الموصل/ سيف الدين العبيدي
تعلم قراءة المقام الموسيقي يعد امراً صعباً جداً، ويحتاج الى موهبة ورغبة جادة به، لكنه لم يصعب على الشاب الموصلي عبدالرحمن العبيدي، وذلك لما يمتلك من شغف كبير وموهبة فنية، ليصبح أصغر قارئ مقام في الموصل وهو في الـ23 من عمره.
عشق الانشاد الإسلامي والموسيقى منذ طفولته، وهو من عائلة متدينة وتمتلك اصوات جميلة بهذا المجال، شق طريقه دون دعم من شخص، لأن نينوى تفتقر الى قراء المقام وتعليمه في الوقت الحالي، وبدأ في سماع المقامات وتطوير إمكانياته الى ان وجد حاله قد وصل الى مستوى جيد، بعد اشادة كبيرة من اصحاب الاختصاص.
العبيدي يروي في حديث لـ(المدى)، أنه "بدأ التعلم في سن الثامنة من عمره من خلال الاستماع إلى كافة قراء المقام، وأبرزهم ملا عثمان الموصلي، وبدأ ينشد ويقلد الاصوات سواء في المدرسة او بالمنزل او مع الأصدقاء".
واكتشف انه "لديه خامة صوتية، ثم تعمق في التعرف على الاغنية والموشح والمقام، ويستفسر من اصحاب التخصص في العراق والدول العربية، وحفظ المقامات من خلال السمع واتقنها بشكل تدريجي ".
بعد ذلك دخل في عالم الموسيقى وصنع لنفسه سبعة الحان لغاية الآن اولها نفذها في نهاية عام 2018، واحدها قد اقتبسه من لحن لملا عثمان وحولها من مقام البيات الى مقام الكرد وغير في الجواب والإيقاع ونقلها من تراثي قديم الى فلكلوري حديث، وقد دعم القضية الفلسطينية من خلال انشاداته خصوصاً مع عملية طوفان الاقصى.
وعانى العبيدي كثيراً خلال فترة سيطرة داعش على المدينة، فقد كان يستمع فقط وينشد بصوت منخفض، لأن ما كان يفعله هو ممنوع لدى عصابات لتنظيم الارهابي.
في عام 2020 دخل مجال الهندسة الصوتية وبدأ بجهاز حاسوب صغير ومنه صنع استوديو متكاملا سجل من خلاله اعماله وعدة اناشيد لأصدقائه، لكن الاستوديو تعرض الى الاحتراق بالكامل قبل عام، رغم ذلك لم يتوقف ويفكر في اعادة تأسيسه من جديد.
وفي الآونة الاخيرة عمل العبيدي على تقديم أول ورشة تدريبية لقراءة المقام، كانت قبل شهر رمضان لأربعة مواهب من اصدقاءه وهي تدريبات الاولى من نوعها في أم الربيعين.
ثم قدم تدريبات لـ6 مواهب أخرى قبل شهر، وهو في طور إقامة ورشة ثالثة ستكون في حزيران او تموز المقبلين تضم 20 موهبة من الفتيات والشبان.
وشملت تدريباته تعليم المقامات الرئيسية وهي الصبا، نهاوند، العجم، البيات، سيكا، الحجاز، الرست، الكرد، والتي جمعت في كلمة "صنع بسحرك"، وتعليمهم الفرق بين الاغنية والموشح والكورال وفنيات تخص الحجرة وكيفية استخدام "المايك" والتنسيق مع الموسيقى.
الى جانب تمارين عن النفس كيفية تطوير القدرات الصوتية، وكيف ان يغنوا المقام مع استخدام العرب الصوتية والجواب والقرار والركوز مع مخارج صحيحة.
وبين ان المقامات لها افرع عديدة، لكن مقام البيات هو سيد المقامات، لأنه يحوي على اكبر عدد من الافرع الغنائية وسهل التعلم، وهو اكثر رغبة لدى العراقيين لأنه سلس ويجمع الطرب، الشجن، الحنان، الخشونة.
واكد ان الغوص في تعلم المقامات يؤدي للوصول إلى التلحين، وقد لحن لنفسه عدة اعمال، مشيرا الى ان الفنان الكبير صباح فخري كانت له الحان خاصة به استمدها من المقامات، الى جانب ألحان ملا عثمان الموصلي التي مازالت تدرس لغاية الآن.
ويطمح العبيدي في ان يطور من قدراته الصوتية وان يجذب قلوب الناس بالغناء والانشاد، قائلاً "ان ديننا سمح يقبل الفن والانشاد والتطور والحداثة وغايتي هي إحياء الروح من خلال الإنشاد الإسلامي الروحي الثقافي".