اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > سكين سلمان رشدي

سكين سلمان رشدي

نشر في: 19 مايو, 2024: 10:28 م

بلقيس شرارة

صدر مؤخراً كتاب بقلم الكاتب والروائي البريطاني سلمان رشدي، بعنوان: "سكين"، والكتاب عن محاولة قتله عندما كان يتكلم عن كيفية المحافظة على الكّتاب والمؤلفين من الأذى، وكان ذلك أمام ألف شخص، في ندوة في شاتكيوا/Chautauqua خارج نيويورك. وإذا بشاب يتوجه نحوه، يبلغ من العمر 24 عاماً، ينهال عليه ضرباً بسكين. في البداية اعتبر بعض الحاضرين أنها جزء من تمثيلية، ولم يصدقوا ما حدث أمامهم حتى شاهدوا الدم يسيل من جسم الكاتب.

ونُقل الكاتب بعدها بطائرة إلى أقرب مستشفى، وكان في حالة خطرة، وأجريت له عدة عمليات، وظل في المستشفى لمدة ثمانية عشر يوماً، حتى زال الخطر، وقضى شهرين في مستشفى للنقاهة، لكنه فَقْد إحدى عينيه، ولم يستطع الحركة في البداية، ولكن بعد بضعة أسابيع استطاع أن يمشي، وأن يلبس ملابسه من دون مساعدة. خلال تلك الليالي التي قضاها في أرق متواصل، حيث لم يستطع بها النوم، قرر ان يكتب كتاباً عما حدث له. واعتبر سكينه الكتابة. " فاللغة أيضاً هي سكين، بإمكانها أن تفتح العالم وتكشف معانيه واسراره وحقيقته. واللغة ممكن أن تنقلنا من واقع الى آخر". وخطر له السكين التي يقطع بها كعكة العرس، انها جزء من تقليد، عندما يقطع بها العريسين الكعكة، وهنالك سكين المطبخ التي لها دور مهم في الطبخ، وسكين الجيش السوسري التي تساعدهم في انجاز اشياء كثيرة وصغيرة.

ومن النادر لكاتب عنده القوة في وصف مثل هذه الحادثة، أي تعرضه للقتل. ولم يحدث في تاريخ إنكلترا الحديث أن يصف كاتب بريطاني ما تعرّض له في مثل هذه المحنة، ومن النادر حدوث هذا أيضاً، وربما حدث شيء مشابه في التاريخ الروسي.

ويذكر سلمان رشدي عن الحادثة: "من زاوية بعيني اليمنى شاهدتُ هذا القاتل يركض نحوي، وكأنه مسافر في الزمن، شبح قاتل من الماضي، لم أحاول الهرب، وإنما تجمدت في مكاني". ثم يتذكر من انه " مُمَدد على الأرض.. ألاحظ الدم يسيل من جسدي، عندها فكرّت من أنني سأموت، إنها حقيقة".

إذ عندما صدر له كتاب "الآيات الشيطانية/ Satanic Verses"، صدرت فتوى من قبل آية الله الخميني في إيران في عام 1989 ضد سلمان رشدي تحرّض على قتله. وصدرت الفتوى في 14 شباط وهو اليوم الذي يحتفل به الغرب ويسميه بـ "يوم الحب". وقد كتب الكاتب كتاب بعنوان: "جوزيف أنطون/ Joseph Anton"، في عام 2012، وتكلم فيه عن نفسه كشخص ثالث وليس بصورة مباشرة. فقد حاول أن يبعد نفسه عن الواقع ويقلبه إلى رواية.

أما كتاب "سكين"، فهو وصف غني، لما مرّ به الكاتب، من رحلة مظلمة إلى مضيئة، ساطعة. واللغة كانت دائماً سلاحه في الرد. واستعمل السكين كتورية، فتكتب: " كيف تهاجم السكين، انها نوع من المَّودة.. والجريمة التي اقترَفتَها هي نوع من اللقاء الحميم".

وقرر الكاتب آلا يذكر أسم الشخص الذي هاجمه وحاول قتله، وإنما ذكره بألقاب مختلفة، "الرجل الشاب، الرجل باللباس الأسود، هذا الشكل القاتل". ثم قرر أن يشير له: بـحرف "الألف"، حيث قضى معه 27 ثانية.

كما تصّور الكاتب من أنه التقى بالقاتل وحاول ان يستوجبه:" إنه مهاجمي، والذي سيصبح قاتلي، إن الرجل القاتل الذي حاول الافتراض وكأن لي معه مهمة مميتة".

وأثناء وجوده في المستشفى كانت زوجته "إلزا" الكاتبة والمصورة، معه طيلة الفترة التي قضاها في المستشفى، ووجد أن الحب هو الدرع الذي أعاده إلى الحياة. وقد وصف الكآبة والقلق اللذين عانت منهما زوجته، عندما كانت برفقته طيلة إقامته في المستشفى. وقد خصص فصلاً كاملاً عنها وعن علاقته بها.

كما تكلم كيف شاهد نفسه في مرآة الحمام لأول مرة بعين واحدة. وشاهد الوجه المشوه، وشعر أن لا علاقة له بهذا الوجه أو الشخص الذي يشاهده في المرآة. رجل يرى إنعكاسه ولم يعرفه، ويتساءل مع الشكل في المرآة من هو، "هل اعرفك.. هل هو أنا وهل ستبقى معي للأبد، نصف غريب، أنظر من خلالك".

ويرى ان الكتاب موازي لما كتبه في روايته المهرج شلمار/Shalimar the Clown، حيث يقف القاتل فوقه بسكين، ويعيد ما كتبه في الأيات الشيطانية " لكي تولد ثانية عليك أن تموت أولا". وقد اعترف الكاتب ان بقاءه على قيد الحياة كان معجزة، ولو أنه لا يؤمن بالمعجزات، فهو من الكّتاب العقلانيين. لكنه شعر في البداية بالوحدة القاتلة، وأنه سيموت بعيداً عن زوجته وأولاده وشقيقته.

مرت ايام عديدة منذ الهجوم الذي حدث، فقد فكّر أن الموت يحلق بجناحيه على الناس الخطأ، فالبرغم من هذه الحادثة التي نجى منها باعجوبة، ولكن هنالك اشخاص يعرفهم يتساقطون أيضاً، فاخيه في الكتابة والأدب الكاتب "حنيف قريشي"، اصيب بنوبة أدت به إلى شلل جهته اليمنى في روما، بينما هو تعافى. ويذكر أسماء أصدقاء له اصيبوا بأمراض لا نجاة منها، مثل السرطان، وبذلك يعتبر نفسه من المحظوظين الذين نجوا من الموت.

وبعد مرور عام عاد مع زوجته لحضور نفس المؤتمر، وقررا أن يمرا بجانب السجن الذي أودع فيه الشاب الذي حاول اغتياله، وربما عندما يحاكم سيصدر الحكم عليه بالسجن لثلاثين او اربعين عاماً. توقفا لمدة، ولاحظا من إنه سجن صغير الحجم، فالجناح في جهة اليسار للسّجانين، والجناح في جهة اليمين للمساجين، ثم التقط صورة وبعثها لشقيقته، وأكمل رحلته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram