محمد حميد رشيد
أختلف المحللون والمراقبون السياسيون في تفسير (خطوة الصدر الجديدة) بالأعلان عن تغيير اسم (التيار الصدري) الجماهيري إلى (التيار الوطني الشيعي) ؛ وهناك من قال أنه خطوة نحو الانفتاح على الفضاء الوطني مع التمسك بالهوية الشيعية الإسلامية ؛
وهناك من قال أن التيار الصدري يريد الانفتاح على الأغلبية الصامتة التي تشترك معه بالكثير من القضايا ؛ وهذه خطوة ذكية جداً لأنها إنفتاج على ال 80% من من لهم الحق في الإنتخاب (التصويت) من عموم الشعب العراقي ؛ وهناك تحليل يقول "تغيير العنوان هدفه أيضا الخروج من القيد الطائفي والتحول إلى الفضاء الوطني وهو كسر وأستهداف للتحالفات الطائفية والتوجه نحو الرؤية الديمقراطية". ولكن بعد كل هذا وذاك يبقى من الواضح تماماً أن شعار (التيار الوطني الشيعي) بحمل تناقضاً فكرياً واضحاً ذلك لأن (الوطنية) تشمل كل مكونات الشعب الدينية والعرقية والطائفية والقومية والجنسية. والتيار الوطني شامل وعام .
و(التيار الوطني الشيعي) يحمل في طياته إحتمالين (واحد من أمرين) الأول كونه تطور سياسي فكري للتبار الصدري وتحوله نحو (الإعتدال الطائفي السياسي) (وهو أمر حميد ومقبول لدى جميع العراقيين ومنهم أصحاب المشروع الوطني) وينفتح على الفكر الوطني الديمقراطي وهذا يعني أنه سيبقى منكفئاً على ذاته منغلقاً على طائفته وسيحتاج الى امكانيات كبيرة وسيواجه تحديات فكرية ومصاعب داخلية وصراع بين الوطنية كفكر وبين الطائفية كأنتماء عقائدي (وهذا ممكن) لكن على حساب تحجيم النزعة الطائفية المتطرفة الى الطائفية المعتدلة المنسجمة والمتعايشة مع باقي مكونات الشعب العراقي وهو بهذا يحاول أن يحتوي التيارات السياسية الشيعية ويعلن أنه ممثلاً أصيلاً للشيعة في العراق دون غيره لأن غيره من الأحزاب والتيارات الدينية السياسية لا يؤمنون بالمشروع الوطني ومنحازيين إلى المشاريع الطائفية والعنصرية المتعصبة التي تضر بالوطن فتقسمه وتجزئه وتميز بين مواطن وآخرعلى أساس الطائفة! وهذا مرفوض طائفياً ودينياً و وطنياً.
بينما التوجه الشيعي الذي يحمله (التيار الوطني الشيعي) لا يتناقض مع المشروع الوطني بل منسجم معه وبهذا فإنه يطمح إلى ضم كل (الوطنيين) الشيعة تحت جناحه عازلاً المتعصبين طائفياً على حساب الوطن ؛ وهو دعوة للوطنيين الشيعة للإلتفاف حوله ونبذ من سواه من الأحزاب والتيارات الطائفية. هدفه الاول إزاحة التيارات الشيعية الفاسدة القائمة حالياً في صميم العملية السياسية والتي أضرت بالطائفة وأساءت إليها. ومع هذا فهو يبقى محصوراً داخل تشيعه (داخل الطائفة) ولا يمثل غير الشيعة ولم يخرج فعلياً إلى الفضاء الوطني الأوسع !
أما الإحتمال الثاني فأن مستقبل (التيار الوطني الشيعي) أن يتحول إلى (التحالف الوطني الشيعي)وهدفه الاول (أيضاً) إزاحة التيارات الفاسدة القائمة في صميم العملية السياسية الحالية والتي لا سبيل عملي لازاحتها غير (تحالف) قوي يضم قوى من (المكون) الوطني العراقي يستطيع ازاحة التوجهات والتحالفات الطائفية الفاسدة القائمة حالياً .
وهذا (التحالف الجديد) سيشهد بطبيعة الحال صراعاً فكرياً بين توجهات هذا المكون السياسي لغرض إنضاجه والذي يراد منه عبور التحالفات الطائفية والعرقية الى (تحالف وطني) شاملاً وسيكون لزاماً على كل أطرافه تقديم (تنازلات فكرية وعملية) لمصلحة الوطن لمواجة التحديات السياسية التي ستواجهه لانه سيواجه تحدي فكري تكويني داخلي هو التناقض بين الوطنية والطائفية واذا استطاع مواجهة هذا التحدي والانتصار فيه فسيكون قوة سياسية يصعب مواجهتها وستحضى بقبول شعبي كبير جداً يمكنه من النجاح في مواجهة التحديات الفكرية والعملية وقد ينجح في تغيير المسار السياسي العراقي . ويخرج بالتيار إلى الفضاء الوطني ليجمع حوله الكثير من القوى السياسية الوطنية والطبقات الشعبية المقاطعة للعملية السياسية الحالية ومن كل مكونات الشعب العراقي و يدفعهم للمشاركة بالإنتخابات المقبلة بأعداد كبيرة ومؤثرة بعد أن قاطعوها وبموجب ضمانات يمكن أن يقدمها لهم التيار الصدري . وبهذا يستطيع هذا (التحالف) بناء عملية سياسية جديدة تحمل عمقاً وطنياً أوسع وديمقراطياً أعمق هدفه الخروج من القيد الطائفي والتحول إلى الفضاء الوطني وسيحدث هذا حواراً فكرياً ناضجاً بين الوطنية والإسلام وبين الوطنية والطائفة وبين الإسلام والسياسة وقد نصل إلى (المصالحة) بين الوطنية والطائفة والتي أساءت الطائفية للوطنية ودمرت الكثير من واجهاتها السياسية وأساءت للدين والتي كبدت الشعب العراقي الكثير من الدماء والأرواح والخسائر وستنظف العملية السياسية الحالية من الكثير من أردانها وتعيد الهيبة والإحترام لها والتي يبحث عنها الشعب العراقي منذ أن سار في مسار التغيير الوطني. وهو أيضاً يؤسس لعراق موحد قوي قادراً على عبور الأخطار والتحديات التي تواجهه بقوة .