علي حسين
صباح كل يوم أبحث في مواقع الأخبار وصفحات السوشيال ميديا عن الجديد من الأخبار وأتابع الصفحات المتميزة لبعض الأساتذة في مجال الاقتصاد ومنهم الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي ، الذي وجدته في اليومين الأخيرين مهموماً بأحوال الموازنة التي يتعارك عليها النواب في برلماننا العتيد الذي يطالب فيه بعض النواب بمنع المواطنين من رؤيتهم بالعين المجردة، فالسيارات المضللة وحدها التي تحمي النائب من عين الحسود.
أعود للأستاذ نبيل الذي يتحدث عن تخصيصات الموازنة للوزارات للعام 2024، فماذا وجدنا ياسادة ؟ ارتفاعا بالتخصيصات المالية للأوقاف الدينية في العراق بموازنة العام 2024، بلغت نسبته أكثر من 30%. وأخبرنا الدكتور المرسومي مشكوراً أن "التخصيصات المالية للأوقاف الدينية، ارتفعت من 1.912 تريليون دينار في موازنة 2023 إلى 2.564 تريليون دينار في موازنة 2024".. وأضاف، أنها "تعادل أكثر من ضعف تخصيصات وزارتي الصناعة والزراعة".
في هذه الزاوية المتواضعىة ما زلت أُكرر القول إنني لن أتوقف عن تذكير الناس بما يجري حولهم من دمار وأسى باسم الطائفة أحياناً، وباسم الاستحقاق الانتخابي أحياناً أخرى كثيرة، وباسم الانتهازية التي تجعل فريقاً سياسياً ينسى أن المعركة معركة إنقاذ العراق من وباء قاتل، وليست معركة من أحق بالكرسي.
دائماً ما أُكرر عليكم حكاية الكتب، لأنها أفضل وأغنى الحكايات عن الأمم، ففي لحظة فارقة من تاريخ البشرية يكتب البريطاني النحيل "إيزايا برلين" عن نسيج الفساد الذي يحاول البعض أن يلف به الأوطان.. ما هو الشعور الذي سيخامرك وأنت تقرأ حكاية عن "القناع الثعلبي"؟ هذا القناع، هو أحد اختراعات القوى السياسية الفاسدة فهي تخلقه ومن ثم تعززه.
يقول برلين: "الفاسد أبعد ما يكون عن روح المواطنة، إنه لا يعرف إلا طريقاً واحداً هو طريقه، يتوهم أنه وحده الذكي، وعلى الآخرين أن يتعلموا منه". ويضيف في مكان آخر من كتابه "نسيج الإنسان الفاسد": "الإنسان الفاسد يرتكب أعظم الآثام، ثم يكررها مرات كثيرة. لأنه في نهاية المطاف لا يريد أن يصنع شيئاً مستقيماً أبداً".
في كل مناسبة يُطل فيها أحد المسؤولين على العراقيين، سواء عبر خطاب أو بيان، نجده حريصاً على أن يعد الناس وعوداً لبناء مجتمع سليم ومتطور، ولكنه في الخفاء ينسج لمجتمع الفشل، تصور عزيزي القارئ أن الدولة تضع في الميزانية للوقف الشيعي ومعه الوقف السني تخصصيصات تتجاوز تخصيصات وزارة الصناعة ومعها الزراعة .
هذه أخبار مدهشة حقاً ، فبدلاً من أن تصرف هذه الأموال على برامج البطالة والضمان الصحي ، نصرفها على سباق الوقف السني والوقف الشيعي في تبديد الأموال ، هل هناك أكثر دهشة من هذه سيصاب بها المواطن العراقي.