علي حسين
مرة أخرى، تطوير التعليم أم فرض قوانين لمراقبة الناس ؟، غلق النوادي الاجتماعية أم فرض القانون الذي يحمي حريات الناس ويصونها ويمنع انتشار الملاهي وصالونات المساج في المناطق السكنية ؟ تطوير منظومة التعليم التي تشهد تراجعاً، أم مراقبة إصدار قوانين قرقوشية بمنع الاحتفالات التي لا تلائم مزاج السيد نقيب الصحفيين؟.
كل هذه الأسئلة نواجهها كل يوم ونحن نعيش فصول الدراما الساذجة: "الأعراف والتقاليد الاجتماعية"، بطولة مجموعة من السياسيين والمسؤولين، لم يتورعوا في أن يصدروا تعليمات بنهب البلاد وإشاعة الفرقة وترسيخ الطائفية وتشجيع المحسوبية والرشوة والتزوير.
لكنهم في الوقت نفسه يتصورون أنفسهم في مهمة مقدسة، فيصدرون فرمانات سلطانية بتقييد حرية المواطن العراقي.. فهم شطار في غلق الأبواب والشبابيك وإقامة الحواجز أمام النور والمعرفة والحياة المدنية، وفي الوقت نفسه هم أكثر شطارة في فتح كل الأبواب والشبابيك وهدم السواتر والحواجز أمام تهريب أموال الشعب. رعاة للأخلاق ولكنهم مرضى بداء التحريض الطائفي.. لا يريدون أن يفهموا أنهم يمارسون مهن عامة، وليست مهمات مقدسة لتطهير العراق من أقوام الشرك والضلالة.. تذكرنا بزمن "ناهب بغداد" طلفاح الذي أعلن إمارته الإسلامية في منتصف السبعينيات حين تسلم منصب محافظ بغداد.
مضحك ومثير للسخرية أن يتصور البعض من المسؤولين أنهم مبعوثو العناية الإلهية إلى العراق، ليطهروه من نجاسة العلمانيين ودعاة الدولة المدنية، ومثير للسخرية أن تستخدم هذه الشعارات للتغطية على نهب أموال الدولة، وانتشار المحسوبية والرشوة، ومثير للسخرية أن نعيد على أسماع الناس خطب طلفاح، ووصاياه التي استخدمت، لصناعة الدكتاتوريات والخراب. للأسف البعض يريد تحويل العراق إلى سجن كبير ، طلفاح ومن معه تركوا العراق ملفعاً بالخراب والدمار، والمصرون على تطبيق قوانينه يريدون العراق بلداً مثل قندهار، بأفكار تهدد الحاضر وتغتال المستقبل، الشطارة التي يبديها البعض من المسؤولين، في تمرير قوانين لدولة دينية بخطب وشعارات الدولة المدنية ، كذبة ساذجة لن تمر على العراقيين، ومحاولة البعض من السياسيين تصوير معركة الحريات، بأنها معركة ضد الدين، فهذه كذبة أكبر تستعملها الحكومات الاستبدادية، عندما تفرض قرارات متخلفة وجائرة، وهذا لا يعني أننا نقف بالضد من الدين.. ولكننا نرفض أن يحكم السراق والطائفيون والانتهازيون والقتلة ، المسؤول لا يولد متسلطاً وغاشماً، يولد فقط حين يريد البعض أن يتحول الحكم من ممارسة لوظيفة حكومية، إلى تفويض وليس خدمة ، عند ذاك يعتقد المسؤول ومقربوه أن الاختلاف معهم يعني الاختلاف مع الدين والشرع وحكم الله.. ولهذا علينا جميعاً أن نقول للجميع ، إن مثل تلك البلاد لم تعد تعيش في ضمائر العراقيين، فقد انتهى زمن ووصايا القائد المؤمن.