الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 17
الرئيسية > آراء وأفكار > عن القلق السياسي وشياطين اخرى

عن القلق السياسي وشياطين اخرى

نشر في: 8 إبريل, 2024: 12:34 ص

د. محمد علوية

نستطيع من خلال مصطلح "القلق السياسي" أن نصف حالات عدم الاستقرار التي يعاني منها غالبية الفواعل والمجاميع السياسية في المشهد السياسي العراقي، والخوف من المستقبل،

 التوجس من الآخر، والاستعداد لفتح جبهة خصومة مفاجئة مع أقرب حليف او بناء تحالف لحظي مع أبعد خصم وفق معطيات آنية ضيقة، هذا السلوك القلق يعكس مدى هشاشة هذه الجماعات ومدى عدم قدرتها على التفكير استراتيجياً في أي ملف يمكن ان يُسجّل في تاريخها كـ منجزٍ أو نجاح.

في الواقع فإن معظم الجماعات والأفراد التي تمارس العمل السياسي في العراق، لاتمارس عملاً سياسياً، بل تمارس لعبة الاستقطاب والنفوذ وعملية إدارة فوضى التجاذبات واستثمار التناقضات.

يكمن الفرق بين الممارستين في حجم المساحات المفتوحة ضمن خيارات هذه الجماعات، مقدار المناورة ومدياتها ومحدداتها، مدى استدامة علاقاتها وتحالفاتها، وكمية التنازلات على حساب المناهج إن وجِدت.

وحين نتحدث عن ضرورة وجود منهج سياسي لاية حركة سياسية فإن ذلك مؤسس على ما يلي:

١- انه يعطي تعريفاً واضحاً لهوية الجماعة او الحركة السياسية، تكتسب من خلاله لونها ويبان مزاجها

٢-تَستَقطب وفقه جمهورها واصدقاءها في داخل البلد وخارجه

٣-تجعله منطلقاً لحراكها وسلوكها وتعاطيها مع الأطراف الاخرى، على نحو يؤسس بالضرورة لخارطة منطقية من التفاعلات البينية المستدامة -غير القلقة- لهذه الجماعة مع الجماعات الاخرى، سواءٌ كانت هذه التفاعلات على شكل تحالفات ٍ أو تفاهماتٍ قائمة على اهداف ومناهج مشتركة او حتى خصومات قائمة على اهداف ومناهج متقاطعة.

يُعد السلوك القائم الذي بدأ يصبحُ عرفاً سائداً، سلوكاً مضطرباً، تنجذب فيه الجماعات لبعضها البعض وينصهر وفقه الأفراد على أسس نفعية لمشتركات آنية، سُرعان ما تنهار فيه الاتفاقات متسببةً بالتكسير التراكمي لأواصر الثقة التي تتسبب بدورها ببروز "القلق السياسي" الذي يُلاحظ على سلوك وخطاب اغلب فواعل المشهد السياسي الحالي.

نتائج هذه الظاهرة بعيدة الاثار، فهي:

١-تمتد الى المجتمع، وتؤثر على طريقة تعاطيه مع النظام السياسي الذي يمكن وصفه بالتعاطي القلق ايضاً متأثراً بهذا النوع من الأعراف

٢-تنعكس على كامل التجربة الديمقراطية في العراق، وتعد إحدى الاسباب التي أدت الى تراجع الديمقراطية ونكوصها، فلا ديمقراطية من دون مناهج سياسية متعددة واضحة الشكل ومعروفة الحدود،

٣-لا استقرار مستدام من دون العمل على مفهوم "الثقة" والتأسيس لهُ كـ عرفٍ جامع يراكم التجارب ويسهم في إنضاجها، فللقلق السياسي ضريبةٌ كبرى، يدفعها النظام والمنظومة على حدٍّ سواء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: المتشائل

 علي حسين أعترف أنّ الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر...
علي حسين

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري 2 بين القتال والهدنةً القصيرة تغيرت الحياة الاجتماعية. لقد قضى الناس أياماً طوالًا في الملاجئ. نساء ورجال حشروا في مكان ضيق. شبان لم يعرفوا السياسة و ما أرادوا أن يعرفوها انفصلوا عن...
زهير الجزائري

اشكالية السياسة والتعصب تحليل سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح المفهوم الشائع عند العراقيين بمن فيهم الكثير من المثقفين ، ان المتدينين يكونون متعصبين والمثقفين متحررين وغير متعصبين ، فهل هذا صحيح ام فيه رأي آخر ؟ لنبدأ بتحديد المفهوم...
د.قاسم حسين صالح

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram