 ذي قار / حسين العامل

كشف صحفيو ذي قار عن حجم المخاطر التي تواجه العمل الصحفي في المحافظة والعراق عموما ، مؤكدين ان العمل الصحفي في العراق تجربة خطيرة تجعلك دائما تسير في حقل الالغام كون الصحفي مستهدفا من كل جهة لا ترضى عما يتناوله الصحفي في المضمار الاعلامي.

وقال الاعلامي احمد السعيدي لـ(المدى) انه "من المؤسف جدا ونحن ندخل العقد الثالث بعد تغيير النظام الدكتاتوري الذي كان يستخدم اعلاما مركزيا احادي الجانب لكن للأسف ظهرت لاحقا الكثير من الدكتاتوريات".

وتحدث السعيدي الذي عمل في المجال الاعلام الميداني والاكاديمي لنحو 20 عاما عن "فقدان الاسرة الصحفية في العراق اكثر من 500 شهيد جرى استهدافهم من قبل جهات متعددة من بينها المجاميع المسلحة والمجاميع الارهابية او العمليات العسكرية "،مشيرا الى ان " حرية الحصول على المعلومة وحرية الصحافة بصورة عامة تراجعت مرتبتان مقارنة بدول العالم "، عادا ذلك "مؤشرا خطيرا كون التراجع متواصل ولأكثر من مرة يسجل في العراق في هذا المضمار".

ويجد السعيدي ان " العمل الصحفي في العراق تجربة خطيرة تجعلك دائما تسير في حقل الالغام كون الصحفي مستهدفا من كل جهة لا ترضى عما يتناوله الصحفي في المضمار الاعلامي ".

ويرى السعيدي ان " الصحفي لا يواجه اليوم دكتاتورية السلطة وحدها وانما هناك تحديات اخرى تتمثل بالتعصب الديني والعشائري وتحديات مجتمعية ضاغطة وسالبة لحرية الصحافة"، مبينا ان " الكثير من التقارير او القصص الاخبارية يمكن ان تتلاشى ما ان تصطدم بهذه التحديات".

ولفت الى ان " المعلومات المظللة وعدم الوصول الى المعلومات في مجال الكشف عن الفساد والاخفاق في الوصول لأسباب تلكؤ المشاريع اسهمت كذلك في عرقلة العمل الصحفي ناهيك عن اصرار السلطة على اخفاء المعلومة عن وسائل الاعلام".

وبين ان " كل ما حصل ادى الى تقليص مساحة الحرية في العمل الاعلامي في العراق "، واضاف" فالإعلامي لا يستطيع ان ينتقد الاداء الوظيفي لأبسط موظف من دون ان يتعرض للملاحقة القضائية بدعاوى كيدية "، مشيرا الى ان " الصحفي يمثل امام المحاكم كأي مجرم ولم يحميه قانون حماية الصحفيين او المواد الدستورية التي يفترض انها تحمي حرية التعبير".

واستطرد السعيدي ان " الجهات القضائية لا تُبلغ الجهة الاعلامية التي يعمل فيها الصحفي او نقابته قبل الشروع باتخاذ الاجراءات القانونية"، مشيرا الى ان " الصحفي غير محمي فحتى الجهات النقابية التي يفترض ان تدافع عنه اصبحت محابية للسلطة ولا تقف مع الصحفي".

وحذر في الوقت نفسه من وجود صحفيين طارئين اخذوا يسيئون لمهنة الصحافة ويشوهون المشهد الصحفي العراقي.

وبحسب تقرير حرية الصحافة لهذا العام الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود جاء العراق بالمرتبة 169 عالميًا بحرية الصحافة من اصل 180 دولة في العام 2024، منخفضا بدرجتين عن العام الماضي 2023 والذي كان ترتيبه فيه 167 عالميًا، ويصف تقرير العراق، بانه بين الإرهاب وعدم الاستقرار السياسي والاحتجاجات، يواجه الصحفيون تهديدات من جميع الجهات ويواجهون ضعف الدولة التي تفشل في واجبها في حمايتهم.

وبدوره قال الاعلامي راسم كريم الذي تعرض لجملة من الملاحقات القضائية التي تتعلق بعمله الصحفي في ذي قار انه "تعرض حتى الان لخمس دعاوى قضائية من جهات حكومية مختلفة"، مشيرا الى ان "بعض هذه القضايا حسمها القضاء لصالحة والبعض الاخر مازال قائما".

وعزا كريم اسباب الملاحقات القضائية الى تلاحقه الى تسليطه الضوء على قضايا حيوية وتغطية الفعاليات الاحتجاجية ورفضه الإجراءات الحكومية التي تحد من مساحة حرية الاعلام وتحول دون وصوله لموقع الاحداث.

ويرى كريم ان " الصحافة في العراق في خطر فلا حماية للصحفيين ولا حريات صحفية حقيقية كون الاحزاب المتنفذة بالسلطة والمجاميع المسلحة التابعة لها ضد اي حرية اعلامية"، مبينا ان " الديمقراطية في العراق مجرد وهم فسعيد الحظ من الاعلاميين من تكتفي تلك الجهات بإقامة دعاوى قضائية ضده".

واضاف ان " الكثير من اصدقائي يقولون لي: عليك ان تحمد الله كثيرا لأنك مازلت على قيد الحياة في ظل المليشيات وفوضى السلاح".

وبين ان "الكثير من الصحفيين في العراق تعرضوا الى السجن والتصفيات والتغييب القسري ناهيك عن التعرض للتهديدات التي ترغمهم على ترك العراق والهجرة الى الخارج لحمايتهم وحماية اسرهم من الانتقام".

وكانت قوة امنية، في ذي قار، داهمت في الـ (20 نيسان 2024) منزل مراسل وكالة الصحافة الفرنسية الزميل اسعد النيازي، بدافع اعتقاله، وذكر بيان لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق صدر في حينها وتابعته (المدى) ان " الجمعية تواصلت مع اسعد، الذي عبر عن استغرابه من عملية المداهمة".

وبين ان "احد ضباط الشرطة ابلغه بدوافع المداهمة، وهي دعوى قضائية مقامة ضده من قبل القنصل الفرنسي في ذي قار، “عادل الكنزاوي” بسبب نقله صورا عن حادثة حريق القنصلية الفرنسية في عام 2021، بتهمة التشهير وفق المادة 430".

وترى الجمعية ان " عملية مداهمة منزل صحفي بسبب دعوى قضائية، دون ابلاغه بها، تشكل انتهاكا، وتقويضا للعمل الصحفي". مشيرة الى ان "ارتفاع عدد الدعاوى القضائية خلال الربع الاول من هذا العام، على وفق مواد جرائم النشر الموروثة من الحقية الدكتاتورية السابقة، يشكل سابقة خطيرة على حرية العمل الصحفي".

وطالبت الجمعية في بيانها بعدم الاسراع في اصدار اوامر القبض، واتخاذ السياقات الاصولية في الابلاغ عن الدعاوى، وعدم التعامل بمثل هكذا قضايا على انها جرائم جنائية ثابتة، لترهيب الصحفيين واصحاب الرأي.

وكانت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، اعلنت في (3 ايار 2023) عن ارتفاع مخيف في أعداد الانتهاكات ضد حرية العمل الصحفي في العراق.

ووثقت الجمعية بحسب بيان تلقته (المدى)، "345 حالة بين اعتقال واحتجاز وتهديد وعرقلة تغطيات وضرب وإهانات قصدية، فضلا عن دعاوى قضائية وإجراءات حكومية أسهمت بالتضييق والمنع".

وأشارت إلى عدم خلو أية محافظة عراقية من تسجيل انتهاكات بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، حيث جاءت بغداد في المرتبة الأولى بأكثر المدن تسجيلا للانتهاكات بواقع (85) حالة، وأربيل ثانية بتسجيل (74) حالة، تليها كركوك (30) حالة، والسليمانية (29)، والبصرة (27)".

وبحسب الجمعية، يبين حجم الانتهاكات مدى تراجع مستوى حرية الصحافة في العراق، تضاف إليها إجراءات هيئة الإعلام والاتصالات بحق الصحفيين الأجانب، وخضوعها للمزاج الحزبي في إغلاق أو إيقاف برامج أو مسلسلات.