محمد حميد رشيد
كلما فشلت (الدولة) وسلطتها وأوغلت في الفساد بشتى أنواعه وكلما كانت أجهزتها موغلة في القسوة والظلم وتتكامل مع أجهزة من خارجها(منفلتة) عنها كلما فقدت الدولة إحترامها وأنعدمت مصداقيتها وفقدت صفتها و قيمتها الرسمية وإحترامها وكلما سخرت الدولة لفرض الإرادات الشخصية والمتعسفة والمصالح المتدنية الخاصة أزدادت الفجوة بين الشعب والدولة وفقد الشعب ثقته بالدولة وتبراء منها وسعى بكل جهده للتغيير ؛
فأذا كانت هناك (إنتخابات دورية) الغاية الأولى منها هو (التغيير) و(أختيار الأفضل) وإقصاء الفاشلين والفاسدين سعياً نحو (التغيير الديمقراطي السلمي) فإذا كان هذا الطريق سالك ومتاح وبلا تزوير ويعبر بصدق عن إرادة الشعب عندها يكون للشعب أملاً في التغيير (السلمي) المتدرج في التغيير حتى ولو كان بطيئاً. فإذا فشل هذا الطريق وأنعدم التغيير الديمقراطي السلمي أو فشل في إحداث التغيير المنشود وبالعكس إزداد الفشل فشلاً وتطور الفساد وتضخم وتنوع وإستشرى وتجبروترسخ الفساد وإستمراء الطغات طغيانهم وأستخفوا بشعبهم غير مدركيين أن الجهل لا يدوم والخوف لا يبقى وسيكسر في ظل (عولمة) تبارت ونشطت في تصغيرالعالم ليصبح غرفة واحدة بلا ستائر وبلا حواجز لينطلق الرفض في لحظة ما وعندها لا تستطيع هذه الفجوة (المخملية) الصمود أمام واقع الشعب وكلما تساقط رموز الدولة ورجالاتها بعين الشعب تهاوت الدولة معهم وفقد الشعب (الثقة) والأمل بالسلطة التي إنحاز لها الفاسدون الفاشلون المقرفون وإنحاز الفقر والتخلف والمرض إلى الشعب فكان القانون التاريخي الذي لا مرد منه ولا إنفكاك عنه أن تبدأ الرغبة في التغيير تتحرك باحثة عن مخلص مهما كان ثمن هذا التغيير باهضاً عندها لن يستطيع (القمع) إلا ان يزيد ثمنه ويبالغ في قسوته ودمويته عله يوقف هذا التغيير وحتى لو قمع مرة فسيتحول إلى (حلم) وطموح غالي لابد له أن يتحقق في برهة زمنية أخرى وقد تنجح (السلطة) في خداع الشعب في صناعة تغيير مزييف ما يلبث الشعب أن يكشفه ويعود الصراع بين الحق والباطل من جديد.
ومن خلال إنعدام الثقة بين الشعب والسلطة وإزدياد الفجوة بينهما وعجز (السلطة) عن فهم الشعب والإقتراب منه وفهم أن السلطة مرتبطة بالشعب عن طريق (عقد إجتماعي) وإن السلطة الحقيقية للشعب وهم ممثليه وإعتماد السلطة على (القبضة الحديدية) يسوقهم غباء المتعجرف (غرور القوة) وسيستمر ذلك ما لم يتوقف مسلسل الولاء قبل الخبرة والكفاءة والغباء مع السلطة يورث الكوارث كما نراه في العراق كل يوم وما لم يعود الوعي للدولة والسلطة وتعود (الدولة الراعية والدماغ المتطور المدرك أنه في خدمة الشعب وموظف عنده وعليه أن يبدع في كسبه والأقتراب الشديد منه وفهم معاناته وعقله وثوابته الإجتماعية والدينية والإخلاقية حتى لا ينفصل عنه ويحتقره ويعتقد أن السلطة راعية للفساد بكل أنواعه والشعب لن يقبل بأستمرار تربع الطغاة الجهلة والفاسدين مالياً وأخلاقياً وإجتماعياً على رقبته ومتى ما أنعدمت (الثقة بين الشعب والسلطة) كان لابد من (التغيير) لا محالة والذي يبداء بفكرة التغيير لذا أقتربت (سيناريوات التغيير) من ضمير الشعب وكلها وجدت لها صدى لدى الشعب ومنها (سيناريو الاستاذ فايق الشيخ علي المبني على تدخل عسكري خارجي عنيف مباشر يسقط كل رموز الدولة التي لن يأسف الشعب عليها لإيغالها بالفساد والسقوط الإخلاقي (حتى دون أن تمارس الدولة سلطتها وتعلن عقوبتهم وعزلهم عن الحياة العامة لإمتصاص جزء من نقمة الشعب وسخطه) ومن أحدث سيناريوات التغيير ما سيكون عبر الإنتخابات القادمة وإكتساح (الصدريين) لها وفوزهم بأغلبية ساحقة يمكنهم من أزاحة كل الرموز والقوى السياسية التقليدية الحالية ويشكل الحكومة وأمعاناً في مجاملة الحس الجماهيري الشعبي فأن رئيس الوزراء سيكون مستقلاً قوياً مدعوماً ولا ينتمي إلى الكتلة الصدرية !. وستكون حكومة تصحيح الانعواج في العملية السياسية, وعودة الأموال المهربة والقضاء على الفساد والفاسدين نعم قد تكون هذه السيناريوات نوع من الايحاءات وقد تكون تهديداً مبطناً وقد تكون نوع من المورفين) ؛ وقد يكون مجرد حلم يغازل طموحات الشعب وأحلامه.
لكن (التغيير) قادم لا محالة فمستوى الفساد والفشل وصل لنهايته ولابد منه وإلا سيكون هناك (إنفجار) غير منضبط وستعجز كل (القوى والأجهزة الضابطة) لحركة المجتمع وحتى (القوى الوطنية الواعية) المنتمية إلى الجماهيرعن إيقاف هذا التغيير الذي سيزيح كل من يقف بوجهه لأزاحة الفساد والفشل والإقتصاص منهم وسيكون الإنفجار أكبر من كل القوى الغبية التي تحمي النظام وتمسك بكل مفاتيحه وأمتيازاته وتحضى بكل مغانم السلطة والنفوذ والقوة . إن لم تنجح الدولة بالتغيير السلمي الذاتي نحو الأفضل والأحسن وأمتصاص النقمة وذلك الشعور المتنامي بالسخط والثورة على كل هذه الأخطاء الكارثية فأن التغيير قادم بكل تأكيد وهذا هو "جزء" من ما ستؤول إليه تسلسل الأحداث على ضوء التعقيدات والازمات التي يذهب إليه الأطار في ضوء إنفراده في إدارة العملية السياسية وإدارة الدولة وتخوفه الكبير من المستقبل وتراجع جماهيريته وفساد أدواته مع البيان أنه جاء بتنازل هائل من التيار الصدري الذي يعد عدته للعودة الحاسمة وكذلك تراجع ادائه السياسي امام حلفائه السُنة والكرد وتراجع المناخ الديمقراطي في العراق والتدخلات المفضوحة في القضاء العراقي ومحاولات الضعط عليه ... كل هذا و(أشياء أخرى خارجية وداخلية) كلها تدفع نحو (التغيير) ولا ينفع إنكار بديهيات وتجارب التاريخ قد يطول الزمن أو يقصر لكنها حقيقة واقعة سيواجهها الشعب العراقي .
لعل أمريكيا هي العامل المشترك الأعظم في (أغلب) سيناريوات التغيير بشكل مباشر أو غير مباشر لأمساكها بالكثير من مفاتيح التغيير ولكونها (قوة مؤثرة) رغم أبتعادها عن طموحات الشعب العراقي ولكن يبقى الحل الوطني الحقيقي ليس بيد أمريكيا ويبقى (التغيير السلمي الديمقراطي) هو الأمثل والأسلم وقد يكون الحل الأصعب والأطول ويتطلب جهاد ومصابرة وقد نشهد (توبة) بعض أركان السلطة وقفزهم من مركب الفساد المخجل والفشل المحدق إلى مركب الجماهير . التغيير قادم لا محالة فمن سيحكم هذا التغيير هل (الاطار) أم القوى و (عوامل التغيير الاخرى)؟!ِ.
ومثلما كانت الثقة بالدولة ضرورية للشعب فإن ثقة الدولة بالشعب لا تقل أهمية بل هي صمام الأمان الأخيرلها وحائط الصد المنيع ضد كل الأعداء الداخليين والخارجيين ولا مقاومة من دون إرادة وطنية واحدة ولا نهضة من دون مشاركة شعبية والشعب أداة الحكومة الأولى في تنفيذ القوانين وتطبيق خطط الدولة والرقيب الأول على أجهزتها. لا دولة من دون شعب