TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > هل اليد الخفية تواجه الأتمتة الكمركية ؟

هل اليد الخفية تواجه الأتمتة الكمركية ؟

نشر في: 21 إبريل, 2024: 10:27 م

ثامر الهيمص

كما هو معروف في الاقتصاد الراسمالي التقليدي ماقبل كينز الاقتصادي البريطاني ، الذي جاء في نظريته الفاعلة في نقد الفكر الراسمالي ومؤسسه او منظره ادم سمث ، لمواجهة الكساد الحاصل عام 1929 ، حيث اطلقت اليد الخفية كما معلوم ،

كمنظم للسوق من خلال عملية العرض والطلب التي تحدد الاسعار للسلع والخدمات ، وهكذا ولا زالت اليد الخفية الراسمالية تحدد عمليا العرض والطلب في ضوء السعر ، لتتكرر مثلا بشكل ساطع في امريكا عام 2008 ، بالتحديد في ازمة مصرف ليمان برذر المعروفة ، لتصل ارتداداتها الى الاطراف الهشة في اليونان بشكل حاد وحتى دول الخليج وصولا لاقتصادات ناشئة في جنوب شرق اسيا .

فقد رفض كينز كليا مبدأ اليد الخفية ، واثبت ان عمليات التحول في المجتمع الراسمالي لا تتم تلقائيا ,كما انها لا يمكن ان تصحح نفسها بنفسها ، وانه ليس هناك اتجاه حتمي وطبيعي للاقتصاد للاتجاه نحو وضع التوازن الذي يحقق التوظيف الكامل ، ومن هنا يأتي التدخل الحكومي لتصحيح عدم التوازن من خلال سياسة الاستثمار ومن خلال السياسات النقدية . ( د. عبد الرزاق الفارس / الحكومة والفقراء والانفاق العام /ص26/ 1997) .

ومع ذلك استمرت الخفية العابرة للحدود في فرضها كما حصل لدينا في ليبرالية مجلس الحكم وكما انعكست في ظل اجوائه والبيئة الثقافية الحاضنة ، التي فرضت ، فاثرت في الصياغات القانونية من خلال الدستور حمال الاوجه كلما استمرت عملية ركن مشاريع القوانين على رف التأجيل ، من قانون النفط والغاز واخواته ، كانعكاس للمواجهة كما تجسد في الصراع بين اليد الخفية واذرعها والاتمته الالكترونية .

وهذا السياق يبدو عالميا رغم الفشل الدوري لازمات الراسمالية المعاصرة خصوصا كما يمثلها دهاقنة اليمين من نادي الشاي الامريكي الى اليمين الاسرائلي مرورا بالنازية المعاصره ، كما نراها عبر الفضائيات في غزة ،التي باتت رمزا لكشف العورات الرسمالية المعاصرة .

فالامر يتطلب اختراع ادوات جديدة تسمح باستعادة لجام الراسمالية المالية التي انفلت عقالها ، وبتجديد وتحديث عميق ومستديم لانظمة الضرائب والتحويلات والنفقات التي تقتضيها دولة اجتماعية حديثة ، قد تشعبت بشكل قد يهدد بشدة منطقها ذاته ، وكذا كفائتها الاجتماعية والاقتصادية . ( توماس بيكيتي /راس المال في القرن الحادي والعشرين /ص 508 / ترجمة وائل جمال وسلمى حسين / 2016).

وقد كان بلدنا مسرحا لصراع الراسمال العالمي والاقليمي في سياق وادلجة اليد الخفية واذرعها الاقليمية والدولية ، نموذجا حيا لهذا الصراع متجاوزا حدوده التقليدية من انظمة وقوانين التجارة الدولية والسيطرة النوعية وصولا للمنافذ غير الرسمية , وحسب ما جاء بصحافتنا اليومية مثلا, من ايرادات المنافذ الحدودية المفترضة 8 مليار دولار سنويا ووارد الدولة الفعلي مليار واحد فقط . ( طريق الشعب ليوم 24/اذار 2024) . اي مليار واحد للدولة وسبعة مليار لليدين الخارجية والداخلية من خلال المنافذ غير الرسمية والشكلية, هذا حصاد اليد الخفية للراسمالية العالمية والاقليمية والداخلية , حيث تسيدت اللوجستيات اي الخدمات التجارية على اسيادها الزراعي والصناعي . كتجسيد لصراع الاتمتة الكمركية لمواجة غول الايادي الخفية ومن ورائهما . انها قسمة ضيزى .

هذا رغم ان دستورنا هنا صريح في مادته 110 ثالثا : رسم السياسة المالية ، والكمركية ،واصدار العملة ، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الاقاليم والمحافظات في العراق ، ورسم السياسة النقدية وانشاء البنك المركزي وادارته . اذن في هذه الحالة لدينا مرجعية في مواجهة اليد الخفية من خلال رسم السياسة الكمركية .

وبما ان اليد الخفية لا زالت فاعلة رغم الرعد والزبد ، فأن الخلل ليس قانوني اولا ، ولذلك تأتي عملية الاتمته الالكترونية حلا لاشك لاشكاليات اليات الكمارك ، ولكن من هي الحاضنة المستفيدة سواء اداريا او قانونيا او سياسيا . لذا يتبغي ومن خلال رسم السياسة المالية , الاستفاده من الموقف العقلاني للورد كنز في التدخل الحكومي ، بايجاز شديد اعتماد الشراكة بين القطاعين العام والخاص سواء كشركات مساهمة او متكاملة كلا حسب دوره. علما لدينا نماذج للنجاح في القطاعي الصناعي المختلط في العمل الصناعي ، وتجربة تجارية وليدة في بداية الاحتلال ، من قبل اليد الخفية . وهي تجربة الشراكة بين مستوردي او وكلاء الشركات الرسميين للسيارات والمكائن والمعدات وادواتها الاحتياطية . اذ تعلن الشركة العامة لتجارة السيارات من خلال استعداد الموردين ، ويدفع المشتري المبلغ كاملا لحساب الشركة العامة لتجارة للسيارات يودع في احد المصارف , ليقوم المورد باستيراد السيارة حسب المواصفة العراقية (5072) ، واخر موديل ، ويتم استيراد السيارات في ضوء ذلك بالتنسيق المباشر مع وزارة التجارة باصدار الاجازة بالاستيراد باسم الشريك المستورد ، وبعد استلام الزبون سيارته ، يدفع المبلغ للمستورد بايعاز من الشركة للمصرف صاحب العلاقة ، ناقصا 5% للشركة العامة للسيارات كعمولة ، تخصم 10% من قية الادوات المستورده لتغطية كلف الخزن ، وهكذا استوردت الشركه العامة لتجارة السيارات للقطاع الحكومي سيارات واخرى تخصصية مثل سيارات الاطفاء و الاسعاف . ونجحت التجربة بحيث غطت عمولتها بتلك الفترة رواتب ومخصصات العاملين ، التي باتت ولا زالت عبئا ماليا مكلف للدولة . ولم يتم استيراد خارج المواصفة ونستلم المنفستات من المنافذ الرسمية برسموها وضرائبها .

ولكي تكون الشراكة مع القطاع عملية هادفة رادعة للانفلات الكمركي والضرائبي والتقيد بالمواصفة الخليجية ونستورد حسب استيعاب شوارعنا ونتأهل للتكامل عمليا مع مشلروعنا التاريخي طريق التمنية ، علينا اولا اعادة العمل بتجارة السيارات وازدرها بعد نجاحها اي قبل ان تفترسها الايادي الخفية ولكي لا تكون يتيمة في غابة غيلان اليد الخفية ان نمد التجربة للقطاعين العام والخاص الزراعي والصناعي ،لتتوسع عمليات المشاركة بين القطاعين في القطاعات الثلاثة الصناعة والتجارة والزراعة , فلنمد الشراكة للانشائية والاسواق المركزية ، لنحقق كمرحلة اولى تأسيسية ’ لها هدفين الاول التمويل الذاتي والثاني حماية الصناعة بعد تحديد الاسقف للتجارة الاستهلاكية عموما , فمثلا نحدد تجارة السيارات لفسح المجال لمصانع الاسكندرية ، وتحجيم الملابس لانعاش معامل النسيج والجلود العراقية , وهكذا في المواد الانتاجية , للانصراف للمواد الانشائية العراقية وتطويرها بل ازدهارها ونحن مقبلين على مشروع طريق التنمية الذي هو لوجستيات اولا لنتكامل معه صناعيا وزراعيا ونحمي كما نحمي تجارة المواد الزراعية الموسمي لنمده لكل فصول السنة في ظل تطور تكنولوجيا الزراعة والصناعة ,وصولا للتحكم في استيراد المواد الغذائية بما ينسجم مع المواصفة العراقية والتفاعل مع المنتج الوطني بحمايته وازدهاره

لتأتي البنية التحتية في الطرق والجسور مشتركا اعظم للقطاعات الثلاث . فليس من المعقول او المقبول : مصرع 2151 عراقي و8000 حادث سير في عام واحد .وتعزى الحوادث عموما الى قدم الطرق وعدم تأهيلها وعدم وجود العلامات المرورية والدلالات فيها وعدم وجود متطلبات السلامة والسياج الامني والكامرات . ( جريدة المدى /4/نيسان / 2024) .

اذن الطرق والجسور لا تحتاج لانفلات في استيراد مزيدا من السيارات لتصبح اربعة ملايين سيارة في بغداد واكثر من ضعفها في المحافظات .,فالخطوة الاولى تبدأ من دوائر الدولة هي ان لا تستورد الا من خلال وزارة التجارة ودوائرها ذات العلاقة . ويتم تحديد المواصفات والاعداد والكميات من قبل وزارة التخطيط , فمثلا السيارات عندما يكون مفتوحا غير محدد بضرائب او رسوم تصبح الطرق المتهالكة وهي تحتاج لا كثر من الفي شارع غير مبلط او متقادم الان , لذلك يأتي تسقيط الموديلات بموجب مقاييس التلوث والامان من حيث المبدأ , لنستفاد من المسقط كمادة اولية لمعامل الحديد والصلب من السكراب عموما ’ اسوة بالنفايات وامكانية الاستفادة منها .

فاليد الخفية بانواعها الثلاث باتت لا تعمل وفق معادلة العرض والطلب كما تتحدث مرجعياتها بعد تجارب مرة، ولنا تجربتنا، فاليد الخفية كما زعم منظريها لم تبني سوى قطاع طفيلي يبلع حتى المنافذ من التهريب وغسيل الاموال والتهرب الضريبي وتهريب الاموال، لعشرين عاما ولا نجد اصدق من هيئة النزاهة عمليا كما تمسك اليد الخفية متليسة , ومع ذلك تصبح الاتمته الكمركية والحوكمة الالكترونية هي الابتكار والحل الذي لا يشك في نزاهتها وهي بلا اجندة ايديولوجية او شعارات ومواعيد ، انها المصداق الاوحد عندما تكون المعيار الاخير ، لتلتقي الاطراف باتخذها حكما كونها لا تتهم كعمل لا تنالها الايادي الخفية ، وهكذا تبدا التنمية المستدامة وليست الموسمية فقط ، وبشر الصابرين .

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram