اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: بارتوك وتجميع الموسيقى الشعبية

موسيقى الاحد: بارتوك وتجميع الموسيقى الشعبية

نشر في: 6 إبريل, 2024: 11:02 م

ثائر صالح

الجزء الأول: الجذور

كان الموسيقي المجري البارز بيلا بارتوك (1881 - 1945) من بين أوائل الباحثين الذين وضعوا أسس علم الموسيقى الشعبية (Ethnomusicology)، وكان هذا العلم يسمى سابقاً بعلم الموسيقى المقارن لغاية منتصف القرن العشرين.

ظهر هذا العلم في أواخر القرن التاسع عشر وكان المقصود منه دراسة موسيقى شعوب المستعمرات من قبل الأوروبيين، مع وجود أمثلة على دراسة الموسيقى الانكليزية والاسكتلندية والبولندية في فترات مبكرة، أو على الأقل محاولات تجميعها وتدوينها. لكن يمكن اعتبار بارتوك وزملاءه زولتان كوداي (1882 - 1967) ولاحقا لاسلو لايتا (1892 - 1963) والروماني كونستانتين برايلويو (1893 - 1958) من أوائل الذين جمعوا ودرسوا موسيقاهم الشعبية الخاصة بهم، وموسيقى الشعوب المجاورة لهم بشكل واسع، وهذا أمر أعطاه بارتوك أهمية استثنائية. استعمل بارتوك منهجاً علمياً دقيقاً في عملية التجميع التي مرت بمراحل عديدة: البحث عن المصادر الموثوقة، تسجيل الأغنية بالفونوغراف، تسجيل نص الأغنية، توثيق معلومات تفصيلية عن المصدر مثل العمر والمهنة والنشأة (البيئة الجغرافية) وممن سمع أو تعلم الأغنية، ثم تدوين اللحن وكل ما يتعلق به قبل الشروع بتحليله ومقارنته بالمادة المتوفرة في بنوك المعلومات (وهي الكتب المتخصصة والدراسات في المجلات العلمية حسب التطور التقني في ذلك الوقت). وكان بارتوك يجد في كل هذا متعة تعوض الجهد والتعب الذي يعنيه القيام بالمسح الميداني في أماكن لا تصلها المدنية على الغالب.

يقول بارتوك: "الموسيقى الشعبية هي كائن خلقته الطبيعة … تطور هذا المخلوق مثل باقي مخلوقات الطبيعة بشكل عضوي وحر: مثل الزهور والحيوانات ونحوها. لهذا السبب بالذات فهي رائعة وكاملة بنفس القدر… إنها تجسيد نقي للفكرة الموسيقية يثير الدهشة من ناحية التعبير المكثف للشكل وقوة التعبير والتعامل المقتصد مع الوسائل المتوفرة من جهة، ومن جهة أخرى بسبب حيويتها وتأثيرها المباشر" (من مقالة "عند ينابيع الموسيقى الشعبية " 1925).

بدأ بارتوك تجميع الموسيقى الشعبية المجرية في منطقة سيك في ترانسلفانيا في 1905، ثم بدأ بتجميع ودراسة الموسيقى الشعبية للسلوفاك والرومان الذين يعيشون في المناطق القريبة إلى جانب الأغاني والموسيقى الشعبية المجرية منذ سنة 1906. استمر هذا العمل الدؤوب لغاية نهاية الحرب العالمية الأولى لكنه توقف بسبب تقسيم المملكة المجرية وتوزيع ثلثي الأراضي التي كانت تابعة لها ضمن الإمبراطورية النمساوية على دول الجوار، ومعها تجمعات سكانية مجرية استقرت هناك منذ أكثر من ألف عام (بالخصوص في رومانيا ومولدافيا). كانت هذه التجمعات القروية المجرية تمتلك أهمية استثنائية لأن الطبقات الأكثر قدماً وأصالة في التراث الموسيقي المجري لا تزال حية لديها، نجد فيها العناصر التي ترجع إلى فترات التعايش مع الشعوب التركية والإيرانية في سهوب وسط آسيا قبل قدوم المجريين إلى حوض الكاربات حيث يعيشون اليوم. وقد ساعده تجميع هذه المادة القديمة في تجميع التراث الغنائي والموسيقي الشعبي في الأناضول لاحقاً بشكل كبير. قام بارتوك كذلك بمسح ميداني في شرق الجزائر سنة 1913 كما أشرت في كتابة سابقة.

أما رحلته إلى تركيا في 1936 فجاءت بعد فترة من الانقطاع عن المسح الميداني، زار فيها اسطنبول وأنقرة حيث ألقى محاضرات في جامعتها وقدم حفلات موسيقية قبل أن يتجه إلى المنطقة الممتدة بين أدنة وعثمانية لتجميع المادة الموسيقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram