييد جامع السليمانية الكبير أو مسجد الشيخ أحمد الذي تبلغ مساحته 6 آلاف متر مربع، والذي يتسع لأكثر من ألفي شخص من قبل الأمير إبراهيم باشا بابان عام 1784م، وهو أوّل مسجد أُسس في المدينة ويقع في مركزها وهو من مساجد العراق الأثرية، وفيه مرقد الشيخ أحمد، كما يضم مرقد الشيخ محمود الحفيد، وهو زعيم كردي معروف.
ولم يغلق الجامع أبوابه حتى في أعتى الأزمنة وأصعب الظروف، وخاصة في شهر رمضان فله طقوساً خاصة من الصلاة وإقامة حلقات الذكر وختمات القرآن الجماعية، وإقامة وجبات الإفطار الجماعية للصائمين.
افتقاد الطقوس
لكن، أهل السليمانية يفتقدون اليوم لكل تلك الميزات التي اعتادوا عليها في الجامع الكبير، نتيجة قرار غلقه من قبل مديرية أوقاف المحافظة، لغرض إجراء أعمال الصيانة. وبحسب مسؤول إعلام الجامع أحمد بابان فإن، قرار الإغلاق جاء من مديرية أوقاف السليمانية لغرض إجراء الصيانة، فالمسجد يحتاج إلى ترميم الحرم، وأيضاً، هنالك تشققات في الجدران. ويضيف في حديثه لـ(المدى)، أنه "حتى الآن فأن، المدة المحددة لعودة افتتاح الجامع غير معروفة، ولكن أعمال الصيانة مستمرة وبشكل يومي، وأعمال الصيانة هي لغرض الإدامة، ولن تغير في طرازه المعماري إطلاقاً".
الصيانة ليست في رمضان
الكاتب والصحفي الكردي ميران خالد أكد أن، دور العبادة بنيت ليمارس المؤمنون نشاطهم الروحي فيها، فكيف بها في شهر الله رمضان الكريم ، ويدفعنا الحديث الى أن نسلط الضوء على المسجد الكبير في السليمانية وهو من اكبر مساجدها بعد مسجد " خانقاه "، المعمر منذ زمن.
ويذكر في حديثه لـ(المدى)، أنه "إذا كان بدواعي الصيانة أو غيرها لايمكن غلق المسجد الكبير للروحانية التي فيها والذكريات الخالدة لأهل السليمانية". "وهنا، نتساءل لماذا لا يتم ترميمه قبل موعد شهر رمضان المبارك، ولم يصدر توضيحا كي يتحسس الناس أن المسجد مغلق لغرض الصيانة حاله حال بقية المساجد التي ترمم".
وأشار إلى أن "المسجد الكبير ليس فقط للصلاة، انما هو مكان يجتمع فيه الفقراء وعابري السبيل، وتقام فيه موائد الإفطار والطعام الجماعية، وأيضا فيه مكتبة عامرة بالكتب والمؤلفات، كما فيه قبور الصالحين، الذين يزورهم الناس للتبرك بهم".
وتحوّل الجامع الكبير بعد سنوات من تأسيسه إلى بيت للفقراء والمُتعفّفين واللاجئين وعابري السبيل بتقديم وجبة طعام مكونة من الأرز والدجاج والمرق، وزاد ذلك عام 1820، حيث كان يشرف عليه حينها رجل الدين الكردي المعروف باسم الشيخ أحمد عندما ضربت أزمة اقتصادية المدينة وطلب على إثرها من تجار السليمانية فيها مساعدة الفقراء والمحتاجين، فأسس مطعما وألحقه بالجامع وصار يُقدم الطعام باستمرار. ويُقدّم الجامع خلال شهر رمضان المبارك وجبات إفطار لنحو 3 آلاف شخص من الفقراء والمحتاجين والمتعففين والنازحين وعابري السبيل واللاجئين.
ويقول محمد سالار الحفيد متولي الجامع الكبير في حديثه الى (المدى) إن، مطبخ الجامع يقدم وجبات طعام يومية في رمضان لأكثر من 3 آلاف شخص، وفي الأيام العادية نوزع حوالي 1500 وجبة.