علي حسين
أتابع هذه الأيام صولات بعض المحللين السياسيين التي تدعو إلى محو بغداد من الخارطة ، لأنها تسبب لهم صداعاً في الرأس ، وخفقاناً في الذاكرة ، فبعد أن طالب السيد جمعة العطواني بطرد أبو جعفر المنصور من بغداد ، خرج علينا محلل سياسي آخر وهذه المرة من " الوزن الثقيل " ليقول وهو يبتسم ، لا نكتفي بتمثال المنصور وإنما نطالب بإلغاء شارع الرشيد ..
وماذا بعد ياسيدي الكريم الذي طالبت الشعب العراقي أن يأكل العظام من أجل أن تستمر مسيرة الديمقراطية العراقية إلى الأمام؟ ، هل من مزيد ؟ لقد نسيت ساحة الواثق والمستنصرية ، وها نحن نذكرك ؟ ولهذا عزيزي القارئ ستجدني أضمّ صوتي إلى صوت الدكتور مؤيد آل صويت الذي كتب في صفحته على موقع "فيسبوك " ساخراً ومتألماً :" أخوان حتى نرسم خارطة طريق وميكون الموضوع عبثي وبلا تخطيط؛ وره ما تفلشون تمثال أبو جعفر المنصور وتخلوه أطلال ؛ مرّوا على شارع الرشيد فلشوه؛ وأكو شغله ناسيها حبيت اذكركم بيها ؛ تره المستنصر بالله خليفة عباسي مو من الصواب معلم بنص بغداد يسمى باسمه؛ فبطريقكم مروا على جامعة المستنصرية وفلشوها حتى ميبقى أثر لبني العباس بوسط بغداد وتصبح نقية جداً؛ ومن بعد ما تسوون الجامعة كردة وترتاحون؛ بلكي تاخذولكم فرة بالحميدية وسبع قصور والدسيم والمعامل ؛ خاف أكو إرث عباسي هناك محد منتبهله؛ لأن هاي مناطق نقية ولازم تبقى نقية من كل ما يدنسها!!" .. تخيل جنابك أين وصل العبث بهذا الشعب ، أن تشاهد أرتالاً من القوات الأمنية تحمي تمثال وسط بغداد من جماعات مسلحة ، دون أن يصدر المدعي العام أمراً بإلقاء القبض على الذين يحرضون على الفتنة الطائفية ، فالقضاء العراقي مشغول البال بكرسي الحلبوسي وبإصدار فرمانات تمنع الاقتراب من قلاع الدولة الحصينة .
للأسف يريدوننا أن ننشغل بحكايات التاريخ ، لكي تكون بديلاً للمستقبل ، فما نفع التنمية والبناء وهناك شارع في بغداد اسمه شارع الرشيد؟ ، وما فائدة بناء المجمعات السكنية والمدارس الحديثة والمستشفيات وهناك حي في بغداد اسمه المنصور؟ .. هم يريدون قتل المستقبل ، يا عزيزي، يستهدفون اغتيال أي أمل في أن تمتلك هذه البلاد قرارها ، وأن تتعافى من سنوات الحرمان والتخلف.
قبل وفاته بأشهر دون المعماري الكبير محمد مكية وصيته التي جاء فيها: " بغداد أيها الأحباء جوهرة من جواهر العصر، ربما تمرض، وربما تتعب وتئن – لكنها لا تشيخ فزمن المدن العظيمة مغاير لتفسيرنا للزمن. أوصيكم ببغداد أصغوا إلى صوتها كثيراً اعتنوا بها لتعتني بكم" " .
للاسف لا يريد أحد أن يستمع إلى وصية محمد مكية ، فالبعض يريد لهذه المدينة أن تُصبح تابعه ، بعد أن كانت سيدة المدن.
جميع التعليقات 1
فؤاد الصفار
منذ 6 شهور
اكثر من عشرين سنة لم تستطع احزاب الطائفية بناء دولة مؤسسات ، فلم يبقى لهم الا اللجوء الى هذه الخزعبلات لاخفاء فشلهم اما هولاء المحللين فهذا زمنهم ،، زمن الانحطاط والرثاثة