 بغداد/ تميم الحسن

اليوم سيكون ماقبل الاخير في جدول زيارة محمد السوداني، رئيس الحكومة، الى واشنطن، فيما يفترض ان يصل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بغداد بعد ايام قليلة من عودة الاول.
وكان السوداني قد وصل السبت الماضي، في أول زيارة له للولايات المتحدة منذ تسلمه السلطة اواخر 2022، في وضع دقيق بعد القصف الايراني المباشر لاسرائيل.
ونفى السوداني بالمقابل علم حكومته بإطلاق صواريخ من الاراضي العراقية في الهجوم الإيراني الاخير، فيما كانت معلومات قد تسربت عن مشاركة فصائل من الداخل.
ويشير باحث عراقي الى وجود أطراف تسعى الى "تخريب الزيارة"، واعتبر ان مايجري حاليا مهم للغاية، حيث تقوم واشنطن "بعملية تصحيح" للأخطاء التي حدثت في العراق بعد 2003. وكان رئيس الحكومة العراقية قد اتفق خلال لقائه مع الرئيس الامريكي جوزيف بايدن في البيت الأبيض مساء الاثنين الماضي، على "شراكة مستدامة"، بعد يومين من الهجوم الايراني.
وقال السوداني في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية "لم تصل إلينا تقارير أو مؤشرات على إطلاق صواريخ أو مسيرات من العراق أثناء الهجوم الإيراني، وموقفنا واضح من عدم السماح بزجّ العراق في ساحة الصراع ونحن ملتزمون بهذا الأمر".
وكانت إسرائيل قد قالت إن بعض الصواريخ الإيرانية انطلقت من العراق، خلال الهجوم الذي نفذته طهران، السبت الماضي.
وأكد رئيس الوزراء أن بغداد تعمل على إبعاد البلاد عن ساحة الصراع، مشيرا الى انه "لا يمكن زجّ إيران في كل قضية تتعلق بالوضع العراقي".
وتسربت معلومات، أثناء الزيارة عن طلب بايدن من الحكومة العراقية، بضبط ايقاع الفصائل المرتبطة بإيران.
كما رفضت طلبات دخول وزيرين اثنين الى واشنطن، ضمن الوفد، بسبب علاقتهما بتلك الجماعات، وهما وزير العمل احمد الاسدي (زعيم جند الامام، ووزير التعليم نعيم العبودي، القيادي في عصائب اهل الحق).
وتضمن الوفد 3 وزارء فقط، وهم وزراء التخطيط، المالية، والنفط، اضافة الى محافظ البنك المركزي، وعدد من المستشارين.
ويقول غازي فيصل الباحث في الشأن السياسي في مقابلة مع (المدى) ان "العراق يمكن ان يلعب دورا مهما في كبح جماح ايران ومنعها من ضرب المصالح الستراتيجية الغربية في العراق والمنطقة".
وبين فيصل ان "هناك من يقف ضد تطور العلاقات بين بغداد وواشنطن، ابرزها تيارات الفصائل المسلحة المرتبطة بالحرس الثوري".
وأضاف: "تحاول هذه التيارات ان تفرض الستراتيجية الإيرانية لمواجهة الستراتيجية الامريكية بالعراق، مرة بشكل عسكري من خلال استهداف السفارات او ضرب منشآت عسكرية وحيوية، ومرة من خلال السياسة".
ويرى ان وجود هذه الجماعات في العراق "تشوه صورة البلد وتعزز ظاهرة عدم الاستقرار الاقتصادي، وتفكك الدولة، وتسيء الى العلاقات مع الولايات المتحدة".
ويعتبر فيصل ان الادارة الامريكية حريصة على التعاون مع العراق. ويقول ان ما يجري في الزيارة الان "هو اعادة صياغة العلاقات مع واشنطن ومراجعة الأخطاء التي جرت بعد 2003، واعادة العراق لمسار الديمقراطية".
وكان اللقاء بين الرئيسين لم يتطرقا فيه الى قضية سحب القوات الامريكية من العراق، كما ظهر في البيان المشترك للطرفين، بأن تلك القوات لن تغادر البلاد قريبا.
بالمقابل أعلن عن صفقة سلاح سيدفع خلالها العراق اكثر من 500 مليون دولار الى واشنطن. وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي انه سيتم "شراء 41 طائرة" من الولايات المتحدة.
وحتى الان لم تعلق الفصائل على تلك المواقف، فيما كانت قد هددت بالتصعيد في حال لم تخرج القوات او يتم استبدال مسميات "الاحتلال" بـ"شراكة مستدامة".

الملف الاقتصادي
الى ذلك ركزت لقاءات السوداني في واشنطن في الـ48 ساعة الماضية، على الملفات الاقتصادية، وستستمر على هذا المنوال خلال آخر يومين الى الجمعة (آخر يوم للزيارة).
واعلن السوداني التخطيط لتصدير الطحين في المستقبل عبر استثمار الطاقات الإنتاجية، كما التقى في واشنطن بشركات تعمل في مجال الطاقة بالعراق.
واتفقت الحكومة العراقية خلال الزيارة، على انهاء العمل بمنصة النافذة الالكترونية للمصارف نهاية العام الحالي ليتم الاعتماد على المصارف العراقية المرخصة وترتيب علاقتها مع البنوك الخارجية، بحسب المتحدث باسم الحكومة.
وكشف السوداني في حوارات اجراها اثناء الزيارة، عن أن 80% من التعاملات الدولارية في العراق تحدث خارج المنصة الإلكترونية.
وقال رئيس الحكومة ضمن فعاليات اجتماعات الربيع 2024، لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي في واشنطن، إن العراق يحرق ما قيمته 4 لـ 5 مليارات دولار يومياً من الغاز المصاحب للنفط.
واكد السوداني أن العراق بدأ بمشاريع للاستثمار بالغاز المصاحب وهذه المشاريع ستحقق الاكتفاء الذاتي للعراق في مجال الكهرباء في 3-5 سنوات. وأشار رئيس الوزراء الى أن المعدل الوطني لتكلفة إنتاج برميل النفط العراقي هو 8 دولارات، بينما هو 26 دولارا في كردستان العراق وهذا هو سبب الخلاف مع الشركات في كردستان. وكشفت بالمقابل اللجنة المالية في البرلمان، عن ارتياحها الكبير لنتائج مباحثات رئيس الوزراء في واشنطن. وقال رئيس اللجنة المالية النيابية عطوان العطواني، في بيان: "نتابع بارتياح كبير نتائج مباحثات الوفد العراقي". واشاد البيان بإعلان الرئيس الاميركي التزام الولايات المتحدة الأميركية بدعم العراق لإصلاح وتطوير نظامه المالي والمصرفي.

ظلال الشراكة
ويقول غازي فيصل الذي يرأس المركز العراقي للدراسات الستراتيجية ان الاتفاقيات التي جرت في واشنطن تحتاج الى "متابعة وتنفيذ في العراق".
وبين فيصل وهو دبلوماسي سابق، ان هناك جوانب مهمة أعلنتها الخارجية الامريكية عن دعم ومساندة التحولات بالعراق.
وقالت الخارجية، وفق فيصل، انها ستدعم برامج التعليم، الصحة، الطاقة، والاستثمار الخاص، واعادة بناء الصناعة، والبنية التحتية.
ويقول فيصل ان "كل ذلك يجري وفق اتفاقية الاطار الستراتيجي بين البلدين، كما ان الينا رومانوسكي، السفيرة الامريكية في بغداد، هي من لعبت دورا حاسما في تقريب وجهات النظر، وأكدت على اعتماد الاتفاقية".
ويسافر السوداني اليوم الى مدينة مشيغان وسيلتقي بالجالية العراقية هناك، كما سيجري حوارات ولقاءات مع سفراء سابقين، قبل انتهاء الزيارة مساء الجمعة.
بالمقابل فإن الرئيس التركي، قد يكون بعد ذلك بأيام قليلة في بغداد، حسب ما قاله للصحفيين بعد اجتماع لحكومته يوم الثلاثاء الماضي.