ترجمة / حامد أحمد
عند بناية صاخبة في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد تجري استعدادات لمهرجان فني معاصر سنوي. بغداد كانت ولمدة طويلة تعتبر من بين احد اخطر المناطق في العالم، ولكن مجموعة تركيب للفن المعاصر تريد ان تبعث برسالة مختلفة مفادها بان العاصمة تعيش حياة إبداعية وخلاقة توحي بمستقبل زاهر.
وتشير الغارديان في تقريرها الى ان الحدث، الذي بدأ عندما تم تشكيل المجموعة في العام 2015 ، يتضمن عرض اعمال في الهواء الطلق مع جولة سردية للمدينة تدعى التجوال في بغداد. معرض مهرجان تركيب للفن المعاصر الذي سيقام لأربعة أيام الشهر القادم سيحمل عنوان، اهلا بالمستقبل.
زيد سعد يخطط لاظهار تركيب يتحدث عن القنابل العنقودية والتي ما تزال تستخدم في معارك اليوم رغم تحريمها من اقبل أكثر من 120 بلدا. وعندما كان طفلا فقد استخدمت هذه القنابل في العراق وما يزال يتذكر كيف ان شكلها كان يجذب الأطفال.
يقول سعد للغارديان "القنابل العنقودية غير المنفلقة موجودة في مناطق على الارض العراقية وما تزال تتسبب بقتل أطفال لانهم عندما يشاهدوها يضنون انهم بإمكانهم اللعب بها . انا سأظهر في ادائي حجم القنبلة الحقيقي من حديد وبلون احمر ، أي يشابه لون الدم ، ولكن شكل القنبلة سيكون على هيئة بالون يمثل الأطفال مع احلامهم".
وسيرافق هذا المقطع التمثيلي فيلم شريط فني من فنانة إيرانية حول نفس الموضوع. اكثر من نصف الفنانين الذين مضوا اشهر يعملون على هذه المشاهد هم من العنصر النسوي اللائي وجدن في مجموعة تركيب منصة لحرية التعبير.
أعضاء مجموعة تركيب جاؤوا من أوساط فنية متعددة تشتمل على الفن التشكيلي والفن الادائي والموسيقى والادب وفن التصميم الداخلي والفن المعماري وتصاميم الخط واللوحات الجدارية وفن التصوير. كل سنة من مهرجان التجوال في بغداد يعقد في مكان مختلف لسرد حكايات عن المدينة من وجهة نظر فنية.
وبمناسبة سنة تشكيلها العاشرة ، تزور مجموعة تركيب نفس المكان الذي انطلقت منه في مهرجانها وكذلك تعرض اعمالها في متحف بغداد للفن الحديث الذي افتتح عام 1962 ويعد رمزا للفن الحديث المعاصر العراقي في ذلك الوقت.
يقول سعد "في هذه السنوات العشر تجولنا في شارع الرشيد الشهير وفي متنزه الزوراء العائلي وفي شارع ابي نواس المطل على نهر دجله وفي كل جولة نشعر باننا نقدم شيئا ومعنى جديدا للاماكن التي نذهب اليها بشكل جماعي".
جولة بغداد للعام الماضي كانت برعاية عضو الفريق الفنان، عاطف الجفال، 23 عاما ، الذي عرض أرشيفا صوتيا عند ساحة المتحف العراقي حيث آثار حضارة وادي الرافدين التي تمثل فخر العراقيين وكان جمع من الناس يستمعون لما يقال عبر سماعات على آذانهم ، منهم من كان يبكي متأثرا بما يسمع ، واخرون كانوا يستمعون بتركيز.
يقول الجفال "سلسلتي تدعى الخزامة وهو عمل فني صوتي يجمع ما بين الموسيقى العراقية القديمة من عام 1041 الى العام 2020، وهناك موسيقى عربية وكردية وقسم أغاني مسيحية حربية، وايقاعاتها توحي من بلدان مختلفة مثل ايران وفلسطين".
وتقول الغارديان ان المجتمع العراقي الذي عانى على فترة عقود من الدكتاتورية والحرب والعقوبات الاقتصادية والاحتلال والانتفاضات قد تأثر بمجموعة الجفال الموسيقية. ويقول الجفال "أبناء بلاد الرافدين قد عانوا كثيرا للتخلص من الصدمات التي عاشوها عبر التاريخ ويحاولون صياغة حياة جديدة".
الجيل الجديد يحاول سرد حكاية تاريخ بغداد من جديد ويرفع صوته ضد حالات الفساد والتدخلات الخارجية التي ما تزال تؤثر عليهم.
وبعد يوم من فعالية الجفال تحول فريق تجوال بغداد الى منطقة جسر الصرافية . وكان الجسر خلال فترة السبعينيات يمر عبره قطار وتوقف عن العمل بعد قصفه من قبل الاميركان في حقبة التسعينيات.
يقول سعد وهو ينظر الى نهر دجلة من على فوق الجسر " في ذلك الوقت كان الوضع الاقتصادي في العراق صعبا جدا بسبب العقوبات الاقتصادية ، تمت إعادة بناء الجسر بقطع حديد السكك . وفي العام 2007 تم تدمير الجسر أيضا بسيارة مفخخة واعيد بناؤه أيضا".
مع اقتراب وصلة الجفال الموسيقية من الانتهاء ، بدأت موسيقى واصوات أخرى تطغي على المسامع ويبدو ان المستمعين بدأوا يشعرون بالارتياح. تقول دينا، 23 عاما، التي تخرجت مؤخرا من اكاديمية الفنون " لقد عشنا هذه المرحلة واستطعنا ان نحقق التغيير في مجتمعنا ، كانت الانتفاضة الشيء المميز في تاريخنا منذ ازمنة طويلة . انها ثورتنا". وكانت دينا تشير الى الانتفاضة الشعبية في تشرين الأول عام 2019 التي بدأت في بغداد وانتشرت الى محافظات أخرى.
ومضت بقولها " الانتفاضة هي شيء جيد ان يموت المرء من اجلها بشكل او بآخر، انها من اجل مستقبلنا جميعا".
• عن الغارديان