متابعة / المدى
أحدث مشروع قانون تقاسم الحق في الطلاق بين الزوجين في مصر جدلا واسعا، لأنه لا يتناسب مع التقاليد المجتمعية، فالطلاق حق للرجل فقط ما لم يتنازل طواعية لزوجته ويمنحها هذا الحق (العصمة)، وهناك قانون للخلع يتيح للزوجة إنهاء العلاقة متى أرادت، فلا توجد مبررات تُلزم الرجل بتقاسم الحق في إنهاء العلاقة.
ويستهدف مشروع القانون الذي تناقشه لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب، والمعروف بـ”تقاسم العصمة” بين الزوجين، التبسيط؛ فقانون الخلع يتيح للمرأة أن تطلق نفسها بمجرد إبراء الزوج من مستحقاتها، وبعد إجراءات قانونية معقدة.
وقال البرلماني إيهاب رمزي عضو اللجنة التشريعية في تصريحات إعلامية إن المقترح "محاولة لتبسيط إجراءات الخلع"، لوجود مشكلة حقيقية يجب معالجتها، تتمثل في تعقيدات الخلع، ودور البرلمان التسهيل، بما يُمكّن الزوجة من إنهاء العلاقة، خاصة أن الكثير من الزوجات لا يملكن القدرة المالية على توكيل محامين.
ويُعطي قانون الخلع في مصر للزوجة الحق في أن تطلق نفسها أو يحكم قاضي محكمة الأسرة بتطليقها متى أرادت، طالما أنها أفصحت عن استحالة العشرة مع زوجها، ومقابل ذلك تقر بتنازلها عن كامل حقوقها المادية، ولا تحصل على نفقة ومؤخر صداق ولا يحق لها الحصول على مزايا مثل المرأة التي يتم تطليقها بشكل تقليدي.
ووفقا للمقترح القانوني، فإن دور القاضي في قضايا الخلع محصور في الاستجابة لطلب الزوجة ولا يملك رفض طلبها أو مناقشة أسبابه، لأن مبدأ حق المرأة في الطلاق موجود، فمن حقها أن تطلق زوجها في أي وقت وبإرادتها مثل حق الرجل، دون الحاجة إلى دعوى قضائية وكلفة مالية.
ولم تُعلّق المؤسسة الدينية في مصر على مشروع القانون، بالسلب أو الإيجاب، لكن بعض الدعاة والفقهاء التابعين لمؤسسة الأزهر تبرعوا بالطعن في المقترح، بحجة أنه لا يجوز أن تكون العصمة في يد المرأة كحق أصيل للرجل ما لم يتنازل عنها قبيل بدء العلاقة رسميا، ولا يجوز أن يقوم الطلاق بالقسمة بين الطرفين، لأنه ضد الشريعة.
ودافع صاحب المقترح القانوني (المحامي والبرلماني إيهاب رمزي) بأن التشريع المطروح أمام البرلمان ليس مخالفا للشريعة الإسلامية، فالطلاق حق للرجل كما هو حق للمرأة من خلال الخلع، فلماذا لا تتم المساواة، معقبا “لا يجوز أن يُمنح الرجل حق الطلاق دون تعقيدات، وإذا أرادت الزوجة فعل ذلك تواجه صعوبات قضائية”.
وقوبل المقترح بتأييد واسع من منظمات حقوقية معنية بشؤون المرأة، لأن تقاسم العصمة يمهد للمساواة بينهما في الكثير من الحقوق التي مازال الرجل يحتكرها لنفسه، كما أن الطرفين إذا اتفقا على تقاسم العصمة، فلماذا تكون هناك اعتراضات دينية من أي نوع، فالعلاقة مبنية على اتفاق مسبق.
وأعلنت نقابة المأذونين الشرعيين في مصر سابقا أن أكثر شرط يُكتب في الشروط الخاصة بعقود الزواج هو وجود العصمة في يد الزوجة (أي تطليق نفسها)، وأن 95 في المئة من النساء اللاتي يتمسكن بتسجيل هذا الشرط لديهن تجارب زوجية فاشلة، ما يعني أن مشروع القانون انعكاس لواقع حقيقي مازال غائبا عن المجتمع.
ويعتقد معارضون لمشروع القانون أن تقاسم حق الطلاق بين الشريكين إجراء دخيل على الأسرة وقد يتسبب في انهيار العلاقة لأسباب واهية، كما هو الحال بالنسبة إلى قانون الخلع الذي تلجأ فيه المرأة إلى الطلاق لمبررات ضعيفة أحيانا، ولا يجوز تقديم مقترحات جديدة تسهم في احتداد أزمة الطلاق في مصر، بدلا من البحث عن حلول جذرية للمشكلة.